للمرة الثالثة خلال هذا الشهر فقط تستهدف مسيرات انتحارية المدن الواقعة خارج دائرة الحرب، فبعد استهداف مسيرة انتحارية صالة اجتماعية في مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل مطلع نيسان/أبريل الجاري استهدفت أخرى مدينة شندي، اليوم الثلاثاء، فيما سقطت ثلاث مسيرات من مثيلاتها في مدينة القضارف منتصف هذا الشهر.
للمرة الثالثة خلال أبريل المسيرات تستهدف مدن سودانية آمنة
منذ حادثة مسيرة عطبرة في الثاني من نيسان/أبريل الجاري، لم يعلق الجيش على الأمر، حتى تصريحات قادة القوات المسلحة تجنبت الإشارة إليها واكتفى قائد الجيش بزيارة مدينة عطبرة بعد يوم واحد من سقوط المسيرة في صالة مناسبات نُظم فيها إفطار كتيبة البراء بن مالك التي تقاتل مع الجيش ضد الدعم السريع.
استمرت "حرب المسيرات" واستهدفت ثلاث مسيرات مدينة القضارف مطلع نيسان/أبريل الجاري قبل أيام قليلة من عيد الفطر أسقطت الدفاعات الأرضية اثنتين منها، وفي رواية أخرى ثلاث مسيرات، فيما زار قائد الجيش المنطقة خلال عطلة عيد الفطر عقب يومين من تلك الحادثة.
وقال "الخير"، وهو من مواطني مدينة شندي بولاية نهر النيل، وهي مدينة تقع على بعد (300) كيلومتر شمال العاصمة الخرطوم: "سمعنا أصوات أسلحة ثقيلة لم نتعرف على هويتها، كانت قادمة من اتجاه الحامية العسكرية التابعة للجيش في شندي … ثم انتشرت معلومات عن إسقاط الجيش مسيرتين حلقتا فوق سماء المدينة".
وعلى الفور عززت القوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات الوضع العسكري في شندي كونها مدينة متاخمة للعاصمة الخرطوم، وكثيرًا ما هدد قادة ميدانيين من الدعم السريع باجتياحها.
وأكد مصدر عسكري لـ"الترا سودان"، أن عدد المسيرات التي هاجمت الفرقة العسكرية التابعة للجيش في شندي لا يقل عن ثلاثة، جرى إسقاط اثنتين منها، وغيرت واحدة اتجاهها، ولا تزال المضادات الأرضية تتعامل معها. وأضاف: "شندي لن تكون مكانًا للمتمردين"، على حد وصفه.
ويطرح المحلل السياسي أحمد مختار سؤالًا عن الجهة التي تضرب المدن الآمنة والواقعة بمعزل عن دائرة الحرب وتؤوي ملايين النازحين الذين فروا من الحرب في العاصمة ونيالا والفاشر والأبيض وزالنجي والجزيرة؟
يعتقد مختار في حديث لـ"الترا سودان" أن قيادة الجيش مسؤولة عن حماية المناطق الآمنة ومنع انتقال الحرب إليها، بما في ذلك التوقف عن عسكرة الحياة في هذه المدن، لأن مثل هذه الظواهر تدفع الطرف الثاني إلى استهداف المدن الآمنة في سعيها للضغط على القوات المسلحة وتنويع جبهات القتال.
وأضاف: "يتعين على الجيش إصدار بيان رسمي اليوم عن الجهة التي تستهدف المدن الآمنة بالمسيرات".
ولا يتجاوز سعر المسيرات في أسواق السلاح حول العالم (700) دولار أمريكي، لكن السعر يختلف ويرتفع حسب نوعها، وهناك بعض الطرازات التي تحلق لمسافات طويلة جدًا دون الحاجات إلى التزود بالطاقة أو الوقود لساعات تستغرق ست ساعات، وتتميز أيضًا بدقة التصويب نحو الهدف وإرسال الإشارات إلى "التحكم الأرضي".
في حرب السودان يتزايد اعتماد الطرفين على المسيرات التي قدمت خدمات عسكرية في غاية الأهمية
وفي حرب السودان يتزايد اعتماد الطرفين على المسيرات التي قدمت خدمات عسكرية في غاية الأهمية، من بينها تحرير بعض المناطق كما حدث في مبنى الإذاعة والتلفزيون وأحياء أم درمان، حيث تمكن الجيش من التفوق على الدعم السريع عبر طائرات بلا طيار قامت بتوجيه ضربات ساحقة ضد الأهداف العسكرية.
وبالتزامن مع سقوط مسيرتين بواسطة الدفاعات الأرضية للجيش في شندي، حلقت الثالثة لأكثر من ساعة حسب ما ذكر شهود عيان لـ"الترا سودان"، وهي حادثة أدخلت الرعب في قلوب المواطنين وأغلقت بعض المحلات التجارية.