بالآونة الأخيرة، راجت بمواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لرجل قيل إنه من مدينة ودمدني بولاية الجزيرة، يرتدي ثيابًا رثة ويسير حافي القدمين، تضاربت الأقاويل حول اسمه وموطنه الأصلي لذلك نشير له بمسمى "رجل ودمدني" أو رجل الفيديو. يظهر الرجل في المقطع وهو يتغنى بكلمات غير مفهومة يرددها خلفه آخرين بالسوق، وسرعان ما حكم على الرجل بالجنون بحسب تعليقات جمهور السوشيال ميديا. وفي التقرير التالي نتقصى الرؤى المختصة من أهل المجال للبحث عن أجوبة حول الفيديوهات المثيرة للجدل.
الخير في كل الطرقات
وتنتشر في شوارع الخرطوم المزدحمة والأسواق ظاهرة المرضى النفسيين، ويبدون بحالة جسدية ونفسية سيئة، يرتدون ملابس رثة ويحتمون بالظلال من أشعة الشمس الحارقة. وبالمقابل لكل هذه الظواهر، نجد أن الخير يعيش في كل طرقات المدن السودانية. وهناك فئة من الشعب تقدم المساعدة لهؤلاء متمثلة في توفير العلاج والمأكل والملبس. ويشرح لنا الأمين العام لمنظمة "صناع الأمل" طارق مكي جوانب الأمل والخير في الإفادة التالية.
محامي: المقطع يعد انتهاكًا صارخًا للخصوصية وللقانون الجنائي وقانون جرائم المعلوماتية
"كثير من خيِّري هذه البلاد يقدمون المساعدة لمن يحتاجها في حدود المستطاع، وبحسب الإمكانيات"، ويدلل طارق مكي على حديثه بالقول إن الإعلام البديل عكس حالة شخص تحتاج لقليل من الاهتمام، مشيرًا إلى نصف الكوب الممتلئ بحيث انطلقت دعوات علاج المرضى وتقديم المساعدات الرمزية في حدود الإمكان.
الشخصية السودانية
يفتح المحامي معز حضرة تساؤلات حول قضية الفيديوهات المتداولة بقوله، إن من سلبيات الشخصية السودانية عدم احترام الخصوصية والاستئذان، وهي ثقافة من مراحل تطور المجتمع السوداني قديمًا، حيث كان يطلق على المنازل "النفاج" وتعني البيوت بلا أبواب، لكنها لا تزال موجودة بنسب متفاوتة بالوقت الراهن.
اقرأ/ي أيضًا: وزارة الصحة تحذر من خطورة الوضع الصحي بالبلاد
أما بالنسبة لقضية تصوير شخص فيعده معز حضرة انتهاكًا صارخًا للخصوصية وللقانون الجنائي وقانون جرائم المعلوماتية. وتساءل حضرة بعد تشخيص عدد من الأطباء والجمهور للحالة بأنها مرضًا نفسيًا عمن يحدد الحالة الطبية والعقلية للفرد؟ واصفًا السلوك بالاستسهال وعادًا إياه من أمراض الشخصية السودانية.
ولفت معز حضرة الانتباه إلى الحملات الإسفيرية والانفعال الوجداني المتبادل بين الجمهور، وعزا الانفعالات للتعليم التلقيني وغياب العقل النقدي.
تساؤلات.. وأجوبة
وفي وقت لاحق، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي رسالة من اختصاصي نفسي يُدعا "مازن صلاح أمين" يعقد فيها العزم للسفر لولاية الجزيرة مع عدد من الاختصاصيين النفسيين، لتقديم الخدمات الطبية، ويؤكد في حديثه عن اتصاله باختصاصي نفسي معروف بالولاية لترتيب الخطوات الأولى وبدء مراحل العلاج.
وبالرغم من انقضاء أربعة أيام على الرسالة التي تداولها كثير من فئات الشعب السوداني، إلا أن مازن صلاح أمين لم يدلِ بمعلومات جديدة للجمهور حول تفاصيل الرحلة ووصولهم لمدينة "ودمدني"، فما الذي حدث؟ وهل تكللت رحلة السفر والعلاج الأولية بالنجاح؟ أسئلة كثيرة دارت في أذهان أوساط الشعب ومتابعي مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تجد إجابات، لتكن المفاجأة ظهور رجل ودمدني في عدة فيديوهات جديدة، سنعود لاحقًا للحديث عنها في أجزاء التقرير.
وبحسب نائب الاختصاصي النفسي محمد صلاح، فإن رجل الفيديو تحول لشخصية عامة بعد انتشار وتداول فيديوهات له على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يحق له كطبيب الحديث للرأي العام عن سلوكه سواء كان سلوكًا طبيعيًا أو غير طبيعي. وتابع حديثه لـ"الترا سودان"، إن المعلومات الطبية المتعلقة بحالته، تخصه وحده، ولا تخص أشخاص آخرين. وقال "لا يحق لنا إبداء الرأي".
اقرأ/ي أيضًا: "ساعة" وزير مغادر تثير الجدل.. و"الترا سودان" يكشف التفاصيل
أما بخصوص الرسالة المتداولة بشأن سفر عدد من الاختصاصيين النفسيين لتقديم الخدمات والرعاية الطبية، فيقول نائب اختصاصي الطب النفسي إن خضوع أي مريض للعلاج يجب أن يتم بموافقته الشخصية، وفي حالة المرضى المتواجدين بالأماكن العامة، فإن تلقي الرعاية الطبية يكون عبر الجهات الرسمية، في حال أصبحوا يشكلون تهديدًا على المجتمع. مؤكدًا عدم وجود اختصاصي نفسي يحمل اسم مازن صلاح أمين في قائمة الأطباء النفسيين بالسودان، قائلًا "يحتمل أن يكون معالجًا نفسيًا".
انقسم الجمهور ما بين فريق متهكم وساخر، يتداول الفيديو بغرض الضحك والتسلية، وفريق آخر مدافع عن حقوق المرضى وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم
وأثارت قضية رجل ودمدني أوضاع المرضى النفسيين، وانقسم الجمهور ما بين فريق متهكم وساخر، يتداول الفيديو بغرض الضحك والتسلية، وفريق آخر مدافع عن حقوق المرضى وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم وبذل الجهود لتقديم رعاية صحية ملائمة، تضمن عملية شفائهم وعودتهم للمساهمة والانخراط بالمجتمع.
اقرأ/ي أيضًا