لم يستفق الاقتصاد في السودان من إغلاقات كورونا في العام 2020، وتكبد خسائر هائلة بحسب تقارير رسمية وصلت إلى نسبة (40)% من الإيرادات الضريبية، والتي انعكست سلبًا على أداء الموازنة السنوية واضطرت الحكومة الى الاستدانة المصرفية بطباعة النقود وزيادة أسعار الوقود والخدمات الأساسية.
والأسبوع الماضي حذرت منظمة الصحة العالمية "مكتب السودان"، من أن ولايات الخرطوم ونهر النيل والجزيرة تواجه تزايدًا في إصابات فيروس كورونا دون تحديد السلالة.
الوضع المعيشي المتفاقم يجعل متخذي القرار مترددين في اتخاذ قرار الإغلاق
وأشارت الصحة العالمية إلى أن تزايد الإصابات بفيروس كورونا يتزامن مع شح الأوكسجين في بعض المرافق الصحية.
اقرأ/ي أيضًا: 26 يومًا من العزلة..صحفيون في خطوط النار
وكان مواطنون أغلقوا شارعًا رئيسيًا أمس السبت بولاية الجزيرة احتجاجًا على انعدام الأوكسجين، وتأتي هذه التطورات في ظل فراغ حكومي منذ أكثر من شهر عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة الانتقالية، فيما عاد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وفق اتفاق سياسي مع قادة التشكيل ويعتزم تشكيل حكومة كفاءات مستقلة خلال أسبوعين.
وأوضح مسؤول سابق في هيئة الطوارئ الصحية بوزارة الصحة الاتحادية في تصريح لـ"الترا سودان"، أن فرض إغلاق شامل قد يكون واردًا لكن الأوضاع المعيشية لا تسمح للملايين من العمال والفقراء على الجلوس في المنزل لأن الحكومة لا تقدم المساعدات الاقتصادية المباشرة وهناك غليان في أسعار السلع الاستهلاكية.
وبلغت حالات الإصابة بفيروس كورونا حتى آخر تحديث للبيانات الحكومية في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري حوالي (42) ألف إصابة، وتعافى (32) ألف شخص، فيما تم تصنيف ستة آلاف شخص ضمن الحالات المستقرة.
ويوضح المسؤول السابق بوزارة الصحة الاتحادية في مكتب الطوارئ والأوبئة أن: "خيارات الإغلاق قد تكون واردة لكنها قد تضعف في حال تقديم متخذي القرار في الدوائر الحكومية الأخرى خاصة المؤسسات الاقتصادية والإجتماعية مبررات منطقية عن الوضع المعيشي وأوضاع عشرات الآلاف من العمال في مختلف المهن".
وعما إذا كان متحور "أوميكرون" سيطرق أبواب السودان ذكر هذا المسؤول أن هذا الأمر يعتمد على الإجراءات الداخلية الصارمة، والتي قد تصل إلى إغلاق المطارات وهي مرحلة استبعد وصول السودان إليها نتيجة تأثير الإغلاق الأول على الاقتصاد.
ويضيف: "لا شك أن أوميكرون سيصل السودان عاجلًا أم آجلًا، لكن السؤال كيف سيتم التعامل معه صحيًا في بلد يعاني من تدهور النظام الصحي وانعدام الأدوية وارتفاع الأسعار وصعوبة متعددة في الحياة الاقتصادية".
ولا تقدم الحكومة مساعدات اقتصادية مباشرة للفقراء لتفادي آثار الإغلاق على الرغم من محاولة منظمات مجتمع مدني العام الماضي لتوفير معينات غذائية ولوجستية لآلاف الفقراء.
وقال أمجد عبدالرحيم المحلل الاجتماعي في حديث لـ"الترا سودان"، إن المساعدات الإنسانية زادت في العام الحالي بسبب آثار جائحة كورونا وفقدان الآلاف للوظائف في البلاد.
ويضيف عبدالرحيم: "من الصعب فرض الإغلاق الشامل لكن يمكن تشجيع تدابير صحية مثل ارتداء قناع الوجه ومنع الحركة الجوية من وإلى المطارات الواقعة في بؤر الفيروس الجديد أوميكرون"، لافتًا إلى أن السودانيين كسروا الإغلاق العام الماضي ومارسوا الحياة اليومية وهناك تعايش مع الفيروس رغم خطورته لأن الوضع المعيشي مقدَّم على التحوطات الصحية في نظر الغالبية التي تعتمد على كسب المال يوميًا طالما أن الحكومة لا توفر مساعدات مباشرة حتى بإلغاء الضرائب.
اقرأ/ي أيضًا: موانئ السودان والمعادلة السياسية لترويكا الانتقال
ويثير الفيروس المتحور والذي أكتشف في جنوب إفريقيا الساعات الماضية قلق العديد من الدول حول العالم، والتي اضطرت الى إيقاف رحلاتها الجوية من وإلى جنوب إفريقيا الساعات الماضية تجنبًا للفيروس الفتاك.
مسؤولة سابقة في الصحة العالمية: البلاد تحتاج إلى إنعاش النظام الصحي بقرارات حكومية جريئة وثورية
وتوضح هالة حسن وهي مسؤولة سابقة بمنظمة الصحة العالمية في حديث لـ"الترا سودان"، أن الوضع الصحي في السودان لا يحتمل وصول الفيروس المتحور "أوميكرون"، ونصحت باتخاذ إجراءات قد تخفف الآثار الصحية للفيروس الجديد حال عدم القدرة على فرض الإغلاق الشامل بسبب المخاوف الاقتصادية.
وأضافت: "يجب تحسين أنظمة الطوارئ الصحية وزيادة مراكز العزل وإعادة العمل في المستشفيات والمراكز المغلقة أو شبه المهجورة في العاصمة والمدن، ويمكن توظيف آلاف الكوادر الطبية للتعامل مع الوبائيات لكن الحكومة كي تفعل ذلك تحتاج إلى قرارات سريعة وجريئة وثورية".
اقرأ/ي أيضًا
عنف واعتقالات في مواكب الشهداء
هل الطفرة الجديدة لفيروس كورونا في جنوب أفريقيا هي نفسها في ولاية الجزيرة؟