26-يناير-2024
البحث عن منزل في بورتسودان

(Getty) الغالبية العظمى من العائلات تعتمد على التحويلات المالية من الخارج

تتفوق أسعار إيجارات المنازل والشقق السكنية في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرق البلاد، على مدن عالمية، خاصة بعد هجوم قوات الدعم السريع على مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة ونزوح (800) ألف شخص منذ نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023.

الشقق والمنازل المعروضة للإيجار أغلبها بنايات عادية وتقع في أحياء تفتقر للخدمات الأساسية مثل انتظام مياه الشرب عبر الشبكات الأرضية، إلى جانب تذبذب التيار الكهربائي وقطوعات تستمر لساعات طويلة في بعض الأحيان، كما يقول المواطنين الذين اضطروا إلى دفع إيجارات تتراوح من (400) ألف جنيه، أي ما يعادل (112) دولار أمريكي، وبعض الإيجارات تتجاوز المليون جنيه، أي ما يعادل (1050) ألف دولار أمريكي، وفقًا لروايات السماسرة في هذا القطاع.

ويقول عادل وهو متعامل في سوق العقارات لـ"الترا سودان"، إن العرض أقل من الطلب لذلك من الطبيعي أن ترتفع قيمة الإيجارات، خاصة مع الطلب الكبير من المواطنين الذين وصلوا من مدينة ودمدني بولاية الجزيرة، منذ نهاية العام الماضي بسبب الحرب.

تفتقر المدينة لمحطات تحلية المياه نتيجة عقود طويلة من سُوء الإدارة وغياب التخطيط الحكومي 

ويعتقد عادل أن العرض في سوق العقارات في مدينة بورتسودان، ليس متسعًا كونها مدينة لم تكن ذات أهمية في الاستثمارات العقارية منذ سنوات طويلة، وزادت أهميتها عقب تحويل العاصمة إليها منذ بداية الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023.

وأضاف: "التوسع العقاري بعد الحرب وبعد زيادة الطلب لم يكن كبيرًا، لأن الشركات الكبيرة لم تدخل السوق نتيجة مخاوف أمنية، فيما بعض ملاك المنازل والشقق يقومون بالاستثمارات الصغيرة لذلك نرى ارتفاعًا كبيرًا في الإيجارات".

ولا يتجاوز دخل الفرد في السودان قبل الحرب (50) دولارًا أمريكيًا في الشهر، وبالتالي لا يمكن لمئات الآلاف من المواطنين الذين قرروا التوجه شرقًا نحو مدينة بورتسودان، للهروب من المعارك العسكرية، تأمين هذه المبالغ الكبيرة، حسب الشهادات التي وصلتنا.

ويقول المواطن مجدي الذي يقيم في مبنى صغير مع عائلته، إنه قام بدفع (700) ألف جنيه شهريًا، أي ما يعادل (750) دولار أمريكي، من أجل الحصول عليه، مشيرًا إلى أن غالبية المستأجرين يعتمدون على المدخرات أو التحويلات التي تأتي من السودانيين بالخارج، لأن العمل متوقف هنا، ولا يمكن الاعتماد على الراتب الشهري، ولا على الأعمال الخاصة، وطالما وصلت إلى مدينة ستضطر للبقاء فترة طويلة لمعرفة ما يمكن فعله.

وتناسب الأجواء الشتوية وانخفاض درجات الحرارة خلال هذه الفترة أغلب السكان في هذه المدينة، التي ترتفع درجات الحرارة فيها خلال الصيف الذي يبدأ من شهر آذار/مارس ويبلغ ذروته في أيار/مايو، بالوصول إلى 50 درجة مئوية مع نقص في الإمداد الكهربائي ومياه الشرب.

إلى جانب ذلك تشهد المدينة، وباعتبارها العاصمة المؤقتة للحكومة القائمة، إجراءات حظر التجول لأغلب الفترات المسائية وانتشار النقاط العسكرية في الشوارع الرئيسية في تلك الفترات.

وتقع مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، ومنذ سنوات يعاني السكان من نقص مياه الشرب ولم يحصلوا على محطات لتحلية المياه نتيجة عقود طويلة من سُوء الإدارة وغياب التخطيط الحكومي، كما يقول نشطاء في الولاية.

تناسب الأجواء الشتوية وانخفاض درجات الحرارة خلال هذه الفترة أغلب السكان في هذه المدينة، التي ترتفع درجات الحرارة فيها خلال الصيف الذي يبدأ من شهر آذار/مارس ويبلغ ذروته في أيار/مايو

وتقول الباحثة الاجتماعية سوسن عبد الكريم والعاملة في مجال تقديم الاستشارات النفسية لضحايا الحروب والكوارث، إن هناك العديد من المتاعب الملحوظة على حياة المواطنين الذين اضطروا للنزوح المزدوج من الخرطوم إلى ودمدني ومن هناك إلى بورتسودان وكسلا، وهي مدن واقعة شرق البلاد.

وتضيف سوسن لـ"الترا سودان": إن مئات الآلاف من النازحين يفتقرون إلى شبكات أمان اقتصادي، وهم في حالة قلق دائم من تمدد الحرب إلى شرق البلاد والمناطق الأخرى.

والغالبية العظمى من العائلات النازحة، حسب سوسن عبد الكريم، يعتمدون على تحويلات مالية من أسرهم في خارج البلاد ولا يمكنهم الإنفاق على جميع شؤون الحياة، لأن الإيجارات تستحوذ على نحو 70% من الأموال التي بحوزتهم.