07-أبريل-2024
سيدة تعد الطعام في خيمة نزوح بإقليم دارفور (المجاعة)

نذر المجاعة في دارفور

حذرت منظمات أممية من حدوث مجاعة في السودان، خاصة في إقليم دارفور جراء الحرب المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي أوشكت أن تكمل عامها الأول.

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة، إنه يتلقى بالفعل تقارير عن أشخاص يموتون جوعًا في دارفور ومخيماتها

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة، إنه يتلقى بالفعل تقارير عن أشخاص يموتون جوعًا في دارفور ومخيماتها، جراء الكارثة الإنسانية الناجمة عن الصراع هناك.

 حيث وصف الناطق الرسمي لمنسقية النازحين واللاجئين يعقوب فوري الوضع الإنساني في دافور بالسيئ، مشيرًا أن النازحين بالمعسكرات ظلوا يعانون طوال (21) عامًا، مع انتظار تحسن أوضاعهم طيلة هذه الفترة، حتى جاءت حرب العام 2023، والتي فاقمت الأوضاع بالإقليم.

كما توقع ازدياد عدد الوفيات وحالات سوء التغذية بسبب الجوع وارتفاع درجة الحرارة، برغم المناشدات من قبل النازحين للمنظمات والجهات المعنية وعدم الاستجابة المتواصلة لهم.

وتابع أنه من أهم الأسباب التي فاقمت الأزمة التي توشك أن تدخل في دائرة المجاعة القريبة، هو عدم تمكن المزارعين من ممارسة نشاطهم الزراعي،وفشله بسبب الآفات مع توقف المنظمات الإنسانية من تقديم الدعم جراء الحرب.

وأفصح عدد من المزارعين والخبراء في المجال الزراعي، عن مخاوفهم من تدني الإنتاج في هذا الموسم ودخول مجاعة .

وتعتبر الزراعة واحدة من أهم الطرق الاقتصادية المدرة للدخل في إقليم دارفور، لخصوبة تربته وكثرة ممارسي مهنة الزراعة، والتصدير لبقية ولايات السودان. 

حيث قال برنامج الأغذية العالمي في بيان له الأسبوع الماضي، إن (18) مليون شخص في أنحاء البلاد يواجهون حاليًا مستويات حادة من الجوع، وطالب الطرفين المتحاربين بتقديم ضمانات فورية لإيصال المساعدات إلى المحتاجين بشكل آمن، واصفًا عبور وكالات الإغاثة خطوط المواجهة في مناطق الصراع بالسودان بأنه "شبه مستحيل" بحسب تعبيره.

 الخطر القادم

طالب الناطق الرسمي لمنسقية النازحين والاجئين بدارفور آدم رجال آدم بفتح الممرات الإنسانية الآمنة لوصول الإغاثة للنازحين وإنقاذ الأرواح، وأشار إلى أن أي مماطلة تعني موت الأطفال، لأن النازحين في السابق كانوا يعتمدون في غذائهم على منظمة الغذاء العالمي والمنظمات الأخرى، لكن منذ اندلاع الحرب تأثرت أعمال المنظمة الأممية، وحرمت بعض المخيمات من تلقي الحصص الغذائية لقرابة الـ (11) شهرًا.

وقال إن الصور المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي عن معاناة الأطفال وتغير ملامحهم، تبكي كل من يملك ذرة رحمة في قلبه، بحيث تعبر هذه الصور عن حالة المجاعة التي تعيشها المعسكرات.

كما طالب رئيس الشباب بمعسكر كلمة موسى عبدالرحمن، المانحين والأمم المتحدة بالتدخل العاجل والفوري والنظر لوضع النازحين بالمعسكرات لإنقاذهم من الانحراف للمجاعة. وأكد أن مؤشرات المجاعة بدأت تظهر داخل المعسكر، حيث توفي حتى تاريخ اللحظة (443) من كبار السن والأطفال، مع وجود (1223) حالة سوء تغذية بالعنابر.

مجموعة من الأشخاص يفترشون الأرض في معسكرات النزوح في دارفور
الأوضاع المأساوية في معسكرات النزوح في دارفور

وذكر برنامج الأغذية العالمي، أنه حذّر مرارًا وتكرارًا من كارثة الجوع التي تلوح في الأفق في السودان ودارفور، وقال بأنه "يجب أن يتمكن الناس من الوصول إلى المساعدات على الفور لمنع الأزمة من أن تصبح كارثة".

وأضاف: "من المثير للصدمة أن عدد الجياع قد تضاعف أكثر من العام الماضي، ويعاني ما يقدر بنحو خمسة ملايين من مستويات الطوارئ في الجوع -المرحلة 4 من التصنيف الدولي للبراءات-، بسبب الصراع في مناطق مثل الخرطوم ودارفور وكردفان"

وفي 28 آذار/مارس من العام 2024، حذرت السلطة المدنية التابعة لحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور، عن حالة مجاعة شديدة تجتاح مناطق سيطرتها في جبل مرة بإقليم دارفور غربي البلاد.

وبحسب البيان الذي حصل "الترا سودان" على نسخة منه، فقد وصل عدد النازحين في مناطق سيطرة الحركة إلى أكثر من (450) ألف أسرة، أي ما يعادل (2.25) مليون نسمة، موزعين على (13) مخيم إيواء، مضيفًا أن هذه المخيمات تعاني من نقص حاد في الغذاء والأدوية والمواد غير الغذائية، مما يهدد بتفاقم الوضع الكارثي.

وأوضح البيان أن نحو (75) ألف سيدة، بعضهن كبار سن وأخريات حوامل، يعانين من سوء التغذية، فيما فارقت (694) سيدة الحياة، نتيجة الجوع والأمراض وتدهور الرعاية الصحية مع وجود أكثر من (26) ألف طفل، جلهم تحت الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بجانب وفاة (1724) طفلًا جراء ذلك.

وناشد البيان المجتمعين الدولي والإقليمي للتدخل العاجل لمنع وقوع كارثة إنسانية في دارفور، والضغط على الأطراف المتنازعة لوقف الأعمال العدائية، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية للنازحين والمدنيين.

وفي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في أعقاب مشاركتها في مؤتمر القضايا الإنسانية الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة، أوضحت الحركة عبر ممثلها كمال عبد العزيز، أن موجات النزوح الأخيرة لآلاف المحتمين بمعاقل سيطرتها بجبل مرة بإقليم دارفور، أكبر من إمكانياتها.

وطالبت المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية، بالتدخل العاجل لتوفير المساعدات الإنسانية للنازحين. وظل إقليم دارفور يعيش في حالة حرب واضطرابات وموجات عنف حصدت أرواح مئات الآلاف، وتسببت في تشريد أكثر من مليوني شخص داخليًا وخارجيًا.

إعلان المجاعة

يتم الإعلان عن المجاعة عندما ينتشر سوء التغذية، وعندما تبدأ خسارة الأرواح تنتشر جراء الجوع الشديد بسبب عدم الحصول على طعام كافٍ ومغذٍ، ويأتي عدم المساواة على رأس العوامل المهمة الدافعة لذلك، إلى جانب انخفاض الدخل على وجه الخصوص، مما يجعل الغذاء ميسور التكلفة بعيدًا عن متناول الملايين.

ويتم إعلانها في أي منطقة بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي يتكون من خمس مراحل، المرحلة الأولى تتمثل في مراقبة الحد الأدنى من الضغوط المرتبطة بالأمن الغذائي أو عدم الإبلاغ عن أي ضغوط، أما في المرحلة الثانية يتم رصد بعض الحالات  لأشخاص يواجهون مشكلات في العثور على الطعام.

 وتأتي المرحلة الثالثة ببروز أزمة في الغذاء، وتليها الرابعة التي يتم فيها إعلان حالة الطوارئ، أما الخامسة فتتمثل في الوصول إلى الوضع كارثي أو المجاعة.

وبحسب موقع الأمم المتحدة، يتم بلوغ المرحلة الخامسة عندما تستوفي المنطقة ثلاثة معايير، أولها رصد %20 على الأقل من السكان في المنطقة يواجهون مستويات عالية من الجوع. 

بجانب معاناة %30 من الأطفال في المنطقة نفسها من الهزال أو النحافة الشديدة بالنسبة لأطوالهم، وتضاعف معدل الوفيات مقارنة بالمتوسط. والذي يقاس بالنسبة للبالغين بحالة وفاة واحدة لكل (10.000) شخص يوميًا، وبالنسبة للأطفال حالتي وفاة لكل (10.000) طفل يوميًا.إما بسبب الجوع الشديد، أو بسبب الجمع بين سوء التغذية والمرض.

في القرن الحادي والعشرين، تم تجنب المجاعات إلى حد كبير بفضل النظام المبتكر لتتبع الجوع الحاد، والذي تم تطويره خلال الأزمة في الصومال عام 2004 من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)

وتتم مراقبة انعدام الأمن الغذائي والمجاعة عن كثب، بفضل نظام التتبع التفصيلي الذي تستخدمه الوكالات الإنسانية في مناطق عملها. 

وجدير بالذكر أنه في القرن الحادي والعشرين، تم تجنب المجاعات إلى حد كبير بفضل النظام المبتكر لتتبع الجوع الحاد، والذي تم تطويره خلال الأزمة في الصومال عام 2004 من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، والذي تستخدمه الآن وكالات الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم. يُطلق على هذا النظام اسم التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أو (IPC)، وقد تم استخدامه في (40) دولة.

ووفقًا للمسؤول الأممي للأمم المتحدة، إن أسهل طريقة لتجنب حدوث المجاعات هي وقف الصراعات. ولكن إذا كان ذلك سيستغرق وقتًا طويلًا، فإن المسؤولية الإنسانية تحتم ضمان القدرة على إطعام الأبرياء وتوفير المياه والضروريات -مثل الدواء- للعالقين في تلك المناطق.