13-أكتوبر-2021

ينتظر السودانيون أسبوعًا حافلًا وحاسمًا جراء تسارع الأحداث منذ المحاولة الانقلابية الأخيرة نهاية أيلول/سبتمبر الماضي حينما أعلن العسكريون عن إحباط انقلاب عسكري كان يهدف إلى تقويض الفترة الانتقالية.

وتدحرجت الأزمة مثل كرة الثلج منذ ذلك اليوم الذي شهد تراشقات إعلامية ابتدرها العسكريون باتهام المدنيين بالتسبب في المحاولة الانقلابية بإضعاف الحكومة وتدهور الأوضاع الاقتصادية واختطاف الحكومة.

يجري حمدوك تحركات مكوكية لجمع الكتلتين السياسيتين في كتلة واحدة 

ذكر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان في خطاب مرتجل من قاعدة عسكرية "المدرعات" جنوبي العاصمة في ذات يوم إعلان إحباط الانقلاب العسكري، أن الجيش لن يسمح لأربعة أحزاب سياسية باختطاف الفترة الانتقالية داعيًا لتوسيع قاعدة المشاركة.

اقرأ/ي أيضًا: اتحاد النقل: 1400 شاحنة محملة بالحاويات والسلع متوقفة في بورتسودان

لم يكتف العسكريون بخطاب المدرعات المرتجل والذي أعلن البرهان فيه أن القوات المسلحة "حتسوق الفترة الانتقالية سواقة" في إشارة إلى أن القوات المسلحة أصيلة في المشهد مهما حاولوا إقصائها، على حد قوله.

وواصل البرهان تصريحاته في اليوم الثاني متهمًا الحكومة الانتقالية بالتورط في الأزمات الاقتصادية والخدمات في خطاب ثان بمنطقة المرخيات جمعه مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو الذي لم يبتعد كثيرًا عن تصريحات البرهان.

في ذلك الوقت كانت نوايا المدنيين في مجلس السيادة الانتقالي ولجنة التفكيك ومجلس الوزراء بالخروج في مؤتمر صحفي لإعلان إجهاض المحاولة الانقلابية قد تبددت، وقال المتحدث الإعلامي بإسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير جعفر حسن في ندوة بالخرطوم الأسبوع الماضي، إن المدنيين تجمعوا في القصر الجمهوري يوم المحاولة الإنقلابية لعقد اجتماع مع المكون العسكري لكنهم فوجئوا برئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان يطلق تصريحات ينتقد فيها المدنيين من منطقة المدرعات العسكرية بدلًا من الاجتماع مع المكون المدني والخروج سويًا متحدين ضد المحاولة الإنقلابية بحسب تصريح جعفر حسن.

تتزامن الأزمة بين المدنيين والعسكريين مع إغلاق الطريق القومي بولاية البحر الأحمر، وامتد الإغلاق الى الموانئ وشل الحركة الاقتصادية بين البلاد والموانئ الرئيسية تمامًا مع شح في طحين القمح.

ولم تفلح محاولات رئيس الوزراء في انتزاع حلول مؤقتة لإنهاء أزمة الشرق في الاجتماع مع المكون العسكري، والذي اشترط عليه الحضور منفردًا دون مشاركة الوزراء رغم نفي المكون العسكري المعلومات التي راجت عن رفضه وزراء بعينهم.

رويدًا رويدًا انتقلت أزمة الشرق لتكون نقطة صدام بين المكونين العسكري والمدني، وبات من الواضح أنها مرهونة بحل الأزمة بين ترويكا الانتقال وهو الأمر الذي يقودنا إلى أن مجموعة سياسية أعلنت عن نفسها في قاعة الصداقة بالتزامن مع هذه الأحداث، تعتزم الدخول الى ملعب السلطة الانتقالية مطالبةً بحصتها بحجة أنها وقعت ميثاق الحرية والتغيير وتتهم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بإقصاء من كانوا معهم في الحراك السلمي.

بالنسبة للمكون العسكري يتجاوز الأمر ميثاق الحرية والتغيير، فهو يتحدث عن توسيع قاعدة المشاركة عدا المؤتمر الوطني المحلول؛ أي أن أحزاب لم تشارك في الحراك السلمي الذي أطاح بنظام عمر البشير قد تكون في الفترة الانتقالية من خلال المشاركة في المجلس التشريعي.

أكد ذلك البرهان في خطاب أمام الضباط والجنود بمنطقة الخرطوم بحري العسكري أمس الأول، أن الفترة الانتقالية يجب أن تشمل جميع المكونات السياسية والأهلية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول.

ورغم هدوء حرب التصريحات والتراشاقات الإعلامية بين المكون العسكري والمدني مؤقتًا، إلا أن الأوضاع بينهما لم تصل مرحلة العودة من القطيعة التي بدأت منذ صباح الانقلاب، وتعثرت وساطة قادتها شخصيات عامة في جلب الطرفين على طاولة التوافق الأسبوع الماضي.

ويشعر المدنيون في السلطة أن المكون العسكري يعد الملعب لشركاء جدد متعللًا بالوثيقة الدستورية التي نصت على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، والمشهد حاليًا مفتوح على احتمالات متعددة إما تكوين حكومة جديدة أو التوافق بين المكون العسكري والمدني وعودة الأمور إلى ما كانت عليه، أو إقصاء المكون المدني من السلطة وتعيين الشركاء الجدد مع الاحتفاظ برئيس الوزراء عبد الله حمدوك المدعوم من المجتمع الدولي.

وهناك مؤشرات ماثلة للعيان أدخلت القلق في نفوس أطراف حريصة على التحول الديمقراطي مثل وضع أعضاء لجنة التفكيك في قوائم المحظورين من السفر خارج البلاد وبينهم أيضًا وزير مجلس الوزراء خالد عمر يوسف.

وتؤكد المعلومات أن القائمة المحظورة من السفر هي ضمن إجراءات اتخذت قبل أسابيع؛ أي قبل المحاولة الإنقلابية كإجراء استباقي. ولمعرفة الدوافع طلب مجلس الوزراء من جهاز المخابرات تشكيل لجنة تحقيق من الأطراف المعنية.

اقرأ/ي أيضًا: بحث علمي عن فض الاعتصام لشقيقة أحد شهداء المجزرة

ومن بين الإجراءات التي هزت أرضية المكون المدني قرارات اصدرتها المحكمة العليا بإعادة القضاة المفصولين الأسبوع الماضي، وهذه الإجراءات عززت من حظوظ أنصار النظام البائد في توجيه ضربة موجعة للجنة التفكيك التي طالما تعرضت إلى حملات شعواء.

أزمة الشركاء لم تتطرق إلى قضايا حقيقية تواجه الانتقال

إزاء كل هذه التطورات ومع تطورات جديدة قيد التشكيل، فإن الأسبوع القادم سيكون حافلًا بالمزيد من المستجدات على الساحة السياسية. إما بموافقة حمدوك على تكوين حكومة جديدة توافقية بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ومجموعة قاعة الصداقة، أو النجاح في إحداث تقارب بين الكتلتين السياسيتين بالتالي سحب البساط من المكون العسكري بإنهاء الأزمة.

تأتي هذه الأزمات في ظل قضايا لم توضع على طاولة النقاشات بين الطرفين مثل الإصلاحات العسكرية وتشكيل جيش موحد قبل إجراء الانتخابات، ووضعية قوات الدعم السريع، إلى جانب السماح للشق المدني في السلطة المدنية بمراقبة الشركات العسكرية وحساباتها المالية والعدالة والتدهور المعيشي وتهريب الموارد. فهل يحدث التوافق على حساب هذه القضايا؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة الواعدة بالمزيد من الأحداث في الساحة السياسية.

اقرأ/ي أيضًا

ماذا تقول أصوات فتيات السودان؟

“فيسبوك" تعلن عن إزالة مجموعة كبيرة من الحسابات المرتبطة بالدعم السريع