22-أغسطس-2021

(Wikimedia)

عرف السودان قديمًا بزراعة القطن طويل التيلة، والذي يزيد طول تيلته عن بوصة ويعد أفضل أنواع القطن. وتنتشر زراعة القطن المطري في منطقة جبال النوبة الاستوائية، ومنطقة الدمازين، إضافة لوجود أنواع متفرقة من القطن المروي.

ويعد القطن تاريخيًا موردًا رئيسيًا للسودان، وخلال السنوات الأخيرة، كان من الملاحظ قلة الاهتمام إعلاميًا وسياسيًا بهذا المورد المهم، لعدة أسباب منها التحولات السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد. فهل يعود "الذهب الأبيض" لاستعادة مكانته وعرشه على قمة الاقتصاد السوداني؟ في هذا التقرير نقتفي أثر الإجابة من المهتمين بالمجال.

مجهودات مضاعفة

يقول الإعلامي والمتخصص في الشأن الزراعي سموأل بدوي، إن القطن يعد من المحاصيل الرائدة في دعم الخزينة السودانية، وشهدت السنوات الفائتة تدهورًا على مستوى إنتاجية القطن. 

متخصص في الشأن الزراعي: عودة تصدر القطن السوداني للأسواق العالمية يحتاج مجهودًا من الدولة والقطاع الخاص

وبحسب سموأل بدوي، فإن بالمقارنة بين القطن المحور وراثيًا وأصناف القطن التقليدية، نجد أن الأصناف المحورة وراثيًا أقل تكلفة من زراعة القطن العادي، وبلغت نسبة الإنتاجية في بعض المناطق حوالي (35) قنطار في الفدان بمناطق ولاية الجزيرة وغيرها. 

اقرأ/ي أيضا: الحكومة تمول أدوية لصالح الإمدادات الطبية وتضع ثلاثة أسعار صرف

وبحسب ما يرى بدوي، فإن عودة تصدر القطن السوداني للأسواق العالمية، يحتاج مجهودًا من الدولة والقطاع الخاص في عملية التسويق، وتأهيل البنى التحتية للمحالج. ويضيف أن التحدي الأكبر هو التعامل الجيد مع محصول القطن للموسم الحالي، في ظل توقف عدد من المحالج عن العمل، ما يستلزم التدخل العاجل من الدولة والقطاع الخاص.

تحديات زراعة القطن

تاريخيًا ارتبط القطن بمشروع الجزيرة في بدايات القرن الماضي، في مساحة تقدر بـ(250) فدان، واختار المستعمر البريطاني الزراعة بأرض السودان لتميزها بالمناخ المداري والتربة الطينية المتشققة. وأنشئت أكبر محالج للقطن بأفريقيا في السودان، وبحسب الإحصاءات فإن زراعة (400) ألف فدان من محصول القطن، يحتاج لما يقارب (20) ألف عامل لقطف القطن.

وتزرع في مناطق السودان سنويًا مساحات تقارب الـ(60) مليون فدان، (56) مليون فدان منها تعتمد على القطاع المطري و(4) مليون فدان على الزراعة المروية، لإنتاج المحاصيل المختلفة، وتتوزع في مناطق متفرقة من القضارف والدمازين وجنوب كردفان وطوكر ودلتا القاش.

اقرأ/ي أيضًا: خبير تعدين: مجلس الوزراء مغيب عن ما يحدث في شركة الموارد المعدنية

ما هي التحديات التي تخلق مأساة القطن وتمنع تصدره للمشهد الاقتصادي؟

يجيب عضو اللجنة القومية العليا لإنجاح الموسم الزراعي، محمد عصام، بالقول: "شهد العام الحالي نتائج غير مسبوقة في زراعة القطن بالقطاع المطري، حيث تم زراعة مليون فدان من محصول القطن، توزعت على مساحة (400) ألف فدان بولاية النيل الأزرق و(600) ألف فدان بمناطق متفرقة بولاية القضارف".

عضو اللجنة القومية العليا لإنجاح الموسم الزراعي: زراعة مليون فدان من محصول القطن خلال الموسم الحالي

ويؤكد عضو اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي، بأن استثمار (2) مليون فدان زراعيًا من شأنه إحداث توازن اقتصادي، وتحريك دورة الاقتصاد السوداني.

إذن ما هي التحديات أمام زراعة القطن؟ يقول محمد عصام إن المزارعين بالقطاع المطري ما زالوا يعتمدون على تقاوي غير مجازة من هيئة البحوث الزراعية، إضافة لصعوبة حصول صغار المنتجين الذين يشكلون نسبة (90%) على التمويل الكافي، ووجود محلجين للقطن بولاية القضارف وآخر بولاية النيل الأزرق -والحديث لعضو اللجنة القومية العليا لإنجاح الموسم الزراعي- ضعف الاهتمام بالقطاع المطري، والبنى التحتية التي لم تشهد تعديلًا منذ ما يقارب (50) عامًا، وعدم الاهتمام بالإرشاد الزراعي.

السوق

من جانبه يرى المحلل الاقتصادي مجاهد خلف الله، أن القطن مثل بقية المحاصيل الزراعية الأخرى، وتعتمد المساحات المزروعة منه في موسمٍ ما على كمية الطلب المتوقع والسعر النهائي للمنتج. وشرح "عندما ترتفع أسعار محصول آخر منافس، تتم زراعة المحصول المنافس بديلًا للقطن". ويكمل حديثه بالقول، وترسم هالة حول القطن ويسمى "الذهب الأبيض"، وجاء هذا الاسم في وقتٍ كان فيه القطن الصادر الأساسي في السودان.

اقرأ/ي أيضًا: مستقبل النفط السوداني.. تحديات تطوير القطاع وزيادة الإنتاج

وزاد "نتفق إن النظام المُباد أضر بمشروع الجزيرة بسبب الفساد، لكن لم يكن هذا السبب الوحيد لانخفاض إنتاج القطن، والذي بلغ صادره قبل (10) سنوات أقل من (50) مليون دولار، والسبب يعود للانخفاض العالمي في الطلب".

محلل اقتصادي: حاليًا يقارب سعر قنطار القطن (80) ألف جنيه سوداني، ما جعل المزارعين يتوجهون لزراعته

ويكمل المحلل الاقتصادي خلف الله، مع تزايد الطلب العالمي حاليًا، زاد الطلب على القطن وزادت أسعاره بمختلف بلدان العالم، لذلك زُرعت منه مساحات أكبر وصلت حوالي (800) ألف فدان بالسودان. ويقول "منذ العام 2018 تزايدت عوائد القطن وناهزت حوالي (200) مليون دولار".

ويضيف "حاليًا يقارب سعر قنطار القطن (80) ألف جنيه سوداني، ما جعل المزارعين يتوجهون لزراعته، لأن المزارع أكثر فهمًا لقانون العرض والطلب من السياسيين والخبراء الاقتصاديين، وفي حال استقرار الأسعار ستتحسن إنتاجية الفدان بدخول الآليات". 

يبقى القطن سلعة اقتصادية مهمة، تتطلب مزيدًا من البحوث العلمية وتجميع الآراء الاقتصادية المختلفة، لتحسين وزيادة الإنتاجية.

اقرأ/ي أيضًا

سلطة أسواق المال: بورصة الذهب ستعمل على مكافحة التهريب

استخدام بطاقات "فيزا" لأول مرة في السودان بعد عقود من العزلة المالية