"ليس هناك أسوأ من أن ترى أطفالك دون ملابس وفصل الشتاء على الأبواب، والوالدة التى عملت كل شيء من أجلك لا تستطيع أن توفر لها دواء السكري"، هكذا تصف اللاجئة حليمة عبدالرسول لـ"الترا سودان" أوضاعهم في معسكر أدري للاجئين السودانيين بدولة تشاد على الحدود الغربية للبلاد.
أكد لاجئون سودانيون في معسكر أدري في تشاد على غياب تقديم المساعدات الغذائية والصحية لهم من المنظمات الأممية والدولية، قائلين إن بالمعسكر مركز صحي واحد تديره أطباء بلا حدود
لا غذاء ولا دواء
حليمة لجأت إلى أدري التشادية بعد أن اشتد القتال بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في منتصف نيسان/أبريل هذا العام.
أدري تبعد حوالي (28) كيلومترًا فقط عن مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. وأشارت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن غالبية اللاجئين السودانيين في تشاد من سكان دارفور الذين أجبرتهم ظروف الحرب على التوجه صوب الأقاليم التشادية الشرقية.
وحسب حليمة، فقد خرجت مع أمها وأطفالها الثلاثة بعد حرق منزلهم في مدينة الجنينة. وقالت إن أخيها اختفى خلال الأحداث و"لا تدري هي وأسرتها إذا ما كان قد قتل أم معتقلًا عند أحد طرفي الصراع". تقول إن "المنزل حرق وخرجنا بملابسنا التي علينا".
حليمة تعمل في أدري في حصاد الفول لتوفير ما يكفي بالكاد لإطعام أمها وأولادها الثلاثة.
وأكدت في حديثها لـ"الترا سودان" على عدم تقديم المساعدات لهم من أي جهة منذ قدومهم، ولم تستطع شراء قطعة ملابس للأطفال. وتابعت: "كيف أشتري ملابس للأطفال وأنا لم أستطع شراء الأدوية للوالدة التي تعاني من مرض السكرى"، لافتة إلى عدم توفير الدواء في المراكز بالمعسكر، وهي لا تستطيع شراءه من المستشفيات الخاصة لأنها لا تمتلك حتى حق الطعام.
وضع حليمة ينطبق على مئات الأسر في معسكر أدري من الذي هجّرتهم الحرب التي اشتعلت في نيسان/ أبريل 2023، وبحسب آخر إحصائيات لدى الأمم المتحدة، يقدر هذا العدد بنحو (5.6) مليون شخص داخل السودان وخارجه.
إمكانيات متواضعة
وأفادت الناشطة المجتمعية سمية إسماعيل "الترا سودان" بأنه لا تتوفر الأدوية المنقذة للحياة في معسكر أدري، كما أنها باهظة الثمن في الصيدليات الخاصة بالمدينة القريبة، لذلك يلجأ من لديهم القدرة المالية إلى الشراء من الجنينة عن طريق أصحاب المركبات الذي ينقلون اللاجئين، حيث أن أسعار الأدوية في الجنينة أقل من أدري.
وقالت سمية إسماعيل في حديثها لـ"الترا سودان" إن معسكر أدري هو عبارة عن خيم أو بالأصح أكواخ صنعها اللاجئون بأنفسهم لحمايتهم من الشمس، موضحة أن المعسكر يفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث أدى الجوع لتفشي أمراض سوء التغذية وسط الأطفال والنساء الحوامل، وتنتشر الملاريا بصورة كبيرة، مع انعدام الأدوية وخدمات الصرف الصحي.
وأشارت إلى أن المركز الصحي الوحيد الذي ما يزال يقدم الخدمة العلاجية يتبع لمنظمة أطباء بلا حدود، وبالمقارنة مع عدد اللاجئين الكبير فإن المركز لا يستطيع تغطية كل الحالات، وذلك أدى إلي أن جميع مرضى الأمراض المزمنة يواجهون صعوبة في تلقي العلاج، بجانب الحالات الحرجة التي تحتاج لرعاية خاصة، وكذلك النساء اللائي يعانين من انعدام الاحتياجات الشخصية لهن، وكما أنهن بحاجة للدعم المعنوي والنفسي للتخفيف عليهم من آثار ما تعرضن له من انتهاكات في الجنينة جراء الحرب من إغتصاب وضرب وتشريد وتهجير، مؤكدة أن جزءًا كبيرًا من النساء يعانين من الصدمة النفسية.
ودعت منظمة أطباء بلا حدود المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للأشخاص الذين يبحثون عن الأمان من النزاع بشكل عاجل، وذلك لتجنب حدوث وضع كارثي.
وقالت في بيانات سابقة لها إنّ الأشخاص الذين فروا من العنف في السودان بحاجة ماسة إلى المأوى والغذاء والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والحماية.
وأشارت إلى أنه مع استمرار فرار الناس من النزاع في السودان، وصل أكثر من (358) ألف لاجئ إلى بلدة أدري الحدودية في شرق تشاد. ويجري بناء مخيمات اللاجئين، ولكن المأوى والمرافق الأساسية المتاحة في المخيمات غير كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات الأشخاص الوافدين.
وناشدت منظمة أطباء بلا حدود المجتمع الدولي لتوفير المأوى والغذاء والمياه والصرف الصحي وخدمات الرعاية الصحية والحماية بشكل عاجل لآلاف الأشخاص الذين فروا "من مستويات لا توصف من العنف" وفقدوا منازلهم وسبل عيشهم وأحباءهم في السودان. قائلة إن "الاستجابة الإنسانية الكافية في الوقت المناسب هي أملهم الوحيد في النجاة من كارثة أخرى".
جهود محلية
في حديثه لـ"الترا سودان" يقول الناشط المجتمعي يوسف جمعة -وهو أحد اللاجئين في بلدة أدري- إنه رغم النداءات والمناشدات المستمرة من قبل الجمعيات التي كونها اللاجئون، والمناشدات المستمرة من قبل منظمة أطباء بلا حدود، إلا أنه لم يقدم المجتمع الدولي أي مساعدات.
مضيفًا أن الجهات التي تقدم المساعدات هي إما مبادرات من أهالي المنطقة في تشاد أو جمعيات اللاجئين بدعم من السودانيين في الخارج ومنظمة أطباء بلا حدود.
ناشط محلي: منذ حوالي أربعة أشهر لم يأت أي دعم غذائي للاجئين، وهناك لاجئون لم يتم تسجيلهم ضمن الإحصائيات المذكورة لدى المنظمات
وقال: "منذ حوالي أربعة أشهر لم يأت أي دعم غذائي للاجئين، وهناك لاجئون لم يتم تسجيلهم ضمن الإحصائيات المذكورة لدى المنظمات".
وأشار إلى انتشار الأمراض بصورة كبير في المعسكر، خاصة الملاريا والالتهابات والإسهالات لدى الأطفال.
وقالت سمية إن ما يحدث في معسكر أدري هو الموت بالجوع والمرض بعد الفرار من الموت بالرصاص والقذائف.