11-نوفمبر-2023
الآلاف يتكدسون للحصول على جوازات سفر في أحد مراكز الشرطة

تكدس عشرات الآلاف لإصدار جوازات سفر (Getty)

بعد أن تحولت العاصمة الخرطوم إلى حطام جراء حرب منتصف نيسان/أبريل 2023 الدائرة بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"، وجدت نجلاء نفسها في مواجهة واقع يفرض عليها السفر، فبدأت تجهز لرحلتها للهروب من حاضر مجهول إلى مستقبل لا يقل عتمة عن حاضرها. اختارت نجلاء مصر لتكون وجهتها القادمة، مصر التي استضافت أكبر عدد من السودانيين المنكوبين من الحرب وويلاتها؛ اختارتها لأنها ستقابل فيها وجوهًا كانت قد ألفتها في العاصمة الخرطوم بحسب ما أفادت في حديثها إلى "الترا سودان، وذلك لاعتقادها بأن البدايات الجديدة هناك ربما ستكون أسهل برفقتهم بعد أن فقدت مقتنياتها ومحتويات منزلها بالكامل جراء عمليات النهب والسلب المنتشرة في الخرطوم بالتزامن مع الحرب. لكن الأمر لم يسر كما كانت تخطط له، فمع زيادة الطلب على تسهيل إجراءات التأشيرة لدخول مصر، بعد أن فرضت السلطات المصرية ضوابط عليها في حزيران/يونيو الماضي، وجد "السماسرة" لأنفسهم سوقًا جديدًا للمتاجرة بحاجات الناس والاستثمار في معاناتهم.

قانوني لـ"الترا سودان": من المهم اتباع هذه الإجراءات الاحترازية عند التعامل مع وكالات السفر أو حتى الأشخاص في أي معاملة مالية

كانت نجلاء إحدى ضحايا هذا السوق الذي دخلته بحسن نية ودون أن تدرسه بعناية، فدفعت بأموالها من دون ضمانات إلى أحد الذين ينشطون في العمل في استخراج تأشيرة الدخول إلى مصر في وسائل التواصل الاجتماعي، فاختفى بدوره بصورة مفاجئة، ولم يترك لها سوى رقم هاتف كلما طلبته أجابها بأن هذا الرقم لا يمكن الوصول إليه حاليًا.

وكالات سفر وهمية

روى المواطن محمد بريمة قصته لـ"الترا سودان" مبتدئًا بالحديث عن انتشار عمليات النصب في قطاع السفر بالبلاد. وأفاد بأنه تعامل مع إحدى وكالات السفر التي تقدم خدمات العمرة، مشيرًا إلى أن الإجراء في بادئ الأمر كان يسير بسلاسة شديدة. وأوضح أنه تلقى الخدمة بالكامل من إحدى الفتيات العاملات في الوكالة، وبعد أن استلم المعاملة واطمأن إلى التعامل معهم، طلب من الموظفة خدمة أخرى وهي حجز تذاكر الطيران، فحولته الموظفة إلى شخص آخر على أنه مدير الوكالة. واستلم منه هذا الشخص (2,000) ريال سعودي قيمة تذاكر الطيران، ومن ثم بدأ مسلسل المماطلة الذي يصاحب أغلب قصص الاحتيال المنتشرة في البلاد. قال محمد إنه نشر ملابسات ما حدث معه في إحدى المجموعات على "فيسبوك"، وهو ما كان سببًا في اكتشاف بعض الأمور المتعلقة بهذه الوكالة. يقول محمد إن الوكالة تعتمد على مسوقات إلكترونيات لا علم لهن بأن صاحب النشاط يمتهن النصب على الآخرين، مبينًا أنه علم أن صاحب الوكالة طلب من إحدى شركات التسويق تصميم شعار جديد ليواصل عمليات الاحتيال باسم عمل آخر، بعد أن كثرت الشكاوى المتعلقة باسم وكالته القديم.

https://t.me/ultrasudan

تأشيرات مصر

شدد القنصل العام لجمهورية مصر العربية بولاية البحر الأحمر على ضرورة التقديم للحصول على تأشيرة الدخول إلى مصر بطريقة صحيحة، موضحًا أن ذلك لا يتطلب وسيطًا – حسب ما ورد في وكالة السودان للأنباء، لافتًا إلى أن السودانيين يدفعون مبالغ طائلة للحصول خدمة مجانية. وأشار إلى أن القنصلية تعمل على إصدار أكبر عدد ممكن من التأشيرات مع مراعاة الجانب الإنساني، مما دفعهم إلى مد فترات العمل واستغلال العطلات الرسمية لتسريع الإجراءات. وعزا القنصل المصري تأخر بعض المعاملات إلى الإجراءات الأمنية.

وبحسب شهادات مواطنين، يطول انتظار طالبي الحصول على التأشيرة المصرية مدد تتجاوز الشهرين في بعض الحالات، وهو ما يدفعهم إلى البحث عن الوسطاء الذين ينجزون المهمة في فترة لا تتجاوز أسبوعين.

ويقول المواطن أسامة جعفر إن سعر التأشيرة عبر الوسطاء وصل إلى (1,200) دولار للفرد الواحد، إذ كلفته تأشيرات أسرته الصغيرة المكونة من زوجته وابنه ثلاثة أضعاف هذا المبلغ.

سودانيون في معبر أرقين الحدودي مع مصر
تكدس آلاف السودانيين في المعابر الحدودية مع مصر في انتظار إجراءات التأشيرة (Getty)

إجراءات احترازية

يقول القانوني عبدالله محمد لـ"الترا سودان" إن أنشطة وكالات السفر غير المسجلة زادت مع اندلاع الحرب في السودان، مما أدى إلى تزايد فرص الاحتيال على المواطنين في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد وحالات النزوح التي من شأنها أن تصعب إلى حد ما الوصول إلى الشخص المحتال – بحسب عبدالله. ويشدد هذا القانوني على ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية عند التعامل مع وكالات السفر أو الأشخاص، مثل: التأكد من التراخيص وشهادة التسجيل، لافتًا إلى أهمية الاستناد إلى تجارب سابقة لأشخاص مع هذه الجهات. ويؤكد عبدالله أهمية توثيق هذه المعاملات –سواء كانت مع جهات أو أشخاص– والمطالبة بإيصال مالي مثبت فيه اسم الشخص رباعيًا ورقم إثباته الشخصي، وفتح بلاغ فورًا في حال التعرض لعملية احتيال.

ومؤخرًا كثر الحديث عن التعرض لعمليات احتيال ونصب فيما يتعلق بقطاع السفر في البلاد عمومًا، في وقت أصبح فيه سوق السفر يعج بالوسطاء، مما شق على المواطن السوداني وحمله الكثير من المنصرفات وضاعف معاناته.