اتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" اليوم الاثنين السلطات السودانية باستخدام القوة المفرطة بما يشمل القوة القاتلة ضد المتظاهرين في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2020، ما أسفر عن مقتل سبعة متظاهرين، بينهم صبي (16) عامًا بالإضافة إلى أحد أفراد القوات النظامية. أصيب أيضًا نحو (25) شخصًا معظمهم بعيارات نارية وذلك بمدينة كسلا.
المنظمة: القوات العسكرية التي تتعامل مع الحشود إما غير مدربة أو لا تحترم حقوق الإنسان
وذكرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تقريرها الصادر اليوم الاثنين وأطلع عليه "الترا سودان" اليوم الاثنين أن احتجاجات وقعت في مدينة كسلا بعد يومين من قيام رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بإقالة حاكم ولاية كسلا صالح عمار، وذلك بعد أسابيع من الاضطرابات بين أفراد قبيلة البني عامر التي ينتمي إليها عمار وقبيلة الهدندوة التي عارضت تعيينه.
اقرأ/ي أيضًا: توترات بين مجموعتين أهليتين بالقرب من جبل مرة وتحذيرات من هشاشة أمنية
وقالت نائبة مديرة قسم إفريقيا في هيومان رايتس ووتش إيدا سوير: "على السلطات الانتقالية السودانية أن تعلن بوضوح أن قوات الأمن ليست فوق القانون من خلال محاسبة كل من انتهك القانون بسرعة وصرامة".
وأردفت: "ينبغي أن يكون الشعب السوداني قادرًا على ممارسة حقه في الاحتجاج السلمي دون خوف على حياته".
وأوضحت "هيومان رايتس ووتش" أنها أجرت مقابلات هاتفية مع (11) شاهدًا بينهم أطباء حول أحداث كسلا وقامت بمراجعة مقاطع فيديو وصور وتقارير الطب الشرعي.
ومضت المنظمة بالقول: "في 15 تشرين الأول/أكتوبر الماضي تجمع المتظاهرون في الساحة الرئيسية في مدينة كسلا لسماع الخطب ثم توجه بعضهم في الظهيرة نحو مبنى حكومة الولاية قرب جسر القاش الذي يربط بين الأجزاء الغربية والشرقية من البلدة".
وتابعت: "قوات الأمن المكونة من الشرطة الاحتياط المركزي وقوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية حاولت عند ذلك التقاطع إيقاف المتظاهرين بإطلاق الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع في الهواء".
شاهد عيان للمنظمة: قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين في جسر القاش
وبحسب "هيومان رايتس ووتش" بعد المواجهة الأولية أطلق عناصر شرطة كانوا متمركزين في شارع جانبي النار مباشرة على المتظاهرين ما تسبب في قتل اثنين منهم بينهم عبد الله حسين أبو بكر (16) عامًا.
ونقلت "هيومان رايتس ووتش" عن متظاهر (24) عامًا قوله: "رأيت قوات الأمن متمركزة أمامنا قرب مدخل جسر القاش ومبنى حكومة الولاية على بعد (500) إلى (700) مترًا تقريبًا وهناك بدأنا نسمع طلقات نارية تبعها الغاز المسيل للدموع ورأيت القوات تطلق النار في الهواء، فجأة ازدادت العيارات النارية وسمعت من حولي يقولون إن بعض المتظاهرين أصيبوا".
وأشارت منظمة "هيومان رايتس ووتش" إلى أن المواجهة الثانية وقعت خارج المستشفى حيث كان المتظاهرون الجرحى يعالجون أطلقت قوات الشرطة الاحتياط المركزي الغاز المسيل للدموع على الحشود المتجمعة خارج المستشفى ممن جاؤوا في الغالب للتبرع بالدم.
اقرأ/ي أيضًا: إجراءات أمنية لحماية المؤسسات الحكومية في الذكرى الثانية للثورة
وقال أحد الشهود طبقًا للمنظمة المعنية بمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، إن قنابل الغاز المسيل للدموع أُطلقت على المستشفى وردًا على ذلك نصب المتظاهرون حواجز بالقرب من مدخل المستشفى.
وقال صحفي أجرت هيومان رايتس ووتش مقابلة معه إن ثلاث مركبات تابعة لقوات الدعم السريع حملت إحداها جثة جندي ميت حاولت الوصول إلى المستشفى، لكن رفض المتظاهرون السماح لها بالاقتراب من المدخل.
ويُظهر اثنين من مقاطع الفيديو حللتهما "هيومان رايتس ووتش" تراجع مركبات قوات الدعم السريع في محاولة للابتعاد عن حشد من المتظاهرين.
هيومان رايتس ووتش: ينبغي ملاحقة جرائم القتل ومنح الأولوية لإصلاح قطاع قوات الأمن السودانية
وأردفت المنظمة في إفادتها حول مقاطع الفيديو التي حللتها: "تبدأ إحدى السيارات بالالتفاف بينما يمكن رؤية أشخاص داخل السيارة وهم يطلقون النار في اتجاه المتظاهرين بينما قال شهود إن خمسة أشخاص قتلوا".
ونقل تقرير "هيومان رايتس ووتش" عن أحد الصحفيين الشهود قوله: "ركضت فورًا لأحتمي خلف جدار صيدلية قرب المستشفى كان ثمة متظاهر قربي وكنت أمسك به وأحثه على تفادي قوات الدعم السريع. هرب من المكان الذين كنا نحتمي فيه لأسمع بعد ثوان عيار ناري وأراه يسقط والدماء تغطي ملابسه وصدره وركضت نحوه ونقلته مع بعض الأشخاص إلى المستشفى وهناك قال الأطباء إنه مات".
وأكدت "هيومان رايتس ووتش" أن مقطع فيديو آخر اُلتقط في نفس الفترة تقريبًا يظهر بركة كبيرة من الدماء عند مدخل الصيدلية ويُظهر مقطع ثان صُوِّر أيضًا أمام الصيدلية بركة أخرى من الدماء.
وكان وزير الإعلام السوداني في وقت لاحق من يوم واقعة كسلا أعلن أن مكتب النائب العام فتح تحقيقًا في الأحداث لكنه حمّل المتظاهرين مسؤولية حوادث القتل لاشتباكهم مع قوات الأمن.
ولفتت"هيومان رايتس ووتش" إلى أنها لا تعلم بأي حادثة موثقة تشمل متظاهرين شكلت تهديدًا واضحًا لحياة قوات الأمن أو آخرين كانت القوات تحميهم.
اقرأ/ي أيضًا: الشرطة تحرر أجنبيات من شبكة للاتجار بالبشر في الخرطوم
وأعربت منظمة هيومان رايتس ووتش عن قلقها من اعتماد الحكومة بشكل مفرط على القوات العسكرية أو الجيش للسيطرة على الحشود ونوهت إلى أن هذه القوات إما أنها تفتقر إلى التدريب المناسب على تكتيكات إنفاذ القانون أو لا تطبقها وتستخدم بدلًا من ذلك القوة المفرطة والقاتلة.
وتابعت المنظمة: "كما لا تعترف القوات تحديدًا بالتزاماتها باحترام وحماية وتسهيل حق المتظاهرين في التجمع والتعبير السلميين وكذلك بالقيود المفروضة عليها بموجب قانون حقوق الإنسان فيما يتعلق باستخدام القوة".
باحث في المنظمة: فشل الحكومة في إصلاح القطاع الأمني من أسباب استمرار الانتهاكات
من جهته أوضح الباحث في منظمة هيومان رايتس ووتش محمد عثمان لـ"الترا سودان" أن الانتهاكات التي رُصدت مرتبطة تحديدًا بالقوات المنتشرة.
وقال عثمان إن إفادات شهود العيان وتقارير الطب الشرعي تُشير إلى أن الإصابات بالرصاص كانت قاتلة وفي الأجزاء العلوية من الجسم تحديدًا أمام مستشفى كسلا وأطلاق النار تم من مسافة قريبة جدًا ومن غير أي سبب.
وأبان محمد عثمان أن هذه الانتهاكات ترتبط الإشكاليات التي لها علاقة باستعمال القوات العسكرية وشبه العسكرية للأسلحة النارية في التعامل مع الحشود من دون تدريب أو حساسية أو احترام لحقوق الإنسان، لافتًا إلى أن المشكلة الأساسية هي فشل الحكومة في إصلاح قطاع الأمن.
اقرأ/ي أيضًا
استئناف الدراسة بالقضارف للصفين الثامن الأساس والثالث الثانوي