أكثر الشعارات التي سلطت الأضواء على أهداف ثورة ديسمبر صورة فتاة تحمل قصاصة ورقية جرى تداولها على الشبكات الاجتماعية اليوم الخميس بالتزامن مع المسيرات السلمية المؤيدة للانتقال المدني. صورة فتاة حملت قصاصة ورقية كتبت عليها "لا نباري ترك ولا بنباري سلك والشعب هو المرق"، في إشارة إلى أن الانتقال المدني غاية أساسية بمعزل عن الأشخاص.
على الرغم من الشعبية التي تتمتع بها لجنة التفكيك وقياداتها خاصة في خضم الخلاف بين المكونين العسكري والمدني، إلا أن شعارات قوية ظهرت إلى العلن من الحشود التي تقاطرت اليوم إلى وسط العاصمة.
رغمًا عن شعبية لجنة التفكيك، إلا أن هناك شعارات قوية صعدت إلى السطح، وهي مطالب تتجاوز المكونين العسكري والمدني
وترك الذي أشارت إليه الفتاة الثائرة قرب مقرات القصر الرئاسي ولجنة التفكيك هو الزعيم الأهلي الذي يقود احتجاجات في شرق السودان، ويغلق مؤيدوه الموانئ منذ (13) يومًا ويشترط إقالة الحكومة المدنية.
اقرأ/ي أيضًا: محللون وسياسيون يقترحون مائدة مستديرة لمنع تفكك البلاد
أما "سلك"، فهو خالد عمر يوسف وزير مجلس الوزراء والذي ظهر في منصة لجنة التفكيك هذا الأسبوع في رد فعل على الخلافات المتصاعدة بين المكونين العسكري والمدني في مجلس السيادة الانتقالي.
حينما بدأت الحشود تتوافد على محطة شروني للحافلات جنوبي الخرطوم اكتفت بعض الحشود بالتواجد بين ساحة القطارات والمحطة، ولم يتوجهوا صوب لجنة التفكيك.
وترفض بعض المجموعات التي تقود الحراك السلمي اختزال المعركة بين العسكريين ولجنة التفكيك ومجلس السيادة الانتقالي، أو حتى مجلس الوزراء الذي يقوده المدنيون برئاسة عبدالله حمدوك.
ويردد هؤلاء الشبان والفتيات بمبررات في نظرهم منطقية، أن الحكم المدني لن يتحقق دون التسلسل في بناء الأجسام الثورية التي تحقق الديمقراطية، لأن من يمثلون الأهداف التي تطرح في الغرف المغلقة عادة ما تنتهي إلى لا شيء، وبالنسبة لهم تجربة عامين من الانتقال كافية للحكم على التجربة.
وتقول "شذى حسن" وهي متظاهرة في محطة شروني لـ"الترا سودان"، إن الحشود التي تعبر عن رفضها للانقلاب العسكري لا يعني بأي حال أنها راضية عن أداء المدنيين، وتضيف: "خلال فترة عامين لم يتحرك المدنيون في السلطة الانتقالية، وعندما اهتزت الأرضية تحت أقدامهم قرروا الدخول في مواجهة مع المكون العسكري لأنهم شعروا أنهم لم يعد لديهم ما يخسرونه".
وتشير حسن، إلى أن المدنيين يجب أن يقدموا "جرد حساب" للعامين الماضيين وأن لا يسمح لهم بالاستمرار إذا لم يظهروا تحسنًا في الاقتصاد وتمتين قضايا التحول الديمقراطي خلال العامين.
وتتابع بالقول: "لا يمكن أن تنتظر نتائج جيدة بنفس الأدوات التي خلفت الفشل".
وحينما ذهبت الحشود صوب القصر الرئاسي ومقر لجنة التفكيك وسط السوق العربي؛ كانت بعض الحشود في محطة شروني وأخرى في محطة جاكسون وبينهما ساحة القطارات تتغنى بالشعارات الثورية التي تظهر إصرارها على وضع السلطة في يد الشعب.
تؤكد مواهب محجوب وهي في العقد الثالث من العمر في تصريح لـ"الترا سودان"، أن الحشود التي خرجت اليوم ترفض الردة عن طريق الدولة الديمقراطية من أي طرف سواء من المدنيين أو العسكريين.
وتقول إن الثقة باتت مفقودة في الأطراف السياسية لأنها قد تتحرك وفق مصالحها، وتضيف: "رغم التراشقات الإعلامية بين العسكريين والمدنيين إلا أن المحادثات بين الطرفين "قد تضع حدا لتلك التراشقات" لكن ما هو مصير أهداف الثورة؟".
وتستدرك محجوب: "نحن نريد تنفيذ البنود التي نصت عليها الوثيقة الدستورية حتى المدنيين الذين شاهدوا الحشود اليوم عليهم ان يعلموا جيدًا أن الحشود جاءت لحماية الفترة الانتقالية من الانتكاسة بالتالي التطلع نحو غاية ديمقراطية ودولة المواطنة".
ومن أبرز التحديات التي تواجه المدنيين في الفترة الانتقالية عدم الوصول إلى مرحلة تكوين جيش موحد إذ لم تطرح هذه التحديات على العسكريين حتى الآن بشكل جاد، إلى جانب ذلك هناك قضايا أخرى تتمثل في تأخر المجلس التشريعي وتعطيل التشريعات الجديدة في "التشريعي المؤقت" اجتماع مجلسي السيادة والوزراء. كما أن تفاقم الأوضاع المعيشية والسرعة التي تمضي بها الحكومة مع البنك الدولي لتنفيذ الوصفة الاقتصادية، وهي إجراءات تفرز معدلات فقر عالية جدًا طبقًا للاقتصاديين.
اقرأ/ي أيضًا: عضو بمركزي "قحت": لن نخضع نقل الرئاسة للمدنيين للتفاوض ولا أي مبادرة مطروحة
يقول محمد الصافي وهو ثائر مشارك في الحشود التي خرجت اليوم بالخرطوم لـ"الترا سودان"، إن الحشود تقدم الدعم للمدنيين لتحقيق اختراق في قضايا ملحة مثل تكوين الجيش الموحد وتفكيك دولة الحزب الواحد ومعالجة الأزمة الاقتصادية بشكل ملائم اعتمادًا على موارد البلاد، وهذا يتوقف أيضًا على الإصلاحات في المنظومة الأمنية والعسكرية.
رئيس البنك الدولي من الخرطوم: السودان يمر من الوضع المضطرب والعنيد إلى التحسن المتدرج، وهذا يحتاج إلى الصبر بعض الوقت
يرى الصافي أن هذه القضايا لم تناقش بشكل جاد من المدنيين ولم تطرح على العسكريين بالتالي، فإن الحشود المرة القادمة ربما تقرر الإطاحة بالشق المدني والعسكري معًا.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالبيس من الخرطوم وهو يخاطب مؤتمر عن خطة صندوق النقد الدولي مع السودان، إن "السودان يمر من الوضع المضطرب والعنيد إلى التحسن المتدرج، وهذا يحتاج إلى الصبر بعض الوقت"، بينما يتم طرح تساؤل مهم وسط الفاعلين في الحراك المدني عما إذا كان السودانيون على روشتة اقتصادية قاسية وقوى مدنية لم تفصح عن رغبتها في ديمقراطية تلائم الأجيال الناشئة؟
اقرأ/ي أيضًا
صلاح مناع: ما حدث لخط السكة حديد عمل تخريبي وجريمة ضد الدولة
تنظيم شرطي يعلن مشاركته في "مواكب التحول الديمقراطي" ويدفع بخطة تأمينية