لا يزال الجدل محتدمًا حول مصير لجان المقاومة عقب سقوط النظام، ما بين تحولها إلى لجان لتقديم الخدمات ومراقبة أداء السلطة التنفيذية على مستوى المحليات، ومطالبات ببقائها لجانًا للمقاومة لحراسة الثورة وتحقيق مطالبها من أيةً مخاطر قد تهددها، في وقت تشهد محلية جبل أولياء بولاية الخرطوم حالة من الاحتقان بين لجان المقاومة وسلطات المحلية بسبب رداءة الخدمات، الأمر الذي يؤشر إلى صعوبة تحول لجان المقاومة للعمل تحت مسؤولية معتمدي المحليات ويقوي اتجاه بقائها كأجسام مستقلة طبقًا لرؤية ناشطين في اللجان.
برزت المخاوف من إشغال لجان المقاومة بالأعمال الخدمية في الأحياء وإنهاكها وإهدار طاقاتها مما يكشف ظهر الثورة ويجردها من سياجها الواقي
تجريد الثورة من الحماية
وبرزت المخاوف من إشغال لجان المقاومة بالأعمال الخدمية في الأحياء وإنهاكها وإهدار طاقاتها مما يكشف ظهر الثورة ويجردها من سياجها الواقي الأمر الذي يسهل الانقضاض عليها من عناصر النظام المخلوع، وشدد الناشط في لجان المقاومة بالكلاكلة الوحدة جنوب الخرطوم أنس عثمان في إفادة لـ"الترا سودان" أمس الثلاثاء، على ضرورة وجود لجان المقاومة في الأحياء والمحليات وكل أقاليم السودان، لنشاطها وفعاليتها ومصداقيتها في تحقيق أهداف الثورة، وتمسك بأن تكون تلك اللجان هي المبادرة لتكوين لجان الرقابة والخدمات، مع مراعاة تمثيل الفئات العمرية والنساء والخبرات التراكمية لضمان نجاح عمل تلك اللجان.
اقرأ/ي أيضًا: استياء واشنطن من طرفي اتفاق السلام في جنوب السودان.. ما تداعياته المستقبلية؟
ورأى عثمان أن تحويل لجان المقاومة إلى لجان تحل محل اللجان الشعبية التي كانت تعمل في عهد النظام المخلوع يؤثر على مهمة المقاومة لإشغال العناصر الناشطة في الثورة السودانية وإغراقها في أعمال الخدمات وبالتالي حصر دورها داخل الحي، وفي الوقت ذاته يؤثر ذلك التحويل على أعمال اللجان الخدمية باعتبار أن أغلبية مكوّن لجان المقاومة من عنصر الشباب حديثي التجربة في العمل العام.
وأوضح عثمان أن إشغال لجان المقاومة بالمهام الخدمية بالكامل يصّعب مهمة تجميعها من جديد إذا دعت الضرورة، وشدد على أهمية المحافظة على لجان المقاومة طوال الفترة الانتقالية، واعتبرها الجهة المنوط بها حماية الثورة من المخاطر التي تهددها، وذكر أن النظام المخلوع يحاول تفكيك تلك اللجان لإدراكه أنها تمثل صمام الأمان للثورة، ولفت إلى أن الخطر على اللجان ليس من قبل النظام المخلوع وحده، وطالب في الوقت ذاته قوى الحرية والتغيير بالابتعاد عن محاولة اختراق لجان المقاومة وتركها كأجسام مستقلة للحاجة لها طوال الفترة الانتقالية.
صراع مع التنفيذيين
واعتبر عثمان، أنه من الصعوبة أن تعمل لجان المقاومة التي تقوم في الوقت الراهن بأعباء النظافة والإنارة في الأحياء، تحت مسؤولية معتمدي المحليات، واستدل على ذلك بالاحتجاجات التي تشهدها محلية جبل أولياء بولاية الخرطوم، والتي استمرت يومي الأحد والاثنين الماضيين، للمطالبة بإقالة معتمد المحلية بسبب تردي الخدمات، وأشار إلى العودة لتسيير المواكب التي واجهتها السلطات المحلية بالعنف، ويبرهن أنس في سياق رفضهم فكرة تحويل لجان المقاومة للجان خدمية، بالصراع الذي تشهده المحليات بين لجان المقاومة والخدمات التي تشكلت بإرادة المواطنين في الأحياء مع السلطات التنفيذية التي امتنعت عن اعتماد تلك اللجان، الأمر الذي يعطل الخدمات في الأحياء، مثل الحصول على شهادات السكن والوفاة وخدمات النظافة، وأبان أن ذلك الصراع يدلل على إمكانية استمرار النزاع وعدم عملية فكرة أن تكون لجان المقاومة مسؤولة إداريًا أمام المعتمدين بالمحليات.
اقرأ/ي أيضًا: موسى هلال.. قصة رجل خلف القضبان قبل وبعد سقوط البشير
تصحيح مفهوم
ومن جانبه أبان عضو تنسيقية لجان المقاومة بشرق النيل بولاية الخرطوم، عوض عبدون، أن قرار وزير الحكم المحلي يوسف آدم الضي، حول تكوين لجان التغيير والخدمات، لم ينص على تحويل لجان المقاومة إلى لجان شعبية، وأوضح أن القرار يوفر لها السند القانوني ويدعم عمل لجان المقاومة والخدمات التي ساهمت لجان المقاومة في تشكيلها في الوحدات الإدارية المختلفة عقب 11 نيسان/أبريل الماضي، ونوه إلى أن القرار نص على أن تلك اللجان تمثل امتدادًا لحركة لجان المقاومة، ولفت إلى أن لبسًا حدث حول فهم القرار بأنه يحوّل لجان المقاومة إلى لجان شعبية، وهو فهم ناتج عن عدم تضمن القرار نصًا بتكوين لجان التغيير والخدمات بواسطة قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة التي شدد على أهمية المحافظة على استقلاليتها، وأن تكون رقيبة على العمل في المحليات والولايات لأن عناصرها تدرك ما يدور داخل النظام المخلوع، وبالتالي الدفع بأشخاص في لجان التغيير والخدمات مؤمنة بالتغيير والثورة وأهدافها.
عوض عبدون: يجب أن تكون بالمحليات عناصر مؤمنة بالتغيير وما دون ذلك ستعود الاحتجاجات والصدامات وفقدان الأرواح والإصابات
خطوات عاجلة
ونبه عبدون، إلى أن هياكل الحكم المحلي هي الملامسة لقضايا الخدمات اليومية التي تهم المواطنين، والتي جعلت للجان المقاومة أهميتها من قبل اندلاع الثورة، حيث كانت تهتم بالنزاعات حول الميادين والنظافة والعمل الصحي في المراكز بالأحياء والمواصلات والجبايات، ونبه إلى أن الإدارات المختصة بتلك الخدمات موجودة في المحليات، وطالب بالإسراع في تكوين الهياكل المحلية التي تستوعب حركة ومطالب لجان المقاومة ولا تصبح معيقًا لها، وأمن على وجود قوى النظام السابق في المحليات، واستدل بحالات الاصطدام بالمدراء التنفيذيين في المحليات، وتمسك بتعجيل إحداث التغيير فيها بتعيين معتمدين ومدراء تنفيذيين بشكل فوري لتنظيم حياة المواطنين اليومية فيما يتعلق بالمواصلات وتنظيم الأسواق وإقامة التعاونيات لتوفير السلع الضرورية بأسعار معقولة، وقال "كل ذلك يتطلب أن تكون بالمحليات عناصر مؤمنة بالتغيير وما دون ذلك ستعود الاحتجاجات والصدامات وفقدان الأرواح والإصابات ويبدأ الصراع من جديد".
وكان القيادي بتجمع المهنيين السودانيين محمد ناجي الأصم قد رحب في مؤتمر صحفي حول لجان المقاومة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، بقرار وزير الحكم المحلي، وأكد في الوقت ذاته على ضرورة الاحتفاظ بحق اللجان في التقرير في مصيرها، وأمن على استقلالها وتحصينها من تدخل القوى السياسية أو أية جهة أخرى، ورفض أية محاولة لتمويلها من جهات خارجية، باعتبار أن السودانيين قادرين على توفير التمويل اللازم لها لتقوم بمهامها.
اقرأ/ي أيضًا
في محكمة المخلوع.. حساب رئاسي غير خاضع للمراجعة والحكم النهائي مع ذكرى الثورة
عزمي بشارة: طموح الجيش بالسلطة أخطر ما يهدد المرحلة الانتقالية في السودان