24-مايو-2024
نازحون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة في طريقهم للنزوح من المدينة

يستخدم المواطنون جميع أنواع المركبات للتنقل (غيتي)

استهدفت أعمال النهب والسلب التي صاحبت الحرب السودانية، سيارات المواطنين بشكل خاص. وتُتهم قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ عام، بنهب سيارات المواطنين لاستخدامها في المجهود الحربي. يصاحب سيطرة هذه القوات على المدن شلل في الحركة جراء الانتهاكات الكبيرة وأعمال السلب التي يقوم بها منسوبوها.

أعمال النهب التي تستهدف السيارات أجبرت المواطنين على استخدام وسائل بديلة، لا سيما في ظل حركة النزوح الكبيرة وتوقف الحياة العامة في المناطق التي تشهد اشتباكات. وانتشر استخدام المراكب الصغيرة في التنقل، وعاد الكارو وكذلك العجلة، وحتى الدرداقات صارت عربات إسعاف.

مخاطر القوارب

ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على محلية جبل أولياء، في العاصمة الخرطوم، أصبح القادمون من ولاية النيل الأبيض يستخدمون القوارب كمواصلات عامة إلى ولاية الخرطوم عن طريق الغرب. أكدت على ذلك المواطنة "ب. ع" التي سردت في حديث مع "الترا سودان" تفاصيل ما حدث لهم عندما كانوا قادمين من ولاية الخرطوم إلى ولاية النيل الأبيض عبر القوارب .

مواطنة لـ" الترا سودان" : نجونا من الموت بأعجوبة وغرق من كان على القارب

وتقول المواطنة "ب .ع" إنهم تحركوا من أم درمان عبر سيارة أنزلتهم في منطقة الشيخ الصديق غرب النيل الابيض. صعدوا بعد ذلك على متن قارب فيه أكثر من (29) شخصًا، وعند وصولهم منتصف النيل بالقرب من جزيرة توجد في الوسط، لم يستطع القارب حمل هذه الكمية من المواطنين، فقام صاحب القارب بإنزال عدد من المواطنين في هذه الجزيرة، على أمل أن يعود إليهم مجددًا.

وتفيد أنهم مكثوا في هذه الجزيرة حتى منتصف الليل، ولم ياتِ أحد لإنقاذهم، وبصحبتهم أطفال. كانت بالجزيرة ثعابين، الأمر الذي زاد عليهم الخوف والهلع. وبحسب المواطنة، فإنها استطاعت أن تجد شبكة اتصال في تلك الجزيرة، وأبلغت أحد أقاربها بأنهم عالقون في هذه الجزيرة، فاتجه إلى السلطات المختصة، واستطاعوا إنقاذهم في حوالي الساعة الثانية صباحًا. وأردفت: "نجونا من الموت بأعجوبة وغرق كل من كان على القارب".

وتوضح المواطنة "ب.ع" أنها علمت مؤخرًا أن صاحب القارب الذي وعدهم بالعودة إليها غرق وتوفي معظم الذين كانوا على متنه. وتضيف أنهم لجؤوا إلى هذه المخاطرة خوفًا من النهب والسلب الذي يتم في الطرق البرية التي تربط النيل الأبيض بولاية الخرطوم.

نازحون من بينهم أطفال جراء الاشتباكات في "ود مدني" بالجزيرة
يستخدم المواطنون التكتك والركشة ومركبات نقل البضائع في التنقل

وفي القطينة بعد سيطرة قوات الدعم السريع، لم تتوقف عملية نقل المواطنين عبر القوارب، بل يعتبرها البعض الطريق الآمن من النهب. ولعدم وجود ارتكازات للدعم السريع غرب النيل وفي داخل المدينة، يقوم المواطنون باستخدام "كارو حمار" لنقل الركاب من حي إلى حي آخر. وايضًا يستخدم الكارو لنقلهم إلى قرى القطينة المختلفة بعد أن كانت السيارات والركشات هي من تنقل المواطنين التي قلت بعد دخول قوات الدعم السريع إلى القطينة.

بدائل بدائية

نشوة عثمان، المقيمة في محلية القطينة بولاية النيل الأبيض، تقول إنهم يستخدمون الكارو والتكتك كوسيلة لنقل الركاب من الطريق الرئيسي إلى الأحياء المختلفة بدلًا عن السيارات، نظرًا لسرقة بعض السيارات وخروج بعضها نهائًيا إلى مدن ولاية النيل الأبيض الأخرى، خوفًا من قوات الدعم السريع التي تمارس عمليات النهب في المنطقة التي تسيطر عليها.

وتشير نشوة في حديثها مع "الترا سودان" إلى أن هذه الوسيلة بدائية وصعب التنقل بها، وأنهم عادوا بالزمن إلى الوراء. مُضيفةً أن هذا الوضع ينم عن صعوبة الحياة وقسوتها في ظل الحرب. "تكلفة المشوار الواحد تصل إلى أربعة آلاف جنيه سوداني"، تضيف.

وتوضح نشوة أن هناك صعوبات تواجه الركاب خاصة في عملية نقل المرضى، حيث يتعرضون لأشعة الشمس وتكون حركة الكارو بطيئة جدًا في حالات الإسعاف. مُشيرةً إلى وجود وسيلة نقل أخرى عبر النيل، باستخدام القوارب في عملية النقل من محلية القطينة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع إلى محلية أم رمتة التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني في ولاية النيل الأبيض. وتقول إن تعرفة تذكرة القارب خمسة آلاف جنيه سوداني للشخص الواحد.

عيوب المواصلات البدائية

هويدا شرف الدين، التي تقيم في ولاية سنار، تقول إن حرب 15 أبريل لها تأثيرها على الأوضاع الاقتصادية وما يقع على المواطن. ومن ضمن الضغوط الاقتصادية هي رحلة البحث عن بدائل للسيارات، والعودة إلى وسائل المواصلات، لأن أسعار تذاكر النقل العام قليلة جدًا مقارنة بتكلفة جالون البنزين وقيادة السيارة.

مواطنة لـ"الترا سودان": وسيلة النقل "التكتك" غير آدمية؛ إنها لا تتوافق مع مواصفات المواصلات، وغير مناسبة لنقل المواطنين

وتفيد هويدا في حديثها مع "الترا سودان"، أن بعض المواطنين في ولاية سنار يستخدمون عربات "التكتك" التي تُعد بدائية، بديلًا عن المركبات الحديثة لنقل الأشخاص والبضائع، وذلك بسبب شح الوقود. وباتت "الكارو" وسيلة النقل الأكثر رواجًا اليوم في نقل البضائع. وتضيف: "برغم بطء وصولها إلى المكان المقصود، إلا أن من يمتلك هذه العربة في بعض المدن التي تعتمدها في حياتها اليومية يعتبر شخصًا محظوظًا بلا شك، نظرًا لتردي الأوضاع الحياتية التي يعيشها المواطن المغلوب على أمره".

وترى هويدا أن وسيلة النقل "التكتك" غير آدمية، إذ لا تتوافق مع المواصفات الأمنية وغير مناسبة لنقل المواطنين، وتشير إلى أنها تتسبب في حوادث مستمرة نتيجة لاكتظاظها وعدم قدرتها على استيعاب أكثر من ثلاثة أو أربعة أشخاص كحد أقصى، مما يعرض حياة الركاب للخطر.