30-يناير-2024
أحمد هارون

أحمد هارون

 بشكل مفاجئ، رصدت الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة مالية قدرها خمسة ملايين دولار لمن يزودها بمعلومات عن وزير الداخلية السوداني السابق، أحمد محمد هارون الذي يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في السودان.

يقول نشطاء في منظمات المجتمع المدني إن مواقف الولايات المتحدة في حرب السودان لا يمكن الوثوق بها حتى وإن استخدمت سلاح العقوبات الذكية

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الإثنين، إنها أدرجت الوزير السوداني السابق أحمد محمد هارون في برنامجها لمكافآت الإرشاد عن المشتبه بارتكابهم جرائم حرب. وقالت إن أحمد هارون الذي كان وزيرًا خلال حكم عمر البشير، مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنه ارتكبها في دارفور بين 2003 و2004.

موقف متأخر

وكانت القوات المسلحة السودانية حملت قوات الدعم السريع مسؤولية فرار أحمد هارون بعد (10) أيام فقط من اندلاع القتال بين الطرفين في منتصف نيسان/أبريل 2023.

وكان أحمد هارون قد قال في تسجيلات يشاع أنها من المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش، دعا للوقوف إلى جانب القوات المسلحة.

وتقول الناشطة في منظمات المجتمع المدني بالسودان نهلة حسين، في حديث مع "الترا سودان"، إن موقف الولايات المتحدة إزاء رصد مكافأة مالية للإرشاد على مكان أحمد هارون جاء متأخرًا. وترى حسين أن واشنطن لم تضع في الاعتبار التعامل مع الحرب في السودان بـطريقة راديكالية تساعد على إطفائها.

وأضافت: "ربما شعرت الولايات المتحدة الأمريكية أن الوقت قد حان للذهاب نحو الملف السوداني، خاصة مع مخاوف الإقليم من الحرب في هذا البلد. وأرادت الولايات المتحدة أن تقود هذه الرغبة الإقليمية والدولية".

وتعتقد نهلة حسين أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الملف السوداني لا يمكن التعويل عليه إطلاقًا، ولا يمكن الاعتماد على واشنطن لإطفاء الحرب في السودان لأن تحركها بطيء جدًا ولا يمكن الوثوق في مواقفها حيال النزاع المسلح في السودان.

بيان الخارجية الأمريكية بإعلان مكافأة للإرشاد بمكان أحمد هارون
بيان الخارجية الأمريكية بإعلان رصد مكافأة لأي معلومات تقود لاعتقال أحمد هارون

واقتيد أحمد هارون إلى سجن كوبر المركزي شمال العاصمة الخرطوم منذ 11 نيسان/أبريل 2019 عقب إطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير، جراء احتجاجات شعبية قرب وزارة الدفاع.

وعُرض أحمد هارون إلى القضاء السوداني خلال فترة حبسه في السجن المركزي بالعاصمة بتهمة قتل المتظاهرين السلميين قرب وزارة الدفاع، ولم تكتمل إجراءات التقاضي إلى حين اندلاع الحرب في 15نيسان/أبريل 2023، وفي ذلك الوقت اتهم الجيش قوات الدعم السريع باقتحام السجون المركزية في العاصمة والإفراج عن جميع السجناء بما في ذلك قادة بارزين في نظام البشير.

ابتذال للعدالة 

المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان نون كشكوش وصفت أن رصد الولايات المتحدة الأمريكية لمكافأة مالية للإرشاد على موقع أحمد هارون بالـ"سابقة"، وتعد الإجراءات المعلنة من جانب وزارة الخارجية الأمريكية ابتذالًا لقيم العدالة.

وأردفت كشكوش: "الإعلان عن مكافآت مالية للقبض على الهاربين من العدالة تسقط قيم العدالة نفسها التي لا تضع القيم المالية مقابلًا للعدالة".

وتتفق كشكوش مع الإفادات السابقة التي قدمتها الناشطة المدنية نهلة حسين حول عدم ثقتها في المواقف الصادرة من الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع حرب السودان، وتعتقد أن القبض على أحمد هارون لن يوقف الحرب في السودان لأن هناك مجموعات سياسية معروفة على غرار أحمد هارون تشعل الحرب في السودان.

وتستخدم الولايات المتحدة الأمريكية أدوات ضغط تتصل بالعقوبات على الأفراد الذين يعرقلون السلام في السودان. وفي أيلول/سبتمبر 2023 فرضت عقوبات بواسطة وزارة الخزانة الأمريكية على وزير الخارجية السوداني الأسبق والقيادي في نظام البشير - علي كرتي قلل منها الأخير واعتبرها ظالمة.

عودة التأثير الأمريكي 

ويقول محللون إن العقوبات الأمريكية رغم تأثيرها على النزاع المسلح في السودان، لكن الحرب مستمرة منذ تسعة أشهر، وهناك تدفق للسلاح بشكل كبير، ولذلك فإن الوضع سيظل كما هو دون تأثير مباشر لهذه الإجراءات الأمريكية على القتال في السودان.

ويقول الباحث السياسي مصعب محمد علي لـ"الترا سودان" إن إدراج أحمد هارون على برامج المكافآت المالية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية حال الإرشاد عن المطلوبين للعدالة يقرأ في سياق مكافحة واشنطن لسياسة الإفلات من العقاب، لأن هناك قلق دولي حتى داخل مجلس الأمن من استمرار حالات الإفلات من العدالة تكرر بشكل كبير.

باحث: "ترتبط هذه العقوبات أيضًا بالإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد قادة في الدعم السريع، والصادرة من وزارة الخزانة في أيلول/سبتمبر 2023

وتابع محمد علي في حديث لـ"الترا سودان": "ترتبط هذه العقوبات أيضًا بالإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد قادة في الدعم السريع، والصادرة من وزارة الخزانة في أيلول/سبتمبر 2023".

ويرى محمد علي أن الولايات المتحدة تعتقد أن الأشخاص المشمولين بالعقوبات يعملون على تقويض السلام في السودان، والإجراءات الأخيرة برصد مكافأة مالية للقبض على أحمد هارون تحول في الموقف الأمريكي ومحاولة خلق تأثير مباشر على إيقاف الحرب في السودان.