15-أغسطس-2023
نازحون جراء الحرب في السودان

نزحت العديد من الأسر هربًا من الحرب في الخرطوم (Getty)

حالة من الذهول تنتاب "آدم" الذي وجد نفسه مضطرًا إلى ترك حي "تكساس" في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور والتوجه إلى منطقة "أم دافوق"، ومن هناك إلى جنوب السودان لطلب اللجوء.

يتوجه السودانيون يوميًا إلى المعابر الحدودية لتجنب البقاء في وضع إنساني حرج أو المكوث في منطقة اشتباكات في الخرطوم أو دارفور

والحرب تجبر يوميًا الآلاف في ولاية جنوب دارفور خاصة في مدينة نيالا المكتظة بالسكان على النزوح، تاركين المنطقة التي لطالما شكلت مصدرًا للدخل الاقتصادي، كونها تضم أكبر الأسواق في المحاصيل والمنتجات الزراعية.

آدم (27 عامًا) يعمل في بيع الفواكه في سوق نيالا، ولم ينتظم في عمله بعد الحرب سوى فترات قليلة. عندما تبدأ الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع يختبئ الجميع في المنازل حتى تستقر الأوضاع الأمنية ثم يعاودون نشاطهم اليومي، لكن مع تقدم الوقت لم يعد بالإمكان الحصول على بعض اللحظات الآمنة – يقول آدم.

عندما ولد آدم في العام 1997، كانت الأوضاع في دارفور طبيعية، ربما كانت تعاني من الجفاف وانعدام التنمية، لكن هذا الطفل آنذاك واجه الحرب منذ العام 2003، عندما شاهد مئات الآلاف من القرى المحيطة بنيالا ينزحون ويتحلقون حول مخيمات النزوح في هذه المدينة الغنية بالموارد الطبيعية.

https://t.me/ultrasudan

يقول آدم إنه قرر الخروج من نيالا، وكان يأمل توقف القتال بين الجيش والدعم السريع، لكن هذا مستحيل في الوقت الحالي لأن نطاق النزاع المسلح يتسع مع الوقت – يضيف آدم.

سيلحق آدم بشقيقه في جنوب السودان ويواصل مسيرته في التعليم إلى جانب العمل، كما يحب، لينضم إلى عشرات الآلاف من السودانيين اللاجئين في جنوب السودان.

ودرجت جنوب السودان على تخفيف القيود في المعابر أمام السودانيين الفارين من القتال، وقال آلاف السودانيين إن جوبا نفذت إجراءات مرنة للغاية لاستقبال الفارين من الصراع المسلح من جميع أنحاء السودان.

ويتوجه السودانيون يوميًا إلى المعابر المشتركة مع السودان وإثيوبيا شرق البلاد، ومع السودان ومصر شمال البلاد، وهي مغادرة قد تجنبهم البقاء في وضع إنساني حرج أو المكوث في منطقة اشتباكات بالعاصمة الخرطوم.

نازحون جراء الحرب في السودان
نزح الآلاف جراء الحرب في السودان (Getty)

يقول المستشار السابق في منظمة إنسانية دولية علي الحاج لـ"الترا سودان" إن السودانيين عندما يقررون اللجوء إلى دولة مجاورة فإن خططهم في الغالب الوصول إلى دولة ثالثة أو البقاء هناك وتقييم الوضع خاصة الشبان لديهم شعور باليأس لأن الوضع قبل الحرب لم يكن مشجعًا من الناحية الاقتصادية.

يقول الحاج إن طالبي اللجوء السودانيين، رغم استقبالهم في بعض دول الجوار، لم يحصلوا على مساعدات من الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية، وتُركوا يواجهون مصيرهم.

في مدينة مثل نيالا التي فر منها آدم قد يتخلى عن أحلامه في متابعة دراسته بعد الجامعية أو تنمية تجارته في سوق الفواكه حسب ما كان يأمل جنبًا إلى جنب مع الدراسة.

قد لا أعود قريبًا هكذا رد آدم عن سؤال بشأن موعد العودة إلى السودان؛ فهو لا يرى أملًا يلوح في الأفق بتوقف القتال، ويعتقد أن التعافي من الحرب يحتاج إلى وقت حتى بعد توقفها.

في حرب السودان يدفع المدنيون ثمن القتال الذي شارف على دخول شهره الخامس بالنزوح أو البقاء في مناطق ملتهبة في العاصمة الخرطوم ونيالا وزالنجي والجنينة، وهي أكثر المدن سخونة من ناحية النزاع المسلح.

ونزح ثلاثة ملايين شخص داخليًا، فيما لجأ مليون شخص إلى دول الجوار ويواجهون صعوبة في تدبير شؤونهم مع نقص التمويل الدولي المخصص للعمليات الإنسانية.

 تتعقد مهمة إنهاء الحرب في السودان في ظل ضعف الموقف السياسي الرافض للحرب إلى جانب صعود أصوات تطالب الجيش بالحسم العسكري وعدم قبول التفاوض على ما يقول المناهضون للحرب.

وفي خطاب بمناسبة العيد التاسع والستين للقوات المسلحة السودانية، تعهد قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان أمس الإثنين بأن يحتفل الجيش بالنصر قريبًا، مشيرًا إلى أن هذه الحرب يخوضها الجيش مضطرًا ضد الدعم السريع.