28-مايو-2022
(AFP)

(AFP)

يرددون "نحن الملوك" فيأتيهم الرد "لن نتركه يسير وحده"! التاسعة من مساء اليوم سيتوجه السودانيون بعيونهم وبمشاعرهم نحو العاصمة باريس، يجذبهم إلى هناك سحر المستديرة في نهائي دوري أبطال أوروبا بين فريقي ريال مدريد الإسباني وليفربول الإنجليزي.

مباراة اليوم سيكون مسرحها كل العالم فكيف هي تفاصيلها في شوارع السودان؟

في باريس أكمل الفريقان استعداداتهم من أجل الظفر بالبطولة؛ ريال مدريد الذي فاز بـ(13) بطولة سابقة ويرغب في زيادة رصيده بنجومه الذين يحفظهم السودانيون عن ظهر قلب، وليفربول الحاصل على ست بطولات يقوده أيضًا لاعبون تعرفهم الخرطوم وتعلق صورهم في لافتات المحال التجارية. لكن مباراة اليوم سيكون مسرحها كل العالم، فكيف هي تفاصيلها في شوارع السودان؟

ملعب افتراضي

في السودان يمكن متابعة الاهتمام بمباراة اليوم من خلال جولة في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصفحات السودانية وفي التعليقات، أو حتى في الصور التي تمت مشاركتها قبل أيام من الملحمة. ثمة من يضعون شعارات ريال مدريد مكان صورهم الشخصية، ويبدون في تمام الثقة بأن حكومة "بنزيمة" قادرة على إخضاع القادمين من ليفربول لسلطتها، وهو ذات الأمر الذي يفعله من سيدعمون الفريق القادم من الـ"إنفيلد". ورغم أن الفريقين يمتلكان قاعدة مشجعين كبيرة علي الأرض؛ تظل معارك ومواجهات الواقع الافتراضي هي الأجمل، خصوصًا في ظل ذكر سيرة "برشلونة" غريم الريال التقليدي، وتشجيع من يشجعونه للفريق الإنجليزي المنافس للريال.

مكاسب مالية

وخصص الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" جوائز ضخمة لطرفي نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بين ليفربول وريال مدريد، اللذان سيجتمعان يوم السبت على ملعب فرنسا الدولي بالعاصمة باريس.

وسيحصل كل من ليفربول وريال مدريد على (17.5) مليون دولار نظير وصولهما إلى المباراة النهائية لـ"التشامبيونز ليغ". علاوة على ذلك، سيكسب البطل (5.1) مليون دولار إضافية لمشاركته في كأس السوبر الأوروبي في آب/أغسطس المقبل.

وفي نهاية المطاف سيحصل بطل دوري أبطال أوروبا 2022، على جائزة مالية ضخمة مجموعها (22.6) مليون دولار من خلال مشواره في البطولة بدءًا من دور المجموعات.

بعيدًا عن ملايين باريس

لكن في سوق الصالحة جنوب أمدرمان، "نوادي المشاهدة" التي تفتح على الشارع الرئيس أعدت لهذا الأمر خصيصًا، حيث يعلن صاحب النادي عن حفلة الليلة مستخدمًا الطباشير الأبيض ويكتب منذ الصباح الباكر "ليفربول ضد ريال مدريد". 

تعد هذه المباريات من أهم الفعاليات التي تستعد لها أندية المشاهدة
تعد مثل هذه المباريات الختامية من أهم الفعاليات التي تستعد لها أندية المشاهدة

يقول صاحب نادي المشاهدة محمد إسحق، إن مباراة اليوم ستكون موسمًا لجني الأموال من خلال الحضور المتوقع، وتبلغ قيمة التذكرة (200) جنيه سوداني مضافًا لذلك العائد من بيع المشروبات من ست الشاي التي تحتل مكانها هناك، ما يعني أن العائد المالي لكرة القدم سيتجاوز باريس لأماكن عديدة في العالم.

هلا مدريد

“أضربي ليهو هسة لو رد ليك أوعدك حيتزوجك”، تكتمل الجملة بعبارة "هلا مدريد"، لتؤكد صاحبتها على فرضية واحدة أن ليلة السبت فقط ليلة الاستمتاع بنهائي أوروبا، ولا شيء يشغل الفؤاد غير الأحمر والأبيض. لن تشهد فرقًا في المتابعة والتفاعل بين الشوارع الخرطومية وشوارع المدن العالمية سوى ذلك المتعلق بلغة التواصل المشترك وفروقات التوقيت. وعلى غير عادتها ستفتح "خرطوم المعاناة" أعينها للسهر وهي المدينة التي تنام باكرًا، لتشكو من قلة الأمكنة التي يمكنها أن تنتظر فيها الصباح، لتمنح ضجيج شوارعها صمت القبور وتحوله إلى داخل أندية المشاهدة أو إلى الصالونات التي تتسع لأصحابها وأصحابهم وجيرانهم وزملاء العمل.

https://t.me/ultrasudan

هنا الخرطوم تتسع أكثر من مدريد لقيم لا يمكن أن تغادر. أهلها يجلسون أمام الشاشات ويغنون لحلم فريقهم الذي سينتصر في نهاية المطاف ويفوز بالكأس ذات الأذنين. عمومًا؛ يوم الحدث، في الوقت من الساعة العاشرة إلا ربعًا وحتى الثانية عشرة وعشرون دقيقة، لن تكون ثمة حكاية غير حكاية المباراة التي تجري في باريس.

بطولة خاصة 

من يشجعون الريال يريدونها مدريدية ومن يدعمون "الريدز" ينتظرونها في ليفربول، لكن مشجعي الفريقين ينظرون للمباراة بأنها ساعة خاصة يسعون فيها من أجل انتزاع لحظة للاستمتاع بعيدًا عن الرهق "اليوماتي"، يتجاوزون فيها معادلة الصراع اليومي بينهم ولقمة العيش، ينسون أنهم مهزومون في معركة الكهرباء والمياه، وحتى معركتهم في الحصول على حق مشاهدة المباراة دون أن يدفعوا قيمتها وفقًا لاقتصاد السوق الحر. هنا يضًا على الفقراء أن يدعموا الأغنياء والملوك بجنيهات الدخول إلى النادي من أجل المشاهدة، وسيدفعونها عن رضا وهم ضاحكون.

تكتب الفعاليات المهمة بالطباشير على "سبورة" نادي المشاهدة
تكتب الفعاليات المهمة بالطباشير على "سبورة" نادي المشاهدة

مؤكدٌ أن اختلاف كرة القدم في أوروبا عن نظيرتها في أفريقيا يفرز اختلافًا أيضًا في من يشاهدونها داخل الخرطوم، فثمة خرطومان مختلفتان ولكن أعين المتعة واحدة بين من يحضرونها في المطاعم الراقية في شارع المطار وأولئك الذين "يتفرشخون" على برش في أحد أندية المشاهدة في الأحياء الشعبية، كلهم سيحصلون على المتعة نفسها ويتمنون الحصول علي بطولة "وطن يسع أحلامهم معًا" كما قال لي أحد الشباب وهو يكمل استعداده لسبت معركة باريس في أزقة الخرطوم.