23-أكتوبر-2024
مدينة تمبول في ولاية الجزيرة

مدينة تمبول في ولاية الجزيرة

وكأن انشقاق قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبوعاقلة كيكل تحول إلى لعنة، فقد شهدت مناطق شرق الولاية، خاصة مدينة تمبول وقراها، موجة عنف غير مسبوقة. لا سيما مع احتدام المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق شهادات السكان والفاعلين الإنسانيين.

انتهت آمال المواطنين بوصول الجيش والبقاء في مدينتهم إلى رحلات نزوح جماعية عقب هجوم الدعم السريع والسيطرة على تمبول 

شهدت مدينة تمبول حركة نزوح غير مسبوقة، استمرت منذ ظهر الثلاثاء حتى صباح اليوم الأربعاء، ولا زال الآلاف في العراء يتحركون سيرًا على الأقدام والدواب والعربات التقليدية "الكارو"، للوصول إلى القرى الصغيرة والآمنة نسبيًا.

لا تزال المعارك محتدمة في المدينة التي شهدت أحداثًا دراماتيكية منذ الأحد الماضي حتى أمس الثلاثاء، على خلفية إعلان قائد الدعم السريع في ولاية الجزيرة أبوعاقلة كيكل الانحياز للجيش.

يوم الأحد، بالتزامن مع انشقاق كيكل من قوات دقلو، وصلت قوة من الجيش إلى مدينة تمبول، وسرعان ما انسحبت عقب هجوم مفاجئ للدعم السريع، والتي حشدت مجموعات قتالية من بلدات مجاورة.

انسحاب الجيش لم يكن نهائيًا، لأنه عاود الهجوم ليستعيد تمبول صباح الثلاثاء 22 تشرين الأول/أكتوبر 2024، لم يستمر الوضع طويلًا حاملًا الأمان لمواطني تمبول، لأن قوات حميدتي حشدت نفسها مرة أخرى، وخاضت معارك لساعات محدودة. واضطر الجيش مرة أخرى خلال يومين فقط للانسحاب مع خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وشهدت المعارك مقتل القائد العسكري العميد ركن أحمد شاع الدين، وهو مهندس التفاوض مع كيكل في مناطق البطانة التي ينحدر منها الاثنين.

 ويقول أعضاء في غرف الطوارئ الإنسانية بولاية الجزيرة، إن الجيش تعامل مع الوضع في تمبول دون الوضع في الاعتبار تكرار الدعم السريع عملية الكمين بين الحين والآخر.

مخاوف من حملات انتقامية

ويرى عماد عبد الرحمن وهو عضو فاعل في لجان الطوارئ شرق الجزيرة، في حديث لـ"الترا سودان"، أن تمبول تعرضت إلى أبشع عملية. لأن آمال المواطنين التي ارتفعت بالبقاء في منازلهم بوصول الجيش إلى المدينة، انتهت إلى رحلات نزوح جماعي في الفيافي لبلوغ القرى الصغيرة.

وأشار عبد الرحمن إلى أن هناك مخاوف جدية من تعرض المدنيين في تمبول أثناء النزوح أو داخل المنازل للانتهاكات، خاصة مع الأنباء التي أكدت استخدام قوات حميدتي بعض المنازل للهجمات العسكرية على الجيش، مشيرًا إلى مخاوف جدية من التنكيل والحملات الانتقامية بحق المدنيين.

ويقول إن الجيش عندما وصل إلى تمبول الثلاثاء 22 تشرين الأول/أكتوبر 2024 تمركز وسط المدينة، وكان الوضع يتطلب نشر القوات في الطرقات البرية التي تعرض من خلالها إلى الهجوم الثاني.

ولجأ المدنيون أثناء حركة النزوح من أحياء تمبول إلى استخدام الدواب والعربات الصغيرة وحتى "الكارو"، بحيث صعدت بعض النساء إلى المقطورة إلى جانب الأطفال وكبار السن.

تأثيرات ممتدة

امتدت تأثيرات الوضع في تمبول إلى جميع الأحياء، كما شملت مدينة رفاعة الواقعة غربي المدينة وشرق النيل الأزرق، كما لو أن العنف قرر العودة مجددا إلى الجزيرة مع صعود المعارك واحتدام الصراع بين الطرفين.

وفي هذا الصدد، أفادت منصة نداء الوسط، بوجود عمليات تهجير قسري تحت تهديد السلاح، تقوم بها قوات الدعم السريع منذ الأمس بحق المواطنين داخل مدينة "رفاعة". ونقلاً عن مقاومة رفاعة، أوضحت المنصة أن الدعم السريع استمرت في تنفيذ حملات انتقامية وشرسة على المواطنين، وقامت باقتحام المنازل، كما تم رصد حالات عنف جنسي للنساء والفتيات من قبل عناصر الدعم السريع.

مواطن: الجيش لا يزال متخفزًا لاستعادة مدينة تمبول

ويوضح عبدالقادر المبارك، وهو من سكان ولاية الجزيرة، منطقة المناقل، أن الجيش لا يزال متحفزًا لاستعادة تمبول من قوات الدعم السريع، على الرغم من انشغاله باسترداد محلية أم القرى، وتمكن بالتزامن مع العمليات في تمبول من السيطرة على أجزاء واسعة من المحلية الواقعة على الحدود مع منطقة الفاو.

ويعتقد المبارك في حديث لـ"الترا سودان"، أن المقلق حاليًا وضع المدنيين، لأن الدعم السريع كلما استعاد منطقة خسرها مجددًا، وينفذ حملات انتقامية، بالتالي يجب إدانة هذه الجرائم بصورة واضحة.

وخسر الجيش ولاية الجزيرة في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023، وانهار الوضع العسكري والأمني من جانب القوات المسلحة بصورة مفاجئة، وفق روايات الفارين في ذلك الوقت. ورغم أنها أعلنت عن تكوين لجنة تحقيق عسكرية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك، إلا أن النتائج لم تعلن للرأي العام منذ ذلك الوقت.