02-يونيو-2022
شرق السودان

مجددًا عادت الاضطرابات السياسية، إلى اقليم شرق السودان، بمسارين يثيران قلق الحكومة المركزية بإغلاق العشرات من أنصار مجلس نظارات البجا مقر الأمانة العامة للحكومة المحلية بمدينة بورتسودان، والمسار الثاني تصعيد جديد للزعيم الأهلي ورئيس تنسيقية مجلس نظارات البجا محمد الأمين ترك، الذي توعد بإغلاق الإقليم إذا ما تعرض للإقصاء من "حوار الآلية الثلاثية".

ترك يهدد بإغلاق جديد للموانئ وتحذيرات من عواقب وخيمة

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أغلق المئات من أنصار مجلس البجا، موانئ بورتسودان، والطريق القومي، لـ (45) يومًا، إحتجاجًا على مسار الشرق في اتفاقية جوبا، ومناهضة حكومة عبد الله حمدوك والدعوة إلى الحكم العسكري علنًا كما صرح الزعيم الأهلي محمد الأمين ترك.

 ومطلع الأسبوع الجاري، بالتزامن مع حوار أعلنت عنه الآلية الثلاثية التي تضم بعثة "اليونيتامس"، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيقاد، الأسبوع القادم، هدد محمد الأمين ترك في مؤتمر صحفي بإغلاق جديد لموانئ بورتسودان، محذرًا رئيس بعثة "اليونيتامس" فولكر بيرتس، من أسماها بالتحركات الإقصائية لشرق السودان.

تيليغرام

و لامتصاص الأزمة المتصاعدة شرقًا، طلبت الآلية الثلاثية لقاء مجلس البجا للنظر في كيفية إجراء المشاورات، قبل بدء الحوار "السوداني-السوداني" بتيسير من الآلية نفسها.

ويقول الصحفي المُختص بقضايا شرق السودان عبد القادر باكاش لـ"الترا سودان"، إن المطالبة بطرد فولكر والتهديد بإغلاق الشرق حديث يتحفظ عليه بعضُ الفاعلين في شرق السودان باعتبار أنهُ ليس هناك ما يربط شرق السودان بالبعثة الأممية التي ليس لديها مشكلة مع شرق السودان.

ويرى باكاش أن بعثة اليونيتامس عقدت لقاءات عديدة مع مكونات شرق السودان.

قضايا التنمية

وبينما تترقب البلاد تسويةٍ سياسية قال مجلس نظارات البجا في بيان صحفي الثلاثاء: "أيّ إقصاء لشرق السودان  في أيّ تسوية سياسية ستكون لهُ عواقب وخيمة على السودان، ولن نسمح للنخب بتنفيذ خُططهم التي كانوا ينفذونها مُنذُ الاستقلال باستغلال الموارد وتهميش إنسان الشرق".

مطالب الشرق 

يُطرح التساؤل الدائم: ما هي المطالب التي يضعها مجلس نظارات البجا على طاولة الحكومة المركزية؟ 

للإجابة على هذا السؤال يؤكد الأمين السياسي لمجلس نظارات البجا سيد علي أبو آمنة في تصريح لـ"الترا سودان" أن اللجنة التي شكلها مجلس السيادة مطلع هذا العام لحل أزمة الشرق فشلت في حل قضية الشرق وتنفيذ القلد، ولم تحاول حتى ذلك.

وشكك أبو آمنة في وجود إرادة لدى اللجنة السيادية للتوصل إلى حل جذري لقضية إقليم شرق السودان.

ويتهم أبوآمنة الحكومة المركزية، بفرض قيادات على شرق السودان، وأضاف : "نعرفها جيدًا لأنها قيادات مدسوسة، ولا علاقة لها بالإقليم قضايا السكان".

وأردف: "اللجنة السيادية أصدرت عددًا من القرارات ونعتقد أن هذه القرارات تحتاج لتعديل حتى تتوافق مع شروط القُلد، ورغم ذلك لم يتم تنفيذها وآخر وعد تلقيناه من اللجنة السيادية تنفيذ القُلد بعد العيد، وعوضًا عن ذلك لاحظنا المُضي في سياسات لتفتيت وحدة مجلس نظارات البجا وتنفيذ مسار الشرق".

ويصف أبو آمنة إيقاف أموال التنمية والخدمات في عدد من أقاليم السودان لصالح تنفيذ اتفاق جوبا بالاختلال، ويؤكد أن تصعيدهم رفضًا للوالي و7 شروط أُخرى تتعلق بالموارد والمعادن والتعيين في الوظائف ومؤسسات الإقليم، ومطالبتهم بالتمييز الإيجابي، وتنفيذ القلد.

إقالة الوالي

ويعتصم العشرات من أنصار تنسيقية نظارات البجا، بمقر الأمانة العامة لحكومة ولاية البحر الأحمر، في مدينة بورتسودان منذ مطلع الأسبوع الجاري، ويطالبون بإقالة الوالي علي أدروب، على خلفية أزمة توزيع حواكير في الولاية.

وتثير قضايا شرق السودان، قلق الحكومة المركزية لأن الإقليم يضُم أكبر الموانئ السودانية، التي تعتمد عليها البلاد في الاستيراد والتصدير والعمليات التجارية لدول الجوار.

ويوضح المتخصص في قضايا شرق السودان الصحفي عبد القادر باكاش في لـ"الترا سودان"، أن المجموعة التي تعتصم بمقر الأمانة العامة، تناهض تدخلات نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، وفي ذات الوقت تعارض سياسات والي البحر الأحمر وتطالب بإقالته وهناك شكوك لدى هذه المجموعة أن دقلو والوالي لديهما علاقات جيدة.

ويعتقد باكاش أن مجلس نظارات البجا نشأ في ظروف سياسية كانت معقدة جدًا وهذا الأمر منحهُ شعبية كبيرة من سُكان شرق السودان، وصار صاحب الصوت الأعلى جماهيريًا ولكن عدم وجود تنظيم للمجلس وهيكلته جعلت بعض الرؤى تتباين داخله وبات لكل شخص رؤية يحاول أن يُنفذها باسم المجلس الأعلى، وهذه إحدى المشاكل في تعامل المجلس مع الحكومة.

وأضاف باكاش: "مجموعة من المجلس ترى أن سبب الأزمة الحالية أيلولة ملف الشرق لنائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، ويُتهم بتعقيد  المشهد".

ونوه باكاش إلى أن المجموعة التي تنفذ الاعتصام بمقر الأمانة العامة يطالبون بإعادة ملف الشرق إلى عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول شمس الدين الكباشي، وهم يعتقدون أن كباشي كان أكثر جدية ، بينما يتولى حميدتي العديد من الملفات، مما تسبب في بطء الملف مؤخرًا.

صراع مختلط 

فيما يرى الناشط من بورتسودان أونور حمد علي لـ"الترا سودان"، أنّ رئيس بعثة اليونيتامس فولكر بيرتس يحاول تقريب  وجهات النظر بما يتوافق مع دعم مسار الشرق الموقع في اتفاقية جوبا، وهو ما يرفضهُ مجلس نظارات البجا.

وفيما يتعلق بمطلب إقالة حاكم الولاية، يعتبرها حمد صراعًا سياسيًا واجتماعيًا ويضيف: "التهديد بإغلاق الميناء ليس سوى كرت ضغط".

بالمقابل يهدد الأمين السياسي لمجلس نظارات البجا سيد أبو آمنة بالتصعيد المستمر حال عدم الإستجابة لشروط المجلس، مضيفًا أن إقليم شرق السودان لن يكون موردًا لأموال الخرطوم.

وتابع: "سنغلق الإقليم بالكامل في وجه الخرطوم، إذا لم تنفذ مطالب الشرق".

عواقب وخيمة 

وخسر السودان، العام الماضي إثر الإغلاق الذي طال الموانئ الرئيسية شرق البلاد، ملايين الدولارات إلى جانب رفع تأمين شحن السفن إلى السودان، نتيجة الاضطرابات السياسية والإجتماعية التي تخشى من شركات الملاحة العالمية.

كما أثر إغلاق الموانئ السودانية، على اقتصاد ولاية البحر الأحمر، وتأثرت شبكات اجتماعية تعمل في الموانئ، من انخفاض الدخل اليومي، جراء انخفاض حركة الموانئ.

وكان المتخصص في خدمات الموانئ، والتخليص الجمركي، بدر خلف الله، حذر في حديث لـ"الترا سودان"، الأسبوع الماضي من رفع تأمين شركات الملاحة، جراء الاضطرابات السياسية في هذه الولاية التي تضم أطول ساحل على البحر الأحمر.

ويحذر الصحفي عبد القادر باكاش المهتم بقضايا شرق السودان من تداعيات الإغلاق السابق، وقال إن العودة إلى إيقاف الموانئ يؤدي إلى خسارة 90% من الحياة العامة بولاية البحر الأحمر.

وقال باكاش إن مواطن الولاية هو الذي يتحمل تكلفة الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وتنعكس سلبًا على أوضاعه الاقتصادية.

باكاش: يجب سحب ملف الشرق من الإدارات الأهلية

ويقول باكاش إن العسكريين لا يدعمون خيارات مجلس البجا في قضايا الشرق، رغم استخدام المجلس في الاطاحة بالحكومة المدنية، بإغلاق الموانئ لـ(45) يومًا العام الماضي، ولجأ مستوردون ومصدرون إلى موانئ بديلة.

ويشير باكاش إلى أن شرق السودان، يحتاج إلى قرارات حاسمة وفق رؤية الدولة، دون وضع الملف في يد الإدارات الأهلية في الإقليم، لأن هذا التصرف له عواقب وخيمة على الولاية والبلاد.