18-أغسطس-2019

عقب توقيع الاتفاق في السودان بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري (أ.ف.ب)

صاحبت عملية التوقيع على الاتفاق النهائي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في السودان، ردود أفعال مختلفة. وكانت الأفراح انتقلت غداة التوقيع من داخل قاعة الصداقة إلى الشارع السوداني، وانتظمت الكرنفالات والأعلام وأبواق السيارات في حفل استعراضي، حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، إلى جانب وصول قطار مدينة عطبرة، شمال الخرطوم، محملًا بالثوار، في رمزية للالتحام بين جماهير العاصمة ومدن الولايات الأخرى. 

تواصل الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي السودانية حول الخطابات والتغطية الإعلامية لحفل التوقيع، على نحوٍ أثار عاصفة من الاستفهامات

ومن جهة أخرى، تواصل الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي السودانية حول الخطابات والتغطية الإعلامية لحفل التوقيع، على نحوٍ أثار عاصفة من الاستفهامات.

اقرأ/ي أيضًا: ما بعد توقيع وثيقة الإعلان الدستوري.. الخرطوم ترقص بقلق

من يقف وراء كلمة ممثل الحرية والتغيير؟

كلمة محمد ناجي الأصم، ممثل قوى الحرية والتغيير، وأحد أبرز أيقونات الثورة السودانية، والتي استمرت لأكثر من نصف ساعة، أي الكلمة؛ استوقفت الكثيرين، وحظيت بحفاوة بالغة لما تضمنته من رسائل سياسية ولغة وصفها البعض بالجزلة، ما أثار تساؤلًا أيضًا حول الشخص الخفي الذي كتب خطاب الأصم تحديدًا.

 

وكانت مفاجأة مذهلة لأنصار الأصم، أن اكتشفوا أنه مجرد قارئ لخطاب عكفت عليه لجنة من بعض الصحفيين والسياسيين، وأخذت صياغة الجزئية الأولى من الخطاب أكثر من يوم، بواسطة لجنة شكلتها قوى الحرية والتغيير برئاسة السفير إبراهيم طه أيوب، وأمين الإعلام بحزب المؤتمر السوداني محمد حسن عربي، إلى جانب كاتب خطابات تجمع المهنيين البراق النذير الوراق، والصحفي حسام بدوي. ثم طلبت اللجنة من الأصم إضافة ما يراه مناسبًا للخطاب.

أما زعيم الأنصار، الصادق المهدي، فهو كثيرًا ما تثير خطاباته ردود أفعال كبيرة، نسبة لاحتشادها بالشعر والأمثال الطريفة والعبارات الجديدة. وقد حرص المهدي بالأمس على ابتداره خطابه ببيت الشعر العربي: "ولا بد من ورد لظمأى تطاولت.. ليالي سراها واحتواها البيد"، لما فيه من شحنة تفاؤل وتصميم، مقارنة بخطاب الحرية والتغيير، الذي في المقابل، "تمجد في الخطابة حتى تخوم المبالغة"، وفقًا للكاتب الصحفي عبد الله رزق.

وقال رزق في تدوينة على صفحته بفيسبوك: "المهدي المفكر، على غير العادة، ربما لم يجد جديدًا، يمكن استخلاصه من تجربة ثمانية أشهر من المنازلات الجسورة التي شارك فيها أبناء وبنات السودان، وانتهت رسميًا يوم أمس السيت، بانتصار الشعب السوداني، لذلك لم يتعد خطابه المألوف مما يتداوله عامة الناس من أمر الثورة، الحدث الأعمق أثرًا في حياة السودانيين، والأبعد تأثيرًا في تاريخ المنطقة والعالم".

كما خطفت مذيعة حفل التوقيع، إسراء عادل، الأضواء بالثوب الأبيض الذي ظهرت به، في إشارة إلى تمثيل "كنداكات" الثورة السودانية.

على هوامش التوقيع والثورة

ومن جانب آخر، وعلى هوامش الثورة وتوقيع الاتفاق، استقطبت مجموعة قنوات تاسيتي، أحد الأيقونات للثورة السودانية، وهو محمد يحيى الشهير "دسيس مان"، الذي اشتهر بالأناشيد والهتافات في ميدان الاعتصام. 

واحتكرت القنوات بالعقد الموقع مع "دسيس مان" ظهوره على شاشات التلفاز، كما أن المجموعة الإعلامية ستكون مشرفة على كافة أنشطته وأعماله.

فرحة السودانيين بالاتفاق أيضًا صاحبتها فرحتهم بعودة قناة الجزيرة للعمل من داخل السودان، وقد كان المجلس العسكري قد أغلق مكتبها في نهاية أيار/مايو الماضي دون مبرر، قبل أن يبلغ جهاز الأمن، مدير مكتب الجزيرة، يوم الجمعة الماضية، قرار المجلس العسكري بإعادة فتح المكتب في الخرطوم.

وأعادت السلطات السودانية معدات المكتب التي كانت قد صودرت من قبل، كما رفع حظر السفر الذي كان مفروضًا على مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم، المسلمي الكباشي.

أمّا المشهد اللافت، فقد بدا في الدور المتعاظم لقناتي العربية والحدث السعوديتين، بما يجري في السودان منذ سقوط نظام عمر البشير، والانحياز إلى وجهة نظر طرف دون الآخر. 

وكانت القناتان قد دعمتا بشكل واضح المجلس العسكري ضد القوى المدنية. وقد مثلت، بشهادة مراقبين محليين، دور الذراع الإعلامي المناهض للثورة بصورة أثارت الشكوك والمخاوف من الالتفاف على مطالب الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي.

وقد أوفدت القناتان السعوديتان أكبر بعثة إعلامية إلى السودان لتغطية مراسم التوقيع، على رأسها المذيعة نجوى قاسم، حيث تم حجز 15 غرفة لوفد القناة في فندق كورنيثيا المطل على نهر النيل، كما تأجرتا مقر قناة "سودانية 24" لمدة يومين.

لكن أكثر ما أغضب الشارع السوداني، الطريقة المُهينة التي قدمت بها المذيعة نجوى قاسم، رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري، الفريق شمس الكباشي، وقد نبهت المذيعة ضيفها على الهواء بالتركيز معها وترك الكاميرا، قائلة: "فيك ما تعذب نفسك مع الكاميرا، الشباب سيتولوا أخذ صورتك بأفضل ما يمكن، وبدي إياك تطّلع فيّ"، ليصف البعض طريقة المذيعة بأنها تخلو من اللياقة الإعلامية، وبالإهانة لضابط سوداني بينما كان يمكنها أن تنبهه بصورة لائقة.

وقد وصف الإعلامي السوداني، الشفيع الأديب، تصرف مذيقة قناة الحدث بـ"غير المقبول". وكتب الشفيع تدوينة على صفحته بفيسبوك، قال فيها: "سلوك غير مقبول من المذيعة في إحراجٍ للضيف رغم اختلافنا معه"، معتبرًا أن ما حدث "فيه استخفاف بالسودانيين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

عبدالله حمدوك.. من هو رجل المرحلة المقبلة في السودان؟

مباحثات الجبهة الثورية وتجمع الحرية في السودان.. اتفاق جزئي وقضايا عالقة