01-مارس-2024
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك

المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك

قال المفوض السامي لمجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة في جنيف، إن الأزمة في السودان هي مأساة يبدو أنها انزلقت إلى ضباب فقدان الذاكرة العالمي.

أكد توثيق الانتهاكات التي وقعت في حرب السودان بشكل جيد والتي تشمل الهجمات العسكرية وتدمير المباني

 وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في تقريره عن الوضع في السودان، حسب بيان صدر اليوم الجمعة، إنه منذ ما يقرب الـ (11) شهرًا تخوض القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وكذلك القوات التابعة لهما، صراعًا شرسًا لا معنى له.

  قتل الآلاف

وتابع المفوض السامي: "لقد قتلوا الآلاف، دون أي ندم على ما يبدو، وصنعوا مناخًا من الرعب المطلق، وأجبروا الملايين على الفرار، وأقحموا الأشخاص الذين لم يتمكنوا - أو لم يرغبوا - بالهروب، في معاناة حقيقية من خلال تدمير الخدمات الطبية ومنع المساعدات الإنسانية".

 وأردف المفوض السامي لحقوق الإنسان بالقول: "تصرفوا باستمرار مع الإفلات من العقاب وافتقار واضح للمساءلة عن الانتهاكات المتعددة التي ارتكبت، واستمروا في الركود في أي محادثات ومفاوضات من شأنها أن تحقق السلام والسلامة والكرامة التي يحتاجها شعب السودان بشدة".

 وسلط التقرير الذي عرض على مجلس حقوق الإنسان اليوم في جنيف الضوء على مجموعة من الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي ارتكبتها الأطراف المتحاربة في السودان بين أبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول 2023.

واستعرض التقرير تفاصيل الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، والتي تتطلب التحقيق والمساءلة، والعديد منها قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم وحشية أخرى طبقًا للبيان.

 وتابع فولكر تورك : "لا تزال الأزمة في السودان اليوم تتسم بالتجاهل الخبيث للحياة البشرية، في غضون أحد عشر شهرًا، قُتل ما لا يقل عن (14.6) ألف شخص، وأصيب (26) ألف شخص".

توثيق الانتهاكات

وقال إن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير، وتشمل الحصيلة آلاف المدنيين، بينهم العديد من الأطفال والنساء، كما فقد العديد من العاملين في المجال الإنساني والصحي حياتهم أثناء عملهم تحت النار لمساعدة المحتاجين.

 وقال تورك : "تم توثيق التكتيكات العدوانية بشكل جيد، تتمثل في هجمات متعددة وعشوائية تضرب المناطق والمباني السكنية".

 وزاد قائلا : "منذ بدء النزاع في نيسان/أبريل الماضي، وثّق مكتبي (60) حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، شملت ما لا يقل عن (120) ضحية في جميع أنحاء البلاد، غالبيتهم العظمى من النساء والفتيات، ومن المؤسف أن هذه الأرقام تمثل تمثيلًا ناقصًا إلى حد كبير للواقع".

 ولفت تورك إلى أن  التقارير أفادت، أن رجالًا يرتدون زي قوات الدعم السريع والرجال المسلحين المنتمين إلى قوات الدعم السريع، مسؤولون عن 81% من الحوادث الموثقة.

 وأضاف: "تلقى مكتبي تقارير مثيرة للقلق عن عمليات قتل ذات دوافع عرقية، بما في ذلك قطع الرؤوس في شمال كردفان، وحوادث في مناطق مختلفة، بما فيها ولاية الخرطوم، وغرب دارفور، وولاية الجزيرة، وسيقوم مكتبي بالمتابعة مع السلطات السودانية لضمان التحقيق في هذه الادعاءات ومحاسبة الجناة".

 الموت بالتعذيب

وعبر المفوض السامي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ على مصير آلاف المدنيين المحتجزين لدى الطرفين والمنتسبين إليهما رهن الاحتجاز التعسفي، وعلى مصير المئات الذين اختفوا ومن بينهم نشطاء سياسيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وأعضاء لجان المقاومة، ومناصرون مزعومون لأحد الأطراف المتقاتلة، وغيرهم الكثير على حد قوله. وقال : "يُزعم أن العديد منهم تعرضوا للتعذيب، والعديد منهم ماتوا متأثرين بجراحهم".

 وأردف تورك : "روعتني الدعوة المتزايدة لتسليح المدنيين، بما في ذلك الأطفال. وقد تلقى مكتبي مؤخرًا تقارير عن قيام قوات الدعم السريع بتجنيد مئات الأطفال كمقاتلين في دارفور، كما فعلت القوات المسلحة السودانية الشيء نفسه في شرق السودان".

وحذر تورك من أن هذه الممارسات انتهاكًا صارخًا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، والذي يلتزم السودان به.

 تسليح المدنيين

وزاد بالقول: "مما يثير القلق أيضاً التقارير التي تفيد بأن المدنيين أنفسهم يحشدون أنفسهم في إطار حركة المقاومة المسلحة الشعبية الجديدة، وهناك مخاوف حقيقية من أن يؤدي ذلك إلى تشكيل ميليشيا مدنية مسلحة ليس لها سيطرة محددة، مما يزيد من فرص انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية طويلة الأمد" واستدرك قائلا : "السيد رئيس مجلس السودان أصبح كابوسًا حيًا".

وقال فولكر تورك إن الحرمان المتعمد على ما يبدو من الوصول الآمن ودون عوائق للوكالات الإنسانية داخل السودان نفسه يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب. وأدعو مرة أخرى الأطراف المتحاربة إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية، بفتح الممرات الإنسانية دون تأخير قبل فقدان المزيد من الأرواح.

وقال إن اضطرار أكثر من ثمانية ملايين شخص إلى الفرار داخل السودان وإلى البلدان المجاورة، تشكل أزمة تقلب هذه البلاد رأسًا على عقب، وتهدد بشدة السلام والأمن والأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة بأكملها.

 وأفاد تورك بالقول: "كما ذكرت من قبل، فإن هذه الحرب تتميز بالإفلات المعمم من العقاب، وقلة المساءلة عن الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة".

  عدم وفاء الدعم السريع

وقال تورك إن قوات الدعم السريع حتى الآن، لم تف بوعدها بالتعاون مع البعثة الدولية لتقصي الحقائق، بشأن السودان التي أنشأها هذا المجلس في تشرين الثاني/أكتوبر من العام الماضي، وتواصل السلطات السودانية معارضة أي تعاون.

وحث تروك جميع أطراف النزاع على اتخاذ خطوات فورية للتعاون مع بعثة تقصي الحقائق، كما حث الدول الأعضاء وخاصة الدول المجاورة للسودان، على دعم العمل الحيوي للبعثة.

 وعبر تورك عن خشيته من أن يردد أن هناك فجوة كبيرة في الحوار الفعال لإنهاء هذه الحرب وقال : "إنني أشجع جميع الدول ذات النفوذ على زيادة الضغط على الطرفين والجماعات التابعة لهما للتفاوض على حل سلمي لهذه الكارثة، والسعي إلى وقف إطلاق النار والحفاظ عليه".

 وشدد فولكر تورك على ضرورة لعب المجتمع الدولي أيضًا دور حاسم يلعبه للتخفيف من حدة المعاناة الإنسانية التي يتحملها شعب السودان.

وعبر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن أسفه، أنه لم يتم تمويل سوى أقل من 4% من خطة الاستجابة الإنسانية في السودان حتى الآن، مما يؤثر بشكل خطير على قدرة الوكالات الإنسانية على الاستجابة لهذه الأزمة.

شدد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تروك على أهمية أن تتفق الأطراف المتحاربة على العودة إلى السلام دون تأخير، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات المروعة لحقوق الإنسان، دون تأخير.

  تحطم الأمل

وتابع بالقول: "ذهبت إلى السودان في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وهي أول زيارة لي كمفوض سامٍ، سمعت قصص الخسارة والحزن، ولكنني سمعت أيضًا الكثير من قصص الأمل" واستدرك قائلا : "أخشى أن هذا الأمل قد تحطم".

 وقال تروك : "سبقت هذه الأزمة عقود من الاضطرابات والقمع في السودان، لكن لا شيء قد أعد شعب السودان لمستوى المعاناة التي يواجهها اليوم".

 وشدد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تروك على أهمية أن تتفق الأطراف المتحاربة على العودة إلى السلام دون تأخير، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات المروعة لحقوق الإنسان، دون تأخير.

 وختم تقريره قائلا : "يجب على المجتمع الدولي أن يعيد تركيز اهتمامه على هذه الأزمة المؤسفة، قبل أن تنزلق إلى مزيد من الفوضى، فمستقبل شعب السودان يعتمد عليه".