ذكر مؤسسو شركة ناشئة في مجال قطع غيار الاتصالات المتنقلة، أن ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء وتعويم الجنيه السوداني كبدهم خسائر فادحة لأن العقودات أُبرمت قبل أشهر وكانت في حدود (455) جنيهًا مقابل واحد دولار أمريكي، بينما قفز الدولار الأمريكي في السوق الموازي اليوم الأحد إلى (650) جنيهًا و(620) جنيهًا في غالبية البنوك.
ومع شطب اسم السودان من قائمة الإرهاب حسب تصنيف الولايات المتحدة الأميركية منذ العام 2020، وإمكانية وصول السودان إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية لجلب قطع الغيار، إلى جانب بدء تخفيف القيود الدولية المفروضة على المصارف، بدأت شركات ناشئة الحصول على عقودات لتوريد قطع غيار وأجهزة تقنية في قطاع الاتصالات.
مغادرة السودان للائحة الإرهاب شجعت السودانيين على ريادة الأعمال الناشئة
كما أن الإغلاقات التي تطاولت بين العامين 2020 و 2021 لتفادي فيروس كورونا شجعت السودانيين على ابتكار مشاريع ناشئة عبر شبكة الإنترنت وتزايدت معدلات التسويق الإلكتروني حتى للطلبات العادية مثل شراء الملابس والهواتف والعطور وعرض العقارات. ويفضل السودانيون استخدام "فيسبوك" للتسويق عبر شبكة الإنترنت.
وأوضح محمد أسامة (30 عامًا) والذي أسس رفقة اصدقائه شركة ناشئة لجلب معدات تقنية قطاع الاتصالات الهاتفية، أن سعر الصرف وضع شركتهم الناشئة على المحك وقال: "قررنا الانسحاب عقب تدبيرنا لستة ملايين جنيه، ما يعادل حوالي (9.5) ألف دولار أمريكي".
وتابع في إفادة لـ"الترا سودان": "أبرمنا العقد مع شركة اتصالات رئيسية وقررنا التوقف لأننا قد نتكبد خسائر فادحة إذا استوردنا المعدات وفقًا لحسابات سعر صرف (450) جنيهًا لأن الدولار الأمريكي يُباع في السوق الموازي بقيمة (650) جنيهًا".
وتابع: "حينما نذهب إلى البنوك لشراء دولارات لن نجدها متوفرة ولن يعطونا دولارات، ورغم ذلك سعر الصرف بين المصارف والسوق الموازي متقارب".
وتأثر قطاع الأعمال الهندسية وقطع الغيار في أسواق السيارات بارتفاع الدولار الأمريكي وسلة العملات الأجنبية في السوق الموازي، وارتفع سعر قطعة غيار صغيرة لسيارة صالون من شركة نيسان إلى (37) ألف جنيهًا، وكان يباع بسعر (23) جنيهًا قبل شهرين.
ويعود المتعاملون في أسواق قطع الغيار والأعمال الهندسية وحتى السلع الاستهلاكية لوضع تسعيرة جديدة كل صباح بالتنسيق مع موردين وتجار عملات.
ويقول محمد عبد الحميد (40 عامًا) وهو متعامل في بيع أجهزة التبريد المنزلية بسوق السجانة والذي يعد من أكبر الأسواق للأجهزة الكهربائية المنزلية ومواد التشييد جنوب العاصمة في حديث لـ"الترا سودان"، إن الوضع محفوف بمخاطر عالية نحن نخشى أن نغادر الأسواق بفعل تآكل رأس المال إذا لم نضع زيادات يومية لن تصمد أعمالنا.
ما ضاعف من معاناة هذا التاجر في هذا السوق أن الحكومة وضعت ضرائب عالية على أرباح الأعمال إلى جانب رفع فاتورة الكهرباء بنسبة (600)% مطلع هذا العام.
اقرأ/ي أيضًا: ارتفاعات مستمرة للوقود.. واقتصاديون ينصحون بالعودة إلى الدعم
ومع انسداد ظل يحذر منه معارضون سياسيون، فإن الوضع الاقتصادي في السودان يتجه إلى المجهول في ظل نضوب البنك المركزي من العملات الأجنبية وعدم عودة برامج صندوق النقد الدولي منذ الإجراءات العسكرية لقائد الجيش في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي والإطاحة بالحكومة المدنية.
محلل اقتصادي: الأزمة الاقتصادية يترافق معها صرف متزايد على الأمن لمكافحة الاحتجاجات والاضطرابات الأمنية
وكان من المرجح أن يدفع البنك الدولي للسودان هذا العام نحو ملياري دولار ضمن حزمة قروض لإنعاش هذا البلد الذي خرج من عزلة استمرت (27) عامًا في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، والذي أطاحت به احتجاجات شعبية في أبريل/نيسان 2019.
ويشير المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان"، إلى أن الوضع الاقتصادي مأزوم في ظل غياب الرؤية والانسداد السياسي واستمرار الاحتجاجات الشعبية الرافضة للحكم العسكري.
وقال إن الأزمة يترافق معها صرف متزايد على الأمن لمكافحة الاحتجاجات والاضطرابات الأمنية إلى جانب توسع الإنفاق على المؤسسات السيادية.
وتوقع إبراهيم عدم استمرار الأوضاع بهذه الطريقة وقال إن الانسداد سيؤدي الى حلول توافقية أو انفجار.
اقرأ/ي أيضًا
بلومبيرغ: الانقلاب العسكري وحرب أوكرانيا.. أسباب لمجاعة في السودان
الظروف المعيشية تضع السودانيين أمام اختبار التقشف