حتى الساعات الأولى من صباح الجمعة، استمر اجتماع المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير لبحث نتائج اللقاء المباشر مع المكون العسكري، بوساطة أمريكية سعودية، حيث جرى اللقاء في منزل السفير السعودي علي بن حسن جعفر، بضاحية كافوري مساء الخميس.
وقبل إصدار البيان بعيد الاجتماع، توالت ردود الأفعال الساخطة على قوى الحرية والتغيير بسبب لقائها المفاجئ بالمكون العسكري؛ اللقاء الأول من نوعه بعد انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر، بين الشريكين السابقين في السلطة. يأتي السخط بسبب ما تعتبره القوى الثورية خيانة للمطلوبات والشروط التي ظل الشارع متمسكًا بها، وسقط من أجل الدفاع عنها شهداء وجرحى.
هتف الشباب أمام دار حزب البعث معتبرين اللقاء خيانة للشارع وشعاراته
ومن أمام دار حزب البعث العربي الاشتراكي حيث اجتمع المكتب التنفيذي، هتف باستمرار شباب حزب البعث رافضين للقاء، معتبرين أن ما جرى خيانة للشارع وشعاراته، وأنه لا يمثل الخط السياسي لحزب البعث الرافض لأي حوار أو تفاوض مع السلطة الموصوفة بالانقلابية.
تفاصيل اللقاء
قال المكتب التنفيذي للحرية والتغيير بعد الاجتماع المطول في دار حزب البعث العربي الاشتراكي بالخرطوم، إن الحرية والتغيير ستعقد اجتماعًا مع الآلية الثلاثية لتوضيح ما جرى في الاجتماع وكذلك تأكيد موقفها الرافض لأي عمليةٍ سياسية زائفة، وضرورة احترام أسس العملية السياسية المُفضية لتحقيق أهداف الثورة.
وحول ما دار في الاجتماع أوضح بيان المكتب التنفيذي بأنهم طرحوا ضرورة إنهاء الانقلاب وتسليم السلطة للشعب، عبر خارطة طريق واضحة وقاطعة وفي إطار عملية سياسية أطرافها قوى الثورة والتغيير من جانب، والذين قاموا بالانقلاب من جانب آخر. وأضافت قوى الحرية والتغيير بأنها لا تدعي احتكار تمثيل قوى الثورة، بل تدعو كل قوى الثورة لوضع رؤية مشتركة وتعبئة جماهير الشعب والمجتمعين الإقليمي والدولي لمساندة هذه الرؤية وحق الشعب في نظام مدني ديمقراطي كامل.
وأكدت الحرية والتغيير أنها لن تشارك في مسار حوار "فندق روتانا" أو أي عملية سياسية وصفتها بالـ"زائفة تسعى لشرعنة الانقلاب". وأضافت بأن استحقاقات تهيئة المناخ الديمقراطي لم تكتمل وأنه بدونها لن تنجح أي عملية سياسية، ويجب أن تنفذ بصورة فورية. مشيرة إلى أن العملية السياسية يجب أن تتم عبر مراحل أولها إنهاء الانقلاب والتأسيس الدستوري الجديد الذي يقوم على سلطة مدنية كاملة ويتعاطى مع ما تم من سلام واستكماله، والنأي بالمؤسسة العسكرية عن السياسة دون مشاركتها في السلطة المدنية، والإصلاح الأمني والعسكري وبناء جيش واحد ومهني وقومي.
ضغوط دولية أم كسب الحلفاء للانتقال الديمقراطي
كشفت الحرية والتغيير عن أنها ستقوم بتسليم رؤية واضحة حول إنهاء الانقلاب وتسليم السلطة للشعب، لكل من الآلية الثلاثية والمجتمعين الإقليمي والدولي بعد التشاور مع كل حلفائها وأصدقائها من قوى المقاومة والثورة.
ويفسر الكاتب السياسي ومدير مشروع الفكر الديموقراطي شمس الدين ضو البيت، إقدام الحرية والتغيير للقاء المكون العسكري بأنها لا تريد أن تفقد داعمين إقليميين ودوليين للانتقال الديموقراطي، أو تتركهم للمكون العسكري الذي تبنى الحوار وأراد تقديم قوى الحرية والتغيير وقوى الثورة باعتبارها رافضة للحوار، وأضاف ضو البيت في حديث لـ"الترا سودان"، بأن المكون العسكري غير مستعد للحوار وأنه يناور، وقال: " ليس هناك توجه من جانب الانقلابيين يؤكد الاستعداد للعودة لفترة انتقالية تقود إلى انتخابات حرة بقيادة مدنية، ولا أتوقع الكثير من هذا اللقاء".
وأشار ضو البيت بأنه لم يلاحظ خلال الفترة الماضية أي تغيير في سلوك الانقلابيين، وأنه ابتداء من 25 تشرين الأول/أكتوبر2021م تواصلت خطواتهم في نفس الاتجاه من أجل طي بساط ثورة ديسمبر، وأوضح بأنهم استمروا في قتل المتظاهرين وإعادة الأموال المنهوبة لعضوية النظام السابق، وحاولوا تثبيت أركان حكمهم عبر التعيينات الجديدة ومحاولات التطبيع بزيارات مراكز الامتحانات وافتتاح المنشآت.
السفارتان السعودية والأمريكية توضحان
أوضحت السفارة السعودية والأمريكية في بيانين متشابهين حول اجتماع ممثلي المجلس العسكري وممثلي المجلس المركزي للحرية والتغيير في 9 حزيران/يونيو لتبادل وجهات النظر حول كيفية حل الأزمة الحالية والتوافق على عملية تؤدي إلى انتقال ديمقراطي.
وقال بيان القائمة بالأعمال الأميركية لوسي تاملين: " لقد رحبنا بالتزامهم المعلن بوضع مصالح الشعب أولًا وإشراك أصحاب المصلحة الآخرين. هذا الاجتماع ليس بديلًا عن حوار الآلية الثلاثية، بل يتسق مع دعم الآلية لجهود بناء الثقة بين الأطراف. نشكر المشاركين على مشاركتهم الصريحة والبناءة وعلى استعدادهم لإنهاء الأزمة السياسية وبناء سودان ينعم بالسلام والعدالة والديموقراطية".
وقال بيان السفارة السعودية إن الاجتماع جاء بغرض تبادل الأفكار حول كيفية حل الأزمة السياسية الراهنة، وكذلك الوصول لعملية سياسية تؤدي إلى الانتقال الديموقراطي. وأضاف البيان: "إننا نرحب بالتزام الطرفين لوضع مصلحة بلادهما أولًا والحوار مع أصحاب المصلحة الآخرين".
والتزم أعضاء المكتب التنفيذي الصمت دون أن يكشفوا عن تفاصيل الاجتماع الذي جرى بينهم والمكون العسكري، بالرغم من حضور عدد محدود من الصحفيين في انتظار توضيح للرأي العام، واكتفى اجتماع المكتب التنفيذي بإصدار بيان، مع التزامهم بالكشف عن كامل تفاصيل ما جرى في مؤتمر صحفي مهم، تعقده الحرية والتغيير ظهر اليوم الجمعة بدار حزب الأمة القومي بأم درمان.
سقوط الأقنعة
واستنكر تجمع المهنيين السودانيين اللقاء، واتهم المشاركين فيه بأنهم يسعون إلى تشكيل شراكة عرجاء مرة أخرى، عبر مخطط دولي وإقليمي لقطع الطريق على الثورة، وأوضح التجمع في بيان له، أن المخطط يمر عبر الطريق الذي تقوده الآلية الثلاثية، وتابع: "فقد سقطت الأقنعة وأصبح الهمس جهرًا وها نحن نشاهد فصول من التفاوض تأخذ اتجاهات مختلفة لتفرض واقعًا جديدًا هدفه الأول قطع الطريق على الثورة ومنعها من الوصول لغاياتها وأهدافها".
جدد تجمع المهنيين السودانيين الدعوة إلى إبعاد العسكر نهائيًا من المشهد
وجدد تجمع المهنيين السودانيين الدعوة إلى إبعاد العسكر نهائيًا من المشهد، مضيفًا أن ذلك ما أمنت عليه مواثيق قوى الثورة الحية وإعلاناتها السياسية، وزاد: " تلطخت أيدي الجناة منهم بدماء غالية من الثائرات و الثوار، وضعتهم على رأس قائمة المتهمين الذين يجب محاكمتهم وليس التفاوض معهم".
وأكد التجمع على موقفه الرافض للتفاوض، سواء كان تفاوضًا مباشرًا أو غير مباشر، مشيرًا إلى إخطارهم من وصفوهم بــ"دعاة التفاوض الدولي والإقليمي" من خلال اللجنة الثلاثية، أنهم سيواصلون في التصعيد المستمر مع جماهير الشعب الكتف بالكتف حتى إسقاط ما وصفوها بـ"السلطة الانقلابية"، وأكد البيان: "هذا هو السبيل لتأسيس دولة المواطنة أساسًا للحقوق والواجبات وتحقيق العدالة والتحول الديمقراطي".