28-ديسمبر-2021

يسود الاضطراب داخل وزارة المالية مع اقتراب نهاية العام وعدم وضوح الرؤية حول موازنة العام 2022، في وقت يصرح فيه مسؤولون بأن الحكومة تعتزم رفع أسعار القمح والكهرباء لتغطية العجز في الموازنة.

وكان وزير المالية جبريل إبراهيم صرح لوكالة بلومبيرغ أن الحكومة تخطط لرفع أسعار الكهرباء والقمح في موازنة العام الجديد لأن المؤسسات الدولية بعد الإجراءات العسكرية في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي علقت التمويل المالي.

ترفع الحكومة أسعار السلع الأساسية بحجة رفع الدعم بينما يقولون اقتصاديون إن الأمر مجرد تحايل 

وتنفذ الحكومة الانتقالية إجراءات تقول إنها إصلاحية برفع أسعار الكهرباء وطحين القمح وهو برنامج يمتد حتى العام 2023 ويشمل سلع أخرى مثل الأدوية والوقود.

اقرأ/ي أيضًا: لجنة أطباء السودان: أكثر من 200 إصابة في 25 ديسمبر

ويقول أحمد جبر (44 عامًا) وهو موظف في القطاع العام، لـ"الترا سودان"، إن الوضع الاقتصادي ازداد سوءًا منذ الاضطرابات الشعبية في شرق السودان وإغلاق الموانئ، في مطلع تشرين الأول/أكتوبر المنصرم أصبح سعر الخبز يتفاوت من منطقة إلى أخرى ويباع في الغالب بالسعر التجاري بقيمة (50) جنيهًا للقطعة في غالبية المدن.

ويعتقد جبر أن تحرير طحين القمح وأسعار الخبز "تحايل حكومي" لزيادة الضرائب على السلع الأساسية وتقليص العجز في الموازنة التي لا تخصص بنودها لخدمة المواطنين.

وتعتمد الحكومة في موازنة العام 2022 على موارد محلية سيما بعد توقف تعهدات المجتمع الدولي احتجاجًا على الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وخسرت الموازنة نحو (650) مليون دولار هذا العام بسبب انسحاب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من الالتزامات السابقة جراء الانقلاب العسكري، لكن المحلل الاقتصادي وائل فهمي يؤكد أن الموازنات المالية منذ سنوات طويلة تعاني من مشاكل هيكلية بسبب ميولها إلى الإنفاق العسكري على حساب التنمية والتعليم والصحة.

وذكر فهمي أن حكومة "الثورة" بدلًا من معالجة هذه الأسباب مضت في ذات الطريق باحتفاظ قطاع الأمن والدفاع ببنوده المالية في موازنتي العامين الماضيين وظلت الحكومة تخدع المواطنين بأنها تدعم السلع الأساسية حتى يتركز النقاش حول الدعم السلعي بدلًا من النقاش حول الإنفاق العسكري والسياسي. ويقدر الإنفاق على هذين القطاعين بحوالي (70)% من القيمة الكلية للموازنة، أي نحو (500) مليار جنيه.

ويوضح فهمي أن موازنة العام 2022 لم تتشكل ملامحها حتى الآن ولم تنشر للرأي العام على الرغم من بقاء أيام لنهاية السنة.

ورغم التصريحات الحكومية المتكررة عن توقف الدعم الخارجي بعد الانقلاب العسكري، لكن بعض المحليين الاقتصاديين يقولون إن المجتمع الدولي لم يقدم أي دعم مالي ملموس منذ الاطاحة بنظام المخلوع، وعلى مدى عامين ظلت الحكومة تعتمد على رفع أسعار السلع الأساسية دون مبررات بحجة رفع الدعم وزيادة الإنفاق العسكري والسيادي.

ويقول المحلل الاقتصادي خالد التجاني النور في حديث لـ"الترا سودان"، هذا وهم كبير. المجتمع الدولي لم يقدم تمويلًا يذكر على مدى عامين، أو حتى ما قبل ذلك؛ جميعها تعهدات لم تنفذ.

ويضيف النور: "حتى برنامج ثمرات الممول من المانحين الدوليين التزموا بسداد (1.9) مليار دولار، ولاحقًا تم تقليصها إلى (820) مليون دولار. والبرنامج لم يحقق أهدافه لأن عدد المستفيدين لم يتجاوز (8%) من جملة (32) مليون مواطن مستهدف".

اقرأ/ي أيضًا: انهيار في أسعار محصول الفول السوداني

وأضاف: "قررت الولايات المتحدة الأميركية تعليق (700) مليون دولار بعد الانقلاب العسكري، لكن هذه المبالغ مرصودة منذ العام 2020، بالتالي التعلل بهذه الأسباب غير منطقي".

ويرى النور أن هناك مشاكل بنيوية تواجه الموازنات في السودان بسبب تزايد الإنفاق العسكري والأمني والسيادي بدلًا من الصرف على التنمية والتعليم والصحة.

فراغ حكومي واضطراب سياسي يحجبان ملامح موازنة العام الجديد 

وقال إن "السودان على أعتاب الموسم الشتوي وهو يعاني من عجز كبير في توفير المدخلات الزراعية، ولا تزال البلاد تعاني من حالة فراغ سياسي جراء تأخر إعلان الحكومة الجديدة، بالتالي سيكون العام 2022 قاسيًا".

 ولم تعرض الموازنة على المستوى الفني حتى الآن "مستوى وكلاء الوزارات"، بينما لم تتحدث الحكومة عن كيفية إجازتها في ظل الفراغ وتأخر إعلان الحكومة الجديدة خاصة وأن الموازنة السابقة أجيزت بالتوافق بين المجلسين السيادي والوزراء وهما يشكلان سلطة تشريعية مؤقتة طبقًا للوثيقة الدستورية.

اقرأ/ي أيضًا

انهيار 8 آبار تعدين يؤدي لمقتل العشرات بمنطقة فوجا

مليونية 25 ديسمبر.. زخم المواكب يتصاعد رغم القمع وقطع الاتصالات