10-أغسطس-2023
طفل في أحد مخيمات النزوح في السودان

نزح 1.7 مليون طفل جراء النزاع في السودان بحسب "اليونيسيف" (Getty)

على وقع أصوات البارود تارةً وأصوات الطائرات الاستطلاعية تارةً أخرى، يستيقظ الطفل حسن (9 أعوام) في العاصمة الخرطوم، وذلك منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف نيسان/أبريل الماضي. يستيقظ على واقع مختلف كليًا، إذ تبدلت حياته بين ليلة وضحاها، فقد أغلقت البقالات –التي كان يزورها صباحًا ليشتري منها البسكويت المفضل لديه– أبوابها بإحكام، بينما لم يسمع صوت أبواق الباص الذي يقله إلى المدرسة لما يزيد عن (100) يوم.

أعلنت منظمة "اليونيسيف" عن وفاة ما لا يقل عن (435) طفلًا وإصابة أكثر من (2,000) طفل بعد مرور (100) يوم من نشوب الحرب في السودان

متشوقًا إلى حياته السابقة التي سرقتها منه الحرب يقول الطفل حسن طارق لـ"الترا سودان" إنه يتمنى أن يعود إلى اللعب على الطرقات من جديد، ويفتقد زملاء الدراسة والطابور الصباحي والفروض المدرسية، بما في ذلك واجبات مادة الرياضيات التي لم يحبها قط. هكذا كان وجه الحرب على أطفال السودان؛ قبيحًا جدًا، يكشر لهم عن أنيابه كل صباح.

آثار نفسية وعقلية

"يمكن للحرب أن تخلف آثارًا كارثية على الصحة النفسية والعقلية للطفل" – هذا ما تقوله الاختصاصية النفسية ليلى الصافي في حديث إلى "الترا سودان" لتصف الحال الذي ربما سيؤول إليه ملايين الأطفال في مناطق الاشتباكات في ظل الصراع المستمر في السودان. وتشرح ليلى الأعراض المتوقعة بأنها تأتي على هيئة صدمات نفسية يصاحبها انفعال زائد أو إصابة الطفل بالخوف والقلق بدرجة كبيرة، وقد تظهر على الطفل –وفقًا لليلى– اضطرابات سلوكية مثل العدوانية الزائدة أو الانعزال فيصبح من الصعب عليه بناء علاقات اجتماعية.

وتضيف ليلى أن النزوح أيضًا يخلف آثار نفسية على الأطفال، لأنه يتسبب في انفصال الطفل عن بيئته المألوفة، مما يؤدي إلى زيادة مستوى القلق والتوتر لديه، بينما يؤثر الانقطاع عن التعليم على المهارات الاجتماعية والتعليمية لدى الطفل.

https://t.me/ultrasudan

وأفاد الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان عبدالقادر أبّو، في تصريح صحفي، بأن عدد الأطفال المحصورين بين براثن الحرب بلغ (14) مليون طفل يعانون من صدمات الحرب تحديدًا في ولاية الخرطوم وبعض ولايات غرب السودان، مؤكدًا أن الأطفال هم الشريحة الأكثر ضررًا من الحرب وأهوالها. وشدد أبّو على ضرورة تقديم الدعم اللازم للأطفال من المنظمات والدول الشقيقة.

أوضاع مخيفة

تقارير سابقة لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أشارت إلى نزوح أكثر من مليون طفل إلى مناطق أكثر أمانًا، وفي ظل هذه الظروف أكدت "اليونيسيف" تعذر وصول المساعدات الإنسانية، ما يعرض حياة أكثر من (13) مليون طفل إلى الخطر بينهم (5.6) مليون طفل يعيشون في ولايات دارفور، فيما تتعرض ولايتي غرب ووسط دارفور إلى هجمات عسكرية وأوضاع أمنية سيئة، أدت إلى انتشار عمليات النهب والسلب التي لم تسلم منها مرافق إمدادات الإغاثة. ويأتي ذلك في ظل توقعات لتعرض أكثر من (15) ألف طفل في ولاية غرب دارفور إلى سوء التغذية.

 

وفي السياق نفسه، تعرضت وحدات خدمات التلقيح ووحدات التخزين الباردة في ولاية وسط دارفور إلى عمليات سلب ونهب أخرجتها من الخدمة، ما من شأنه أن يعرض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض. أما في ولاية غرب دارفور فقد قضى ستة أطفال في مستشفى الضعين في أيار/مايو الماضي جراء النقص الحاد في الموارد الصحية. 

أعلنت منظمة اليونيسيف عن وفاة ما لا يقل عن (435) طفلًا وإصابة أكثر من (2,000) طفل بعد مرور (100) يوم من نشوب الحرب في السودان. وفي ولاية النيل الأبيض لقي أكثر من (300) طفل نازح حتفهم بسبب انتشار مرض الحصبة هناك، فيما سجل أكثر من (2,500) انتهاك لحقوق الطفل.

اعتداءات جنسية

ومع اقتراب الحرب من دخول شهرها الرابع هنالك مخاوف متزايدة من تعرض الأطفال للتحرش الجنسي، بحسب ليلى الصافي المتخصصة في علم النفس. وتؤكد ليلى خطورة هذه الاعتداءات على صحة الطفل النفسية والعقلية، مشيرةً في حديثها إلى عدد من حالات الاغتصاب التي تعرضت لها فتيات قاصرات في الخرطوم وعدد من ولايات غرب السودان – بحسب تقارير صحفية.

وتؤكد الاختصاصية النفسية ليلى أهمية إقامة مبادرات لمساعدة الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجنسي في سياق الحرب، مضيفةً أن النزوح من شأنه أيضًا أن يعرض الأطفال لمثل هذه المواقف في ظل عدم تمكن الأسر من مراقبة أطفالهم مراقبة لصيقة كما في السابق. وشددت على ضرورة الاهتمام بهذا الجانب.

ويعاني أطفال السودان من الحرب التي قاربت الآن على الدخول في شهرها الرابع، مما يحتم على منظمات المجتمع المدني والجهات المختصة عمل مبادرات لإنقاذ الأطفال وتحسين حياتهم.