تزايد القمع الوحشي للمواكب السلمية في الآونة الأخيرة ولجأت السلطات إلى استخدام "سلاح الخرطوش" تجاه الثوار السلميين الذين يطالبون بتغيير حقيقي في السودان. وكان لاستخدام "الخرطوش" تداعيات خطيرة دفعت لجان المقاومة إلى إطلاق حملة "اقفوا سلاح الخرطوش القاتل" على منصات التواصل الاجتماعي. ولقيت الحملة تضامنًا كبيرًا من رواد هذه المنصات الذين طالبوا السلطات بوقف استخدام سلاح الخرطوش تجاه المتظاهرين ونادوا بحقن دمائهم وتجنب تعريضهم للخطر.
لجنة الأطباء المركزية أكدت مقتل ثمانية متظاهرين وإصابة (748) آخرين نتيجةً لاستخدام سلاح الخرطوش
السلاح القاتل
كشفت لجنة أطباء السودان المركزية عن تأثير استخدام السلطات لسلاح الخرطوش في الثوار، مؤكدةً مقتل ثمانية متظاهر وإصابة (747) آخرين بهذا السلاح. وقالت اللجنة في بيان لها -تحصل "الترا سودان" على نسخه منه- إن السلطات السودانية بدأت في استخدام سلاح الخرطوش الذي وصفته بـ"القاتل" منذ عام 2019.
وأشارت اللجنة إلى أن السلطات أصبحت تستخدمه بكثافة بعد انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، موضحةً أن عدد المصابين بالخرطوش في مطلع شهر آذار/ مارس بلغ (101) متظاهر/ة. وأضافت أن أحد المتظاهرين أصيب بما يقدر بـ(27) طلقًا متناثرًا في جسده بسلاح الخرطوش. ونوهت اللجنة بأن معظم الإصابات كانت في الرأس والعنق والصدر والبطن .
تقول اللجنة إن خطورة سلاح الخرطوش تكمن في العدد الكبير من الطلقات الصغيرة المتفرقة التي يطلقها السلاح. وتوفي آخر ضحايا هذا السلاح في 16 حزيران/ يونيو الجاري –بحسب اللجنة- نتيجة للعدد الكبير من الطلقات المتفرقة التي اخترقت صدره وانتشرت بداخل الحشوة وبالقرب من الشرايين والأوردة في الصدر والبطن والرأس. وأضافت: "في إحدى الحالات الموثقة أصيب متظاهر بأكثر من (27) طلقة نارية متفرقة".
مضاعفات خطيرة
وأوضحت لجنة الأطباء أن لاستخدام هذا النوع من الأسلحة "مضاعفات خطيرة" تتمثل في الألم المزمن وضعف حركة المفاصل، خاصةً عند توجيهها إلى الأعصاب وتحت الجلد. ويتطلب الأمر في كثير من الأحيان تدخلًا جراحيًا وفق اللجنة التي وصفت العملية الجراحية بـ"المعقدة" وذلك بسبب صعوبة إزالة الشظايا المتناثرة داخل الجسم بعد استقرارها في المناطق الحيوية إلى جانب خطر النزيف عند محاولة إزالة هذه الشظايا.
وأفادت اللجنة أنها رصدت في 21 آذار/ مارس الماضي (101) إصابة بسلاح الخرطوش من بينها إصابة خطيرة أدت إلى فقدان عين أحد المصابين.
إصابة وألم
روى المصاب وليد عبدالشافي الشهير بـ"ولي الجن" لـ"التراسودان" تفاصيل إصابته في موكب 28 شباط/ فبراير الماضي في ود مدني بولاية الجزيرة؛ حيث هجمت عليهم القوات النظامية وأطلقت الغاز المسيل للدموع إثر وصول الموكب إلى الشارع الرئيسي من نقطة التجمع. وقال وليد إن القوات عمدت إلى استخدام سلاح الخرطوش، مضيفًا أنه أصيب في ذلك اليوم مع عدد كبير من المتظاهرين. وتابع وليد: "كانت إصابتي في الرجل، استخرج الأطباء سبع شظايا واستقرت شظيتان في العصب". واستخرجت بقية الشظايا لاحقًا بعملية جراحية –بحسب وليد- ما عدا شظية واحدة استقرت في رجله. وقال إنه ما يزال يعاني من الألم حتى الآن ولايستطيع الضغط على رجله ويعيش على المسكنات لتخفيف الألم.
محرم دوليًا
وفي سياق متصل قال "محامو الطوارئ" إن سلاح الخرطوش من الأسلحة "المحرمة دوليًا". وأشارت المجموعة المتطوعة للدفاع عن المتظاهرين أمام النيابات والمحاكم، في تصريح صحافي لها أمس السبت تحصلت عليه "الترا سودان"، إلى مقتل الشهيد هاشم ميرغني في مواكب 16 حزيران/ يونيو الجاري متأثراً بإصابته بطلقات من سلاح الخرطوش أحدثت (44) إصابة في الرأس والصدر والطن. ودعت المجموعة المجتمع الدولي إلى التدخل للضغط على حكومة السودان لوقف استخدام جميع أنواع الأسلحة في فض التظاهرات السلمية.
"استشاري الجراحة: الطلقة الواحدة منه تخترق الجلد وتسبب ضررًا بالأعضاء الداخلية وتصبح العملية الجراحية صعبة للغاية "
اختراق وأضرار
ويقول عضو المكتب الموحد للأطباء واستشاري الجراحة علاء الدين عوض إن سلاح الخرطوش كثر استخدامه في قمع المواكب بعد انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر نسبةً لأثره الكبير وقلة تكلفته، مضيفًا أن طلقة واحدة منه تسبب ضررًا كبيرًا وتصيب العديد من المتظاهرين.
وأوضح عوض في تصريح لـ"الترا سودان" أن الطلقة الواحدة منه تخترق الجلد وتسبب ضررًا بالأعضاء الداخلية وفي هذه الحالة تصبح العملية الجراحية صعبة للغاية لجهة أن الأضرار متعددة في مكان واحد، كاشفاً عن تأثر أحد المتظاهرين في مواكب الخميس الماضي بمدنية أم درمان بهذا السلاح مما اضطر الأطباء إلى إجراء جراحتين في عملية واحدة في الصدر إلى جانب ثقب في القصبة الهوائية وخمسة ثقوب في الأمعاء الدقيقة والغليظة، وتابع قائلاً: "كل هذا بطلقة واحدة فقط".
وطالب الدكتور علاء الدين عوض المنظمات الدولية بالتدخل لإيقاف استخدام هذا النوع من الأسلحة. وأردف: "حكومة الانقلاب تسعى إلى قتل الثوار حقيقة وليس لديها أي تعامل أخلاقي مع المتظاهرين". وشدد على ضرورة أن يذهب هذا الانقلاب إلى مزبلة التاريخ - حسب وصفه.