أعلنت وزارة الثقافة العراقية أمس الجمعة، رحيل الشاعر الكبير مظفر النواب؛ المناضل الذي غادر "شاهدة الطين" بعد رحلة طويلة من العطاء، والشاعر الفحل الذي تغنت الخرطوم بقصائده وهتفت بها في الشوارع، مثل العديد من العواصم العربية التي أحبت شعره وقضاياه.
للراحل قاعدة شعبية كبيرة في السودان عززتها زيارات وقصائد
وقد لا يعرف الكثيرون العلاقة الخاصة التي تجمع الشعب السوداني بالشاعر العراقي الكبير، ولكن للراحل قاعدة شعبية كبيرة في البلاد، عززتها زيارات وقصائد رثى فيها مناضلين أعدمتهم السلطات في الخرطوم، كما هجى آخرين بطريقته الساخرة التي لوّنت إنتاجه العبقري.
ويشتهر النواب -شاعر الفقراء والبسطاء والمسحوقين- وسط الطلاب الجامعيين والمثقفين، حيث يردد المتحدثون في "أركان النقاش" في الجامعات قصائده، كما لا يخلو حديث عن الشعر العربي المعاصر عن ذكر اسمه. كان الراحل قامة حية في السودان، وستخلِّده قصائده التي صارت جزءًا من الإرث النضالي في البلاد.
السودانيون يعطون الحزن حقه، ربما لذلك علاقة بالثقافة الجنائزية القديمة لهذه الشعوب التي شيدت الأهرامات لموتاها، ومع رحيل النواب ضجت مواقع التواصل بهذا الحزن، وعبر السودانيون عن عظم الخسارة وهول الفقد؛ فقد شاعرهم في العراق.
وللإرث النضالي للنواب حضور كبير في الرثاء السوداني، فكفاح الرجل يشبه كفاحهم كسائر سكان المنطقة، وقضاياه من قضاياهم، كأنه تحدث بألف لسان في كل قصيدة.
الشاعر السوداني الكبير الصادق الرضي وصف النواب بالمعلم، مشيرًا إلى أن غيابه "كشف العالم"، قائلًا إن "هذا يوم حزين". هو أيضًا شاعر للحزن وللثورة، والحزن فينا -كما يقول الرضي- كائن يمشي على ساقين.
محبو مظفر السودانيون عرفوه عبر قصائده، وعبرها رثاه "مازن الأمير"، مشيرًا إلى "المساورة أمام الباب الثاني"، مودعًا "غريب الدار".
رحم الله الشاعر العظيم #مظفر_النواب وطيّب ثراه، عاش مظفر حياة مغامرٍ في جفن الردى المتربص به ببأس الأنظمة، غادر اليوم لا كما ظن في المساورة، ألاّ يودعه إلا الصدى أو نخلة تبكي على الأغراب، بل كما يستحق وكما رآه الناس، شاعراً فحلاً وإنساناً فريداً. فيا غريب الدار، إنها أقدار. pic.twitter.com/ypcL2mIeVi
— Mazin Alamir (@mazinalamir) May 20, 2022