11-يناير-2024
gettyimages

(Getty) لا توجد أي ملامح للحياة في الدلنج، وغالبية المرافق الصحية والأسواق متوقفة منذ أسبوع

تعيش مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، معارك عسكرية عنيفة ومتواترة منذ أسبوع، إثر هجمات متتالية نفذتها قوات الدعم السريع، على المدينة تصدت لها القوات المسلحة متحالفة مع قوات الحركة الشعبية- شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.

وقال شاهد عيان من مدينة الدلنج لـ"الترا سودان"، إن المعارك العسكرية استمرت حتى مساء الأربعاء، وأن الواضح حاليًا هو سيطرة الجيش والقوات الشعبية على مواقع واسعة في المدينة، وفق قوله.

ولم يحصل "الترا سودان"، على تعليق من متحدث باسم الجيش أو متحدث الحركة الشعبية- شمال، عما إذا كان هناك "تحالف غير معلن" بين الطرفين، رغم أن مجريات المعارك تشير إلى وجود تنسيق، حسب ما يقول شهود عيان.

ذكر أحمد الملحي من مدينة الدلنج لـ"الترا سودان"، أن الأوضاع الأمنية صباح اليوم هادئة إلى حد ما، عقب سيطرة الجيش وقوات الشعبية- شمال على أجزاء واسعة من المدينة

وقبيل اندلاع الحرب، كانت قوات الحركة الشعبية- شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، تسيطر على مناطق في ولاية جنوب كردفان، وأطلقت عليها "المناطق المحررة" وعاصمتها مدينة "كاودا".

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، قالت تقارير صحفية إن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، طلب من الحركة الشعبية- شمال، القتال إلى جانب القوات المسلحة مقابل تفاهمات سياسية، فيما يتعلق بمطلب الحلو حول تطبيق العلمانية.

ونفى الطرفان هذه التقارير الصحفية على الرغم من حدوث لقاء بينهما في دولة إرتريا في ذلك الوقت.

ونشرت حسابات على المنصات التواصل الاجتماعية، صور مركبات تتبع للدعم السريع، وهي محترقة تمامًا وهي حوالي عشرة مركبات مع قطع حربية من قاذفات الصواريخ والعتاد الحربي.

وشنت قوات الدعم السريع هجومها على المدينة التي تعاني من اضطرابات أمنية منذ خمسة شهور من الناحية الشمالية، كما قال شهود عيان تحدثوا لـ"الترا سودان"، وصباح اليوم الخميس هدأت المعارك العسكرية عقب سيطرة الجيش وقوات الشعبية- شمال.

ولم يعلن الجيش والحركة الشعبية- شمال، عن تحالف بينهما بيد أن الأوضاع على الأرض في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، إحدى معاقل "الشعبية" تظهر عملهما عسكريًا بشكل مشترك، ووجود تنسيق ميداني، كما يقول نشطاء من الدلنج.

وكانت الدلنج قد شهدت حركة نزوح واسعة، خاصة لمجموعات "الحوازمة" وهي مجموعات عربية تُقيم في الدلنج وتشكل المنطقة عمق امتداداتها المتعلقة بتربية الماشية وتخشى هذه المجموعات من تحول القتال بين الجيش و"الشعبية" من جهة والدعم السريع من جهة إلى حرب إثنية.

وذكر أحمد الملحي من مدينة الدلنج لـ"الترا سودان"، أن الأوضاع الأمنية صباح اليوم هادئة إلى حد ما، عقب سيطرة الجيش وقوات الشعبية- شمال على أجزاء واسعة من المدينة، منذ مساء الأربعاء.

وكانت منصة وزارة الإعلام التابعة للحكومة ومقرها ولاية البحر الأحمر شرق السودان، قالت إن الجيش وقوات الحركة الشعبية- شمال، ألحقا خسائرًا فادحةً بـ"المتمردين"، في إشارة إلى الدعم السريع بمدينة الدلنج.

وكانت السلطات الأمنية، دعت المواطنين إلى عدم مغادرة المدينة، لأنها تسيطر على الأوضاع وحذرت من أن خلو المنازل يعرضها إلى النهب.

وقال المليحي، إن بعض الأحياء شهدت أعمال حرق، إذ تعرضت العديد من المنازل إلى الحرق، والمدينة تبدو شبه خالية من السكان لليوم الثالث على التوالي، مع ملاحظة حركة نزوح كثيفة خارج المدينة.

وأضاف: "لا توجد أي ملامح للحياة في الدلنج، وغالبية المرافق الصحية والأسواق متوقفة منذ أسبوع، والوضع الإنساني يشهد تدهورًا سريعًا مع تزايد حركة النزوح".

والدلنج هي مدينة واقعة في ولاية جنوب كردفان، وقبل سنوات شهدت القتال بين الجيش وقوات الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق، قبيل انفصال جنوب السودان واستقلالها عن السودان.

وتثير أوضاع المدينة المتأثرة بالحرب منذ سنوات بعيدة، مخاوف النشطاء في منظمات المجتمع المدني من عودتها إلى حرب أهلية تدمر النسيج الاجتماعي والتعايش الذي ساد في الولاية بين مختلف السكان.

تثير أوضاع المدينة المتأثرة بالحرب منذ سنوات بعيدة، مخاوف النشطاء في منظمات المجتمع المدني من عودتها إلى حرب أهلية تدمر النسيج الاجتماعي والتعايش الذي ساد في الولاية بين مختلف السكان

وذكر محمد كمال وهو باحث سياسي لـ"الترا سودان"، أن الأمور تكاد تقترب في الخروج عن السيطرة في حرب السودان، لأن مناطق الصراع حاليًا، متأثرة بالحروب التي شهدت القتال العنيف خلال السنوات الماضية، بسبب المظالم التاريخية، والجيش والدعم السريع يخوضان الحرب حاليًا ويقتربان من حافة الحرب الأهلية.

ويعتقد كمال أن المجتمع الدولي تخلى عن السودانيين في حرب مدمرة، دون تأثير على طرفي القتال وتُركت الأمور لمنظمة الإيقاد التي تقود وساطة لجمع الجنرالين، وحتى الاتحاد الأفريقي ظل يلعب دورًا ضعيفًا في ملف السودان.

ويرى كمال، أن ما يحدث في الدلنج خطير للغاية ويجب أن يتدخل العقلاء من الطرفين لوقف الحرب هناك، وعلى الدعم السريع أن يتوقف عن القتال في مناطق هي بمثابة مناطق تاريخية في التمازج بين المجتمعات.