21-أبريل-2024
طبيبة سودانية

القطاع الصحي في السودان

أكملت الحرب في السودان عامها الأول ملقية بظلالها على القطاع الصحي في السودان، وخرجت معظم مستشفيات العاصمة الخرطوم والتي كانت بمثابة مركز علاجي لكافة الشعب السوداني عن الخدمة جراء الاشتباكات المندلعة في أجزاء واسعة من البلاد.

تعاني ولايات السودان من ضعف في الخدمات الطبية خاصة مع موجات النزوح التي تشهدها الولايات الآمنة

وتعاني ولايات السودان من ضعف في الخدمات الطبية، خاصة مع موجات النزوح التي تشهدها الولايات الآمنة، بحيث تعمل المرافق الصحية بأكثر من سعتها، بجانب أن معظمها لا يملك أجهزة متطورة تساعد على التشخيص السليم للأمراض.

تضررت معظم المستشفيات المجهزة في ولاية الخرطوم، ونهبت الأجهزة الطبية والأثاث، فيما تعرضت بعض المشافي لخلع النوافذ والأبواب الخاصة بها بحسب جولة تفقدية قام بها وزير الصحة الاتحادية في آذار/مارس الماضي في أمدرمان، عقب استرداد الجيش السوداني لأجزاء واسعة من المدينة.

وتعاني المرافق الصحية العاملة في مناطق النزاع من شح في الكوادر الطبية العاملة فيها، وذلك نتيجة لحالات النزوح واللجوء التي دفعت بالعاملين في الحقل الطبي إلى المناطق الأكثر أمنًا، كغيرهم من السودانيين الذين يبحثون عن سبل حياة أفضل في الحرب.

نداء الصحة

وبالتزامن مع إتمام الحرب في السودان عقد كامل، قدمت وزارة الصحة الاتحادية نداء استغاثة للدول الصديقة والجهات المانحة، أكدت فيه أن حالة الصراع المستمرة والمتطورة في السودان تسببت في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم لحوالي (6.6) مليون شخص، أغلبهم من فئة النساء والأطفال، كما أدى الصراع إلى تعطيل الخدمات الأساسية، وأدى إلى تدهور حالة الأمن الغذائي والتغذية.

 وقالت الوزارة إن الوضع الغذائي يتدهور شيئا فشيئًا مع استمرار النزاع في السودان، وتؤكد المسوحات التي أجريت في كانون الأول/ديسمبر 2023، وحتى آذار/مارس من العام الحالي خلال فترة النزاع، أن الوضع متدهور للغاية مقارنة بنتائج المسح الذي تم إجراؤه في السنوات الخمس الأخيرة الماضية.

وعبرت الوزارة عن مخاوفها بشأن الزيادة المتوقعة فى معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات المرتبطة بسوء التغذية، خاصة خلال موسم الجفاف، والذي سيكون في الفترة من أيار/مايو، وحتى تشرين الأول/أكتوبر،مشيرة إلى أن هذه الأمراض مرتبطة بالتدهور المشترك لانعدام الأمن الغذائي ومحدودية توافر خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الجيدة، بجانب تعطل تقديم خدمات الرعاية والتغذية للأطفال دون سن الخامسة. 

وأكدت الصحة أن التدهور المتوقع يمثل أحد مسببات سوء التغذية الحاد، ويمثل تحديًا يستدعي مراجعة قطاع التغذية لفئات المجتمع المعرضة لخطر الإصابة بالمرض، والتي تشمل الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات. 

وبحسب إحصائيات فإنه في شباط/فبراير من العام الماضي رصد (3.9) مليون شخص يحتاج للعلاج من سوء التغذية، بينما قفز الرقم إلى (4.9) مليون شخص في شباط/فبراير من هذا العام، وهو الأعلى خلال العقد الماضي بنسبة 22٪ مقارنة بالتقديرات السابقة للربع الأول من عام 2023. ويعتبر هذا الارتفاع مدعاة للقلق، خاصة مع تصنيف (93) محلية كأولوية قصوى من بين (189) محلية بناءًا على مؤشرات سوء التغذية الحاد ووضع الأمن الغذائي في تلك المناطق، وفقًا لوزارة الصحة.

وقالت الوزارة إن التدهور في الحالة الغذائية ناجم من  عدة عوامل. بحيث يعيش سكان بعض مناطق البلاد حالة من الانعدام الحاد في الأمن الغذائي. وفي تلك المناطق، تواجه معظم المرافق الصحية إما عدم العمل تمامًا أو العمل بشكل جزئي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تغطية خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية غير كافية وتحت المستوى المطلوب، مما يؤثر على قدرة هذه المجتمعات على تلبية احتياجاتها، وخاصة تلك التي تستضيف النازحين.

وناشدت الوزارة نيابة عن أطفال وأمهات السودان الحكومات والجهات المانحة والشركاء وأصحاب المصلحة المساهمة في توفير الموارد الكافية التي تتناسب مع الاحتياجات الفعلية. ويقدر التمويل المطلوب بـ (454) مليون دولار أمريكي، ولم يتم توفير سوى أقل من 10% منها فعلياً حتى الآن.

خارج نطاق العمل

أفقدت الحرب العديد من الكوادر الطبية بمختلف التخصصات وظائفهم، وزجت بهم خارج نطاق العمل، بحيث تقول لينا طه وهي طبيبة مختبر كانت تعمل في إحدى المعامل الملحقة بالمراكز الطبية في حي الفتيحاب بأمدرمان إنه ومنذ إطلاق الرصاصة الأولى توقفت عن العمل، نسبة لسوء الأوضاع الأمنية في المنطقة، فيما توقف المركز عن العمل في وقت لاحق، وتفيد في حديثها مع "الترا سودان" أنها نزحت برفقة أسرتها إلى ولاية الجزيرة لتستقر في مدينة المناقل، وتضيف أنه حتى قبل أن يمتد نطاق الحرب ليصل إلى ولاية الجزيرة لم تفلح  في إيجاد فرصة عمل لها كطبيبة مختبر، وعزت ذلك إلى محدودية المعامل هناك بحيث لا يمكن أن يستوعب أكثر من طبيب واحد.

وكانت قد أكدت غرفة طوارئ الخرطوم، في بيان لها سوء الوضع الصحي في الولاية بسبب نقص الكوادر الطبية والفنية، مشيرة إلى احتلال عدد من المؤسسات الصحية بالولاية وتحويلها لثكنات عسكرية،مما أثر بشكل سلبي في تقديم الخدمات الصحية للمواطن.

وقالت إن المستشفيات تعاني من عدة مشاكل متمثلة في شح المياه وانقطاع التيار الكهربائي، بجانب توقف خدمات الاتصالات، وتسببت الأوضاع الأمنية الغير مستقرة في بعض المناطق بإعاقة وصول المواطنين للخدمات الصحية.

ظهرت حالات من مرض الكوليرا في محلية شرق النيل، وحمى الضنك في محلية بحري، وداء الكلب "السعر" في محلية كرري، وحالات الطفح الجلدي في محلية أمبدة

وأشارت الغرفة إلى زيادة حالات الإصابة بالأمراض والأوبئة في بعض أجزاء الولاية. بحيث ظهرت حالات من مرض الكوليرا في محلية شرق النيل، وحمى الضنك في محلية بحري، وداء الكلب "السعر" في محلية كرري، وحالات الطفح الجلدي في محلية أمبدة. مشيرة أن الارتفاع في الإصابات يفرض ضغطًا إضافيًا على المرافق الصحية الموجودة في الولاية، مما يتطلب استجابة فورية للتعامل مع تلك الأوضاع.

وفي مدينة أمدرمان تعرضت المرافق الصحية إلى ضرر كبير للغاية، بحيث أكدت الصحة ذلك عقب زيارة تفقدية قام بها الوزير في آذار/مارس المنصرم، حيث أسفرت المعارك التي تدور في البلاد عن ضرر واسع لمستشفيات المحلية، بما فيها مستشفى الولادة بأمدرمان، والذي قامت الدعم السريع باحتلاله.