ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، أن آلاف المدنيين لا يزالون يفرون بعد موجة من العنف المسلح والهجمات على أكثر من 30 قرية وبلدة في أجزاء من ولاية الجزيرة منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
قالت الأمم المتحدة إن عدد النازحين من شرق الجزيرة ارتفع إلى 135 ألف شخص ولا تزال عمليات النزوح مستمرة بسبب موجة العنف المسلح
ونشر المكتب الأممي في بيان صادر عن منتدى المنظمات غير الحكومية السودانية، وهي مجموعة مكونة من (70) منظمة غير حكومية دولية تعمل في السودان، وحذر المنتدى من تصاعد الأعمال العدائية، في شرق ولاية الجزيرة، والتي شهدت بعض أعمال العنف الأكثر تطرفًا خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وحث المنتدى حسب البيان الذي نقله المكتب الإنساني للمجتمع الدولي، على التحرك بناءً على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات حاسمة لحماية المدنيين، وضمان توصيل المساعدات بشكل آمن وغير مقيد في جميع أنحاء السودان.
أطفال مصابون بالرصاص
وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه بعد مرور أسبوعين تقريبًا على بدء الهجمات، وردت تقارير عن وصول أطفال نازحين مصابين بجروح متعددة بسبب طلقات نارية، في حين تستمر الاعتقالات التعسفية واحتجاز الأطفال في أجزاء من ولاية الجزيرة.
ولفت إلى أن هناك تقارير عن أطفال مفقودين وغير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم بين النازحين.
وأضاف البيان الصادر من المكتب الإنساني: "لا يزال يتم الإبلاغ عن تقارير مثيرة للقلق عن العنف الجنسي ضد الفتيات الصغيرات والمراهقات، مع عدم التحقق بعد من حالات انتحار النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاعتداء الجنسي والعنف".
ولفت بيان الأمم المتحدة، إلى حرق المحاصيل الغذائية أو تدميرها، كما تم تخريب أنظمة الطاقة الشمسية التي تشغل شبكات إمدادات المياه، مما أثر على قدرة الأسر والمجتمعات المحلية على الوصول إلى المياه للأغراض المنزلية والزراعية.
وقال البيان الإنساني إن انعدام الأمن ونقص قنوات الاتصال المستدامة يؤثر على قدرة المنظمات الإنسانية على جمع المعلومات والبيانات حول الوضع في أجزاء الجزيرة، التي تعرضت للعنف والهجمات.
موجات جديدة للنزوح
ونقل بيان مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، في تنبيهها السريع بشأن ولاية الجزيرة، أن ما يقدر بنحو (135) ألف أي (27) ألف عائلة قد نزحوا من مواقع مختلفة في ولاية الجزيرة، بين 20 و30 تشرين الأول/أكتوبر 2024.
وحسب البيان، النازحون موجودون في (16) محلية في ولايات القضارف وكسلا ونهر النيل. نزح حوالي (76,900) ألف شخص إلى محليات الفاو والمفازة والبطانة والرهد والقلابات الشرقية ومدينة القضارف. كما شمل النزوح 45 ألف شخص إلى محليات حلفا الجديدة وقرى خشم القربة وقرى نهر عطبرة بولاية كسلا.
ووثقت الأمم المتحدة حالة نزوح (18) ألف شخص آخرين، إلى محليات أبو حمد وعطبرة والمتمة وبربر و شندي بولاية نهر النيل. كما تلقت الفرق الميدانية لمصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، تقارير تفيد بأن العديد من النازحين عبروا عبر محلية حلفا الجديدة في ولاية كسلا، وعبر محليتي البطانة والفاو في ولاية القضارف.
وقال البيان إن العديد من النازحين يعبرون القضارف للوصول إلى كسلا أو نهر النيل، وحتى الخرطوم أو ولايات الشمال أو البحر الأحمر، وفقًا لمصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة.
وتشير الفرق الميدانية لمصفوفة تتبع النزوح إلى أن بعض الأشخاص المتضررين لا يستطيعون الانتقال إلى مناطق آمنة، بسبب القيود المفروضة على الحركة. وأوضح البيان أن النازحين داخليًا يستمرون في الانتقال اعتمادًا على قدرة مواقع الإيواء، وإنشاء مواقع تجمع جديدة أو مراكز استقبال، ومدى توافر المساعدة الإنسانية.
السير على الأقدام
أفادت التقارير أن غالبية النازحين داخليًا كانوا من النساء والأطفال، بينما العديد من الأفراد يتنقلون سيرًا على الأقدام، وفي القضارف، أفاد الشركاء في المجال الإنساني أن أكثر من 50% من الوافدين الجدد هم من النساء والأطفال وفق بيان مكتب الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة.
ونوه البيان إلى أن العاملين في المجال الإنساني، لا يمكنهم الوصول إلى بعض المناطق، مما يجعل من الصعب تقديم الخدمات الأساسية والدعم للنازحين، ومن الصعب بشكل خاص الوصول إلى النازحين في البطانة والفاو بسبب الوضع الأمني الحالي، الذي يقيد وصول المساعدات الإنسانية.
وتحدث البيان حول التحديات التي تواجه الشركاء في المجال الإنساني، في تعقب بعض النازحين بسبب كثرة التنقل والمناطق الجغرافية الواسعة، وتعقيد الجهود الرامية إلى تحديد المساعدات وتقديمها بشكل فعال، مما يؤدي إلى احتمال ازدواجية الجهود وسد الثغرات. وأردف البيان: "يستمر تدفق النازحين إلى القضارف، هناك مخاوف محددة تتعلق بالفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة".
انفصال الأطفال عن العائلات
أفاد المكتب الإنساني أن التقارير الأولية، تشير إلى حدوث حالات انفصال أسري أثناء أعمال العنف والنزوح الجماعي الذي تلاه، والعديد من الأطفال غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن أسرهم، مما يزيد من خطر استغلالهم.
وأكد البيان أن النساء والفتيات يواجهن مخاطر متزايدة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، في حين يكافح كبار السن والمعاقين من أجل الوصول إلى الخدمات الأساسية.
ولفت البيان إلى أن غالبية النازحين يعانون من صدمات نفسية عميقة بسبب أعمال العنف والمصاعب، التي تعرضوا لها أثناء النزاع والنزوح، مما يؤكد الحاجة الملحة للدعم الطبي والنفسي والاجتماعي.
وأبان المكتب الإنساني أن العديد من المدنيين المصابين يتلقون العلاج في مستشفى الفاو، ويصل النازحون في ظروف صحية سيئة بسبب المسافات الطويلة التي يقطعونها، ما يصل إلى سبعة أيام سيرًا على الأقدام، ومحدودية أو عدم إمكانية الحصول على المساعدة الإنسانية في الطريق.
وأوضح البيان أنه تم الإبلاغ عن حالات الكوليرا بين النازحين الجدد، على الرغم من أن حجم تفشي المرض لم يتم تحديده بعد. ويقيم العديد من النازحين داخلياً في الشاحنات المفتوحة أو الداخلية.
وزاد بالقول: "يحتمي أغلبهم تحت الأشجار، ويفتقرون إلى الحماية الكافية. كما أنهم يفتقرون إلى إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي والنظافة العامة، مع انتشار التغوط في العراء في المواقع المكتظة".
الإقامة في الملاعب والمساجد
وفي مدينة كسلا شرق البلاد، أفاد المكتب الإنساني أن معظم النازحين حديثاً يقيمون في مأوى مؤقت من قبل المجتمعات المضيفة، بينما يقيم آخرون في المباني العامة، وخاصة في المدارس والملاعب والمساجد، وفي مراكز الاستقبال والأماكن المفتوحة في الشوارع.
وتابع البيان: "يفتقر النازحون الذين يصلون إلى كسلا إلى الاتصالات المحلية، وبالتالي لا يتمكنون من الوصول إلى شبكات الدعم المجتمعي الموسعة لدعمهم. وقد فر غالبية النازحين داخلياً فجأة، تاركين وراءهم ممتلكاتهم وأصولهم الشخصية. ونتيجة لذلك، فقد ما يزيد عن 70-95% من النازحين وثائق الهوية الخاصة بهم".
أكد البيان أن حكومة ولاية كسلا، خصصت قطعة أرض بمساحة (71) فدانًا لإنشاء مخيم للنازحين غرب محلية حلفا الجديدة
وأكد البيان أن حكومة ولاية كسلا، خصصت قطعة أرض بمساحة (71) فدانًا لإنشاء مخيم للنازحين غرب محلية حلفا الجديدة، وقدم برنامج الغذاء العالمي حصة غذائية لـ (16) ألف شخص في ذات المحلية.
وتشن قوات الدعم السريع هجمات مستمرة على قرى ومدن شرق الجزيرة منذ 20 تشرين الأول/أكتوبر 2024 على خلفية انشقاق قائدها في الولاية أبو عاقلة كيكل وانحيازه إلى الجيش وأدت الهجمات إلى مقتل ما لايقل عن 400 شخص وتهجير قرى ومدن كاملة.