"أدانسونيا" هو الاسم العلمي لنوع أشجار التبلدي، والتي تنبت في إقليم كردفان غربي السودان، وهي شجرة ذات جذع ضخم ومجوف بمحيط يصل إلى (10) أمتار، وطول من خمس أمتار حتى (20) مترًا، الأمر الذي يخولها أن تكون من أضخم الأشجار في العالم على الإطلاق.
والسودان ليس هو الدولة الوحيدة الذي تنبت فيها شجرة التبلدي، فهي تتواجد أيضًا في عدد من الدول الأفريقية منها مدغشقر واليمن، إضافة إلى شبه الجزيرة العربية وشمال غرب أستراليا. للشجرة تسعة أنواع منها تبلدي غرنديني وتبلدي وافر والتبلدي الإصبعي. وبالرغم من أن الشجرة ذات ثمار تميل إلى البياض، إلا أنها تصنف من الزهور العطرية التي تلقح ليلًا بواسطة الخفافيش وبعض الحشرات الليلية.
تلعب شجرة التبلدي دورًا مهمًا في النظام البيئي، ويعود ذلك لكونها تحافظ على رطوبة التربة ومنع تآكلها، كما تعتبر مصدرًا مهمًا للغذاء والمياه
تلعب شجرة التبلدي دورًا مهمًا في النظام البيئي، ويعود ذلك لكونها تحافظ على رطوبة التربة ومنع تآكلها، كما تعتبر مصدرًا مهمًا للغذاء والمياه وبعض الحشرات والطيور والزواحف، ويتجاوز عمرها الألف عام.
وبحسب مواطنين في مدينة كردفان يصل إنتاج الشجرة الواحدة إلي (20) جوالًا. وتستخدم ثمارها في تصنيع عصير التبلدي المحبب في كل أجزاء السودان، بينما يصنع من أوراق شجرة التبلدي عدد من الأطباق المحلية، إضافة إلى استخدامها في علاج البهائم، ويستخلص منها عدد من الزيوت التي تستخدم في منتجات التجميل، كما يدخل لحاؤها في صنع الحبال التي تستخدم في صنع الأثاث المحلي.
والجدير بالذكر أن هناك العديد من القرى في ولاية كردفان التي تعتمد بشكل أساسي على الماء المخزن في جذع شجرة التبلدي، والذي يصل بحسب أهالي المنطقة إلى (20) برميلًا في الشجرة الواحدة، فيما تنمو الشجرة في هذه المناطق بصورة طبيعة دون الحاجة لتدخل الإنسان.
مستودعات للمياه
درجت بعض القبائل في ولاية كردفان إلى اتخاذ شجرة التبلدي كمستودعات للمياه، ويعود ذلك إلى ندرة المياه والجفاف في القرى التي يسكنونها. وكعادة إنسان السودان يبحث دائمًا عن سبل خلاقة لتسهيل حياته، حيث ابتدع منذ القدم عمل تجويف في جذع الشجرة الأضخم في المنطقة، الأمر الذي مكنه من تخزين مياه الأمطار في جوف "التبلدية" تحسبًا لأيام الجفاف، ويتم فتح أخدود في منطقة التقاء الأفرع الرئيسية في جذع الشجرة بواسطة آلة حادة لتجميع مياه الأمطار فيها طوال فصل الخريف.
تروي سارة حامد لـ"الترا سودان" عن تجهيزات الخريف في قريتهم، حيث يتم تنظيف أشجار التبلدي بينما يستنفر الأهالي بعضهم البعض من أجل تجميع مياه الأمطار داخل الشجرة بواسطة الدلاء. وتنمو أشجار التبلدي في المناطق المنخفضة، الأمر الذي يؤدي إلى تجمع مياه الأمطار حولها فيقوم الأهالي بالتعاون على ملء الأشجار في حال لم تمتلئ بالكامل من الفتحة العلوية التي بها.
وتضيف سارة أن الشجرة تورث جيلًا بعد جيل، ويخزن جوفها ما يصل إلى (100) برميل في بعض الأحيان.
وتعاني عدد من ولايات غرب السودان من أزمة كبيرة في المياه بالرغم من وجود مخزون كافٍ من المياه الجوفية التي لا يستخدم منها سوى (1.3) مليارات من أصل (15.200) مليار، والتي تنتشر بنسبة (50)% من مساحات السودان بحسب تقارير تناولت أزمة المياه في السودان.
قيمة غذائية
ولثمار شجرة التبلدي قيمة غذائية عالية نسبة لاحتوائها على قدر كبير من فيتامين سي ومضادات الأكسدة، إضافة إلى المغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد والزنك، وذلك بحسب اختصاصية التغذية رفيدة محمد، والتي أكدت في حديثها لـ"لترا سودان" أن القنقليز له تأثير جيد في تخفيض نسبة الكوليسترول في جسم الإنسان، وذلك بحسب أبحاث قدمها أطباء كنديون.
وتضيف اختصاصية التغذية رفيدة محمد لـ"الترا سودان" أن الأمر لا يقتصر فقط على الكوليسترول، بل يساهم القنقليز أيضًا في خفض ضغط الدم والوقاية من السكتات الدماغية. وفيما يخص المعدة يحتوي القنقليز على قدر كبير من الألياف والتي تعزز من الإحساس بالشبع، الأمر الذي يجعله يساهم بشكل كبير في إنقاص الوزن.
بالرغم من فوائد شجرة التبلدي العظيمة إلا أنها تعتبر من أنواع الأشجار المهددة بالانقراض
وبالرغم من فوائد شجرة التبلدي العظيمة إلا أنها تعتبر من أنواع الأشجار المهددة بالانقراض، وذلك بسبب تغيرات المناخ وعدم الاهتمام الكافي بزراعتها، وتعرض عدد كبير من الأنواع المختلفة لهذه الأشجار للانقراض في المناطق التي تنمو فيها، الأمر الذي يحتم على المختصين وضع نظام معين لحماية الشجرة وتشجيع المزارعين والمجتمعات المحلية على زراعتها، إضافة إلى ضرورة نشر الطريقة الصحيحة لاستزراع شجرة التبلدي في المناطق التي تنمو فيها في السودان.
