قبل أن يهدأ الخلاف والانقسام داخل حزب المؤتمر الشعبي، بسبب انعقاد هيئة الشورى من دون موافقة الأمانة العامة للحزب ولا مشاركتها في حزيران/ يونيو الماضي، أشعلت مشاركة الأمانة العامة وموافقتها على مشروع الإعلان الدستوري الذي أصدرته اللجنة التسييرية لنقابة للمحامين مؤخرًا، أشعلت خلافًا واسعًا بين مجموعة هيئة الشورى والأمانة العامة. ومع تمسك كل طرف بموقفه، أصدرت مجموعة هيئة الشورى بيانًا توضيحيًا، فيما أعلن موالون لها عن مذكرة مفتوحة، وقع عليها المئات من أعضاء الشعبي، ترفض توجه الأمانة العامة للحزب وخطها السياسي.
كشف قيادي في المؤتمر الشعبي لـ"الترا سودان" عن حملة توقيعات للضغط على الأمانة العامة للتراجع عن "جريمة" المشاركة في مشروع الإعلان الدستوري
وعلى الرغم من تحفظ أمانة المؤتمر الشعبي على لفظ "الدولة المدنية" الوارد في مشروع الإعلان الدستوري، إلا أن مجموعة الشورى ما تزال تصف الخطوة بأنها خروج عن "ثوابت الدين" والنظام الأساسي للمؤتمر الشعبي، وهو ما عدّه الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر "مزايدةً بالدين" ومحاولات من المؤتمر الوطني لإثارة الفتنة داخل المؤتمر الشعبي.
وقال كمال عمر في تصريح لـ"الترا سودان" إن لفظ "المدنية" الوارد في مشروع الإعلان الدستوري "لا يدل على العلمانية"، وإنما مدنية ضد العسكرية، وهو الشعار الذي يطالب به الشارع – على حد قوله. وأوضح عمر أنهم تحفظوا على عدد من النقاط في الإعلان الدستوري، خاصةً "الدولة المدنية"، لكنه أكد أن لفظ الدولة المدنية "لا يحمل ملامح علمانية". وأضاف أنهم دخلوا في نقاش مع عدد من القوى السياسية حول قضايا الفترة الانتقالية، مشيرًا إلى المراجعات التي أجراها المؤتمر الشعبي في مجال الحريات وعدم اعترافه بحكم الردة، واصفًا ذلك بالتقدم نحو التحول الديموقراطي.
وانتقد القيادي في المؤتمر الشعبي والمؤيد لرؤية هيئة الشورى عمار السجاد - انتقد الأمانة العامة للشعبي وقال إنها "غير مجازة". وأضاف السجاد في تصريح لـ"الترا سودان": "نحن في الشورى نتبنى خطوط سياسية ولدينا اتصالات ومواقف مختلفة عن الأمانة، وشاركنا في مبادرة الطيب الجد ونحن فاعل أساسي فيها". وأوضح أنهم يعملون في خط "مغاير تمامًا" لخط الأمانة "غير المجازة" – على حد تعبيره. وزاد: "أصبحت هناك ازدواجية وخطين في الشعبي، خط الأمانة وخط الشورى، والآن نحن نمارس نشاط سياسي ولدينا اتصالات ونضغط على الأمين العام علي الحاج، رغم المبادرات لعقد شورى وفاقية". ولفت السجاد إلى تفجر الأوضاع من جديد في الحزب بسبب موضوع الإعلان الدستوري ومشاركة بعض أعضاء الأمانة العدلية وإقرارهم بـ"العلمانية ومدنية الدولة".
وأكد السجاد أن هذا الأمر مرفوض بالنسبة إليهم، كاشفًا عن إطلاقهم حملة مناهضة وجمع توقيعات قال إنها تستهدف ألفًا من القيادات والفاعلين في الحزب على مستوى السودان. وتابع السجاد: "الآن وصلنا إلى (700) توقيع، والمقصود بذلك القوى السياسية والمجتمع الإقليمي والدولي، والأمين العام للحزب، حتى يعرفوا أن هناك رفضًا شديدًا للمشاركة في هذه الجريمة".
وانعقد الاثنين الماضي بالمركز العام للمؤتمر الشعبي اجتماع ضم الأمانة العامة وأمانة العدالة وحرمات الإنسان وحقوقه للتداول حول مشروع الدستور الانتقالي الذي طرحته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين. وأمّن الاجتماع على ضرورة المشاركة السياسية الفاعلة في" قضايا الحوار" التي تؤسس لمشروع الانتقال الديمقراطي في الفترة الانتقالية مع جميع القوى السياسية. وأشاد الاجتماع بفكرة ابتدار المشروعات المفضية إلى وضع آليات وصولًا إلى الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية وردّ السلطة إلى الشعب بعد ثورة كانون الأول/ ديسمبر 2018 التي قال تصريح صحفي للمؤتمر الشعبي إنها مثلت إلهامًا للشعب السوداني عبر شعاراتها "حرية سلام وعدالة".
ووفقًا لتصريح الشعبي، أشاد الاجتماع المشترك بالخطوة التي تبنتها النقابة من أجل فتح أبواب الحوار لمكونات الساحة السياسية، وأكد الاجتماع على التحفظ على "مدنية الدولة بمفهومها المتعارف عليه"، مطالبًا بمواصلة الحوار في مشروع الدستور مع جميع القوي السياسية من أجل تضمين النصوص المتفق عليها في لجنة الصياغة.
وعقب إجازة الاجتماع المشترك للأمانة العامة للشعبي والأمانة العدلية لخطوة المشاركة في مشروع الإعلان الدستوري والحوار السياسي، أعلن قيادات في المؤتمر الشعبي عن مذكرة مفتوحة للضغط على قيادة الشعبي للتراجع عن خطوتها. ووفقًا للمذكرة التي اطلع عليها "الترا سودان" رفض الموقعون الإعلان الدستوري، وقالوا في مذكرتهم: "لا نقر أي توجه نحو تأييد قيادة المؤتمر الشعبي الذي يؤكد في دستوره على أن الحاكمية العليا في سلطان الدولة لله وأن شعب السودان في غالبه شعب مسلم يمارس حقه في الحكم وكتابة الدستور بسيادة وعزة واستقلالية معتمدًا في ذلك على الحوار بين مكونات الوطن السياسية والمجتمعية".
أكدت المذكرة أن مشروع الإعلان الدستوري يمثل "توجهًا علمانيًا" لا يعبر عنهم ولا يعبر عن غالب الشعب السوداني
وأضافت المذكرة التي وقع عليها ما يزيد عن مئتي قيادي في حزب المؤتمر الشعبي أن الفترة الانتقالية يجب أن تسود فيها روح العدالة والمساواة والديمقراطية واحترام القانون وأن تبتعد عن "الانتقام والإقصاء والصراع والعنف" وتعلي من روح الوفاق والوحدة الوطنية. وأكد الموقعون على المذكرة أن مشروع الإعلان الدستوري يمثل "توجهًا علمانيًا" لا يعبر عنهم ولا يعبر عن غالب الشعب السوداني ولا عن الثورة التي نادت بالحرية والسلام والعدالة - وفقًا لنص المذكرة.