تزايد مؤخرًا إرجاع صادرات الماشية من السعودية إلى السودان بسبب نقص المناعة وبالتزامن مع أزمة الصادرات قررت الرياض إيقاف صادرات الماشية عقب ظهور حميات في بعض مناطق.
رابطة البيطريين: إيقاف الصادرات فرصة لتقييمها ومنع تصدير الماشية الحية
وتُقدر عدد البواخر التي عادت من السعودية إلى السودان خلال نصف عام فقط حوالي(39) باخرة وتكبد مصدري الماشية خسائر فادحة نتيجة تحمل نفقات الشحن والأعلاف والرسوم الحكومية.
لكن الطبيب البيطري وعضو رابطة الأطباء البيطريين وليد علي يعتبر قرار إيقاف الماشية فرصة كبيرة لتقييم صادرات الماشية بالتوقف عن تصدير الماشية الحية حيث يفقد السودان ملايين الدولارات من القيمة المضافة التي هو في أمس الحاجة إليها.
اقرأ/ي أيضًا: البنك الإفريقي يمول تشغيل (1170) مضخة مياه بالطاقة الشمسية بكردفان
وكان وزير الثروة الحيوانية والسمكية المكلف عادل فرح قد صرح لـ"الترا سودان" أن لجنة تقصي الحقائق زارت الحظائر والمجمعات لمعرفة الخلل الذي يؤدي إلى عدم تلقيح الماشية.
وتعهد فرح باتخاذ إجراءات قوية بناء على نتائج لجنة تقصي الحقائق مشيرًا إلى أن مجلس الوزراء مهتم جدا بتطوير الصادرات الحيوانية.
لكن عضو رابطة الأطباء البيطريين "إحدى مكونات تجمع المهنيين" وليد علي أحمد أشار في حديث لـ"الترا سودان" إلى أن من دخلوا مجال تصدير الماشية في السنوات الأخيرة هم من يطلقون عليهم "الوراقة" وهي جماعات لديها أموال محلية ضخمة تشتري بها الماشية ثم تصدرها للحصول على حصائل الصادر بالنقد الأجنبي.
وأضاف علي: "في الغالب لا تعود حصائل الصادر إلى البلاد وتستورد بها السلع الباهظة وهي عملية مضاربة تحت غطاء صادرات الماشية".
ويدعو وليد علي إلى وضع إجراءات محكمة في عملية حصائل الصادر للماشية عبر بنك السودان ووزارة التجارة والصناعة والمالية ومراقبة مصدري الماشية ممن ظهروا في هذا القطاع بشكل مفاجئ.
وتابع: "تجار الماشية الذين يعملون في هذا المجال حريصون على تطعيم الماشية لذلك لا تعود شحناتهم لأن مناعة الحيوانات تكون مرتفعة لحرصهم على عدم خسارتها إضافة إلى عامل الخبرة".
وتقول السلطات السعودية أن السودان من أكبر موردي الماشية لديها بتصدير ما لا يقل عن ثلاثة ملايين رأسٍ سنويًا، لكن الأزمة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 عندما أبلغ السودان منظمة الصحة العالمية عن تفشي حميات مجهولة صُنفت على أنها تشكل خطورة على الحيوان والإنسان واضطرت السعودية إلى منع توريد الماشية من السودان.
اقرأ/ي أيضًا: مركز الخرطوم للاطلاع.. إغلاق يتزامن مع تمدد عمراني يهدد معالم المدينة
واشترطت الرياض على الخرطوم لاستئناف شحنات الماشية بتصديرها من المناطق التي تخلو من الحميات لكن الجانب السوداني تعلل بعدم قدرته على التحكم في حركة الماشية من منطقة إلى أخرى ووافق على التصدير بتطعيم جميع الشحنات.
ورغم ذلك فشل الجانب السوداني في تجاوز عتبة الـ(30)% من نسبة المناعة في الحيوانات التي صدرت عقب الاتفاق نسبة لرداءة اللقاح وصعوبة إقناع تجار الماشية بتتبع الإرشادات البيطرية كما يقول الطبيب البيطري الذي حجب اسمه لحساسية موقعه الوظيفي.
ومع حالة الضعف التي تتسم بها المؤسسات عقب تشكيل السلطة الانتقالية وتعمق الأزمة الاقتصادية فشلت الحكومة في تأهيل قطاع البيطرة الذي يسيطر عليه القطاع الخاص لتوريد الأدوية.
ويُقدر عدد شحنات ماشية الحية التي صدرت من السودان إلى السعودية بـ(102) شحنة دخلت منها (72) شحنة فقط، وهي مطابقة للمواصفات الصحية وتم رفض (30) شحنة لمخالفتها للاشتراطات وذلك حتى نهاية آب/أغسطس الماضي.
ونبهت السعودية الجانب السوداني إلى أن هناك اختلافًا في نتائج الفحوصات البيطرية بين البلدين، وللتأكد من نتائجها قارنت الرياض نتائج المختبرات مع نتائج مركز في مدينة جازان والرياض وميناء جدة وظهرت جميعها متطابقة بنسبة (100)%.
اقرأ/ي أيضًا: اتفاقية سلام جوبا.. ما هي أبرز العقبات؟
وأبلغ الطبيب البيطري والخبير في مجال الصادرات الحيوانية مفضلًا حجب اسمه، "الترا سودان" أن اللقاح المُستخدم في السودان مستورد من كينيا والمطلوب هو اللقاح الجنوب أفريقي لكن الشركة جلبت اللقاح من دولة كينيا، وتابع: "ربما ينتظرون نفاد كمياته حتى يتم الاستيراد من جنوب افريقيا".
ويُحمل خبراء بيطريون الحكومة الانتقالية مسؤولية تدهور الإجراءات البيطرية لصادرات الماشية بتركها تحت رحمة التجار وشركات الشحن وعدم إحكام الرقابة عليها لغياب الإدارة الحكومية التي تسعى إلى جلب العملات الصعبة للبلاد رغم أنها في أمس الحاجة إليها.
وكان وزير الثروة الحيوانية والسمكية عادل فرح، قد نبه شركات الشحن والمحجر بميناء سواكن بعدم استلام صادرات ماشية من محاجر تقع بولايتي كسلا والقضارف، لأن هناك ملاحظات حول الشحنات التي عادت وصُدرت من هذه المناطق.
ويشير الخبير البيطري الذي فضل حجب اسمه أن مواعين نقل الصادرات غير مهيأة لنقله وهناك سباق لجمع المال على حساب جودة الخدمات في غالبية الخدمات المقدمة من القطاع الخاص السوداني بسبب ضعف الرقابة الحكومية أو وجود مصالح متقاطعة، مشيرًا إلى أن الحكومة بكاملها تحت رحمة القطاع الخاص، سيما مع الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها.
وأضاف: "إذا رتبت نفسك جيدًا واتخذت إجراءات فعالة بتنظيم المحاجر وقمت بتعيين الأطباء البيطريين في المحاجر وقمت بمراقبة الأدوية المستوردة لتطعيم الحيوانات ووضعت شروط الشحن والتفريغ والنقل وتوفير الأعلاف والمراعي، فإن هذا يعتبر استثمار حقيقي ومأمون للثروة الحيوانية، لكن هذا لا يحدث إطلاقًا لعدم وجود إرادة حكومية".
عضو رابطة البيطريين: أشكك في قدرة السودان على توطين صناعة الجلود واللحوم في ظل المنافسة القائمة
ومع تكرار ظاهرة عودة صادرات الماشية السودانية من السعودية يحذر خبراء بيطريون ومصدرون من فقدان السوق السعودي في ظل تنافس شرس من دول الإقليم للسيطرة على الأسواق السعودية.
لكن عضو رابطة الأطباء البيطريين وليد علي، يشير إلى أن الدول لا تقوم بتصدير المواشي الحية بل تقوم بتحويلها إلى منتجات لحوم للحصول على القيمة المضافة، ويشكك في قدرة السودان على توطين صناعة الجلود واللحوم في ظل سباق محموم لتصدير الحيوانات الحية.
اقرأ/ي أيضًا
مندوب السودان بجنيف يطالب المجتمع الدولي بإعفاء ديون السودان
التفاصيل الكاملة عن تنازل وتعويض شركة الجنيد التابعة لـ"آل دقلو"