تسارعت وتيرة الأحداث في منطقة الفشقة بولاية القضارف شرقي السودان، عقب اتّهام الجيش السوداني للجيش الإثيوبي بقتل (7) جنود سودانيين ومواطن كانوا أسرى لديه وعرض جثثهم على الجمهور. وتوعد الجيش السوداني في بيان، مساء أمس الأحد، بالرد، قائلًا: "إن هذا الموقف الغادر لن يمر بلا رد".
الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله لـ"الترا سودان": الجنود فُقدوا في منطقة "الأسِرّة" بمحلية القريشة
وتوجّه القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، برفقة قيادات رفيعة في الجيش السوداني، اليوم الاثنين، إلى منطقة الفشقة الحدودية بولاية القضارف.
وأوضح الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله في تصريح مقتضب لـ"الترا سودان" أن الجنود فُقدوا في منطقة "الأسِرّة" بمحلية القريشة.
وأعلنت وزارة الخارجية السودانية عن شروعها في تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة، وعن استدعاء سفير السودان لدى إثيوبيا للتشاور بجانب استدعاء السفير الإثيوبي بالخرطوم.
وقالت الوزارة في بيان تلقى "الترا سودان" نسخةً منه: "حكومة السودان تحتفظ بكامل الحق الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة في الدفاع عن أراضيه وكرامة إنسانه".
توغل إثيوبي
قال الكاتب الصحفي المهتم بالشأن الأفريقي محمد مصطفى جامع لـ"الترا سودان": إن "الاشتباك وقع -بحسب المعلومات المتوافرة- بشرق منطقة الأسِرّة بمحلية القريشة، على بعد خمسة كيلومتراتٍ من نهر عطبرة". وتوغلت القوات الإثيوبية داخل الحدود السودانية بنحو خمسة كيلومترات–بحسب جامع- وقتلت جنديًا سودانيًا نتيجة الاشتباكات وأسرت مواطنًا وسبعة جنود آخرين.
وقُتل الجنود السودانيون في منطقة "عبدالرافع" عند الحدود السودانية مع إقليم الأمهرة التي تقطنها قومية الأمهرة.
وفي 21 حزيران/ يونيو الجاري، قالت لجنة متضرري الفشقة في تعميمٍ صحافي، تلقى "الترا سودان" نسخةً منه، إنّ قوة استطلاع (دورية) من القوات المسلحة تعرّضت لكمين في الفشقة الصغرى قبالة قرية "الأسِرّة" بمحلية "القريشة"، نصبته القوات الإثيوبية بداخل الأراضي السودانية، وكشفت عن فقد سبعة جنود سودانيين.
الشريط الحدودي
رئيس اللجنة القانونية لمزارعي الشريط الحدودي وعضو لجنة مزارعي ولاية القضارف مصعب أحمد صالح، وصف في حديثه لـ"الترا سودان" الأوضاع في الشريط الحدودي بـ"المتوترة والمتأزمة". وقال: "الوضع مُحتقن وإثيوبيا تزج بكل ما لديها من عسكريين ومواطنين على الحدود"، مشيرًا إلى وجود حشود من الجانبين وقيادات عسكرية سودانية رفيعة بالمنطقة.
وأضاف صالح: "هناك حشود إثيوبية في كل الاتجاهات والحدود الشرقية من القلابات إلى منطقة الأسرّة والفشقة الكبرى"، مبديًا تخوفه من "نذر حربٍ مُرتقبة".
ويقول صالح إن الإثيوبيين معتادون في فترة الخريف على إثارة القوات النظامية والمواطنين حتى لا يُقدموا على الزراعة، فيما لم تعمل الحكومة على تشجيع المواطن – بحسب صالح.
في السياق نفسه، قال محمد مصطفى جامع لـ"الترا سودان": إن القوة الإثيوبية الموجودة بالقرب من منطقة الفشقة يقودها ضباط ينتمون إلى عرقية الأمهرة التي لديها مطامع واضحة في الأراضي السودانية، وهم من ارتكبوا هذه الجريمة البشعة – على حد قوله.
وأضاف جامع: "لا أعتقد أن هذه الجريمة المنافية لكل القوانين الدولية تمت بموافقة عليا من الحكومة الإثيوبية ولكنها تتحمل المسؤولية الكاملة بطبيعة الحال". وتابع: "يجب أن تقر إثيوبيا بمسؤولية جيشها أو أن يكون هناك تحقيق مشترك إذا أنكرت وقوع الجريمة".
ويرى جامع أن اعتراف الحكومة الإثيوبية بوقوع الجريمة والتحقيق فيها، من شأنه أن يُخفف الآثار المتوقعة من انفجار الوضع أو تطوره إلى حرب شاملة.
ومن جانبه، قال رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل، في تعميمٍ صحافيٍّ اطلع عليه "الترا سودان"، إن التصعيد الإثيوبي قد تكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة، محمّلًا إثيوبيا المسؤولية كاملةً عما سيجرّ إليه عدوانها من تبعات.
استيلاء على مشاريع زراعية
رئيس اللجنة القانونية لمزارعي الشريط الحدودي، كشف لـ"الترا سودان" عن تقديم شركة إسرائيلية لإثيوبيا أكثر من (200) تراكتور وُزّعت على إثيوبيين، مشيرًا إلى أنّ إثيوبيا دخلت بقوة كبيرة قبل (20) يومًا واستولت على مشاريع زراعية تُقدّر مساحتها بآلاف الأفدنة بمناطق "أم ديسا وسندس" بالفشقة الصغرى، وُزّعت على المزارعين الإثيوبيين.
وأضاف: "إثيوبيا لن تتراجع عن الأراضي التي استولت عليها، والوضع حاليًا خطر وهناك حشود إثيوبية وإريترية على الحدود".
وكشف صالح عن اختطاف المليشيات الإثيوبية لمواطنين ودفع ثلاثة مليارات جنيه فديةً نظير استعادتهم.
تراجع الجيش السوداني
وفي وقتٍ سابق، قالت لجنة متضرري الفشقة إنّ القوات المُسلحة السودانية تراجعت عن مواقع متقدمة في الفشقة كانت تسيطر عليها في العام الماضي، وأصبحت الآن "تحت سيطرة الجيش الإثيوبي".
وقال رئيس لجنة متضرري الفشقة الرشيد عبدالقادر إبراهيم لـ"الترا سودان"، إن القوات المُسلحة السودانية كانت في مراكز كثيرة، حيثُ تقدمت بعمق أكثر من (10) كيلومترات شرق النهر تجاه كل من "بركة نورين" و"ود كولي" و"المديرية". ولكنها تراجعت في هذا الموسم، وأصبحت على بُعد سبعة كيلومترات فقط عن نهر عطبرة الذي يبعد عن الحدود الأصلية حوالي (25) كيلومترًا.
وأشار عبدالقادر إلى وجود قوات إثيوبية في مشاريع لعدد من المزارعين السودانيين بسبعة معسكرات في كل من "سندس"، "الجميزة"، "بركة نورين"، "ود كولي"، "الأسِرّة"، "المديرية" و"ود عاروض".
رئيس اللجنة القانونية لمزارعي الشريط الحدودي لـ"الترا سودان": شركة إسرائيلية قدمت لإثيوبيا أكثر من (200) تراكتور
وفي المقابل، نفى وقتها الناطق باسم الجيش لـ"الترا سودان": سيطرة قوات أو مليشيات إثيوبية مؤخرًا على أراضٍ سودانية. وقال: إن "القوات السودانية تمارس مهامها في تأمين الحدود السودانية الشرقية لمنع أيّ تعدٍّ على الأراضي السودانية".
وأعاد الجيش السوداني، نشر قواته والسيطرة على أراضي "الفشقة" في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر من العام 2020م، للمرة الأولى منذُ ربع قرن، بعد أن كانت تسيطر عليها عصابة "الشفتة" الإثيوبية.