يشكل عصر الجمعة من كل أسبوع حدثًا مهمًا لعشاق رياضة الفروسية بمدينة الضعين، حيث يتوافد المواطنين نحو مضمار "شاور" حوالي خمسة كيلومترات غرب المدينة، لمتابعة سباق الفروسية، والذي يعد تظاهرة ثقافية ورياضية وترفيهية لسكان الضعين؛ عاصمة ولاية شرق دارفور.
فمنذ شهر كانون الثاني/يناير درج اتحاد الفروسية بشرق دارفور على تنظيم مهرجان السباق وسط حضور جماهيري وتسابق للخيول الأصيلة التي تتجمع من مناطق مختلفة بدارفور لتنافس في مسافات مختلفة على ميدان ترابي، حيث تعد تلك المنافسة تظاهرة ثقافية تعكس عشق أهل المنطقة للخيول وتربيتها والاهتمام بها.
ينتظم مهرجان سباق الخيل في نيالا والضعين والجنينة وزالنجي كل أسبوع
وتأخذ الخيول أسماء ذات مدلولات ثقافية واجتماعية، كما يسمى بعضها على المشاهير مثل "جو بايدن" الفرس المسمى على الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب زهرة اليمن وقمردورين وسيف النصر وغيرها من الأسماء التي ترمز لاهتمامات صاحب الفرس.
الانشغال بركوب الخيول وسباقها يعد من أكثر الرياضات الشعبية في دارفور شهرة، حيث ينتظم مهرجان سباق الخيل في نيالا والضعين والجنينة وزالنجي كل أسبوع. وتستهدف هذه الرياضة أيضًا خلق مناخ محايد ومساحة للشباب والكبار للمشاركة في مناسبات تعزز من قيم التعايش المجتمعي وتذويب الفوارق والانقسامات بين أفراد المجتمع.
ديربي شاور
وحقق هذا الديربي الأسبوعي بمضمار شاور غربي الضعين واقعًا مختلفًا بالمدينة، حيث ساهم في الانتقال من حالة الفراغ إلى التلاحم والحضور الجماعي بين مختلف الشرائح بالولاية من الأطفال والمثقفين والنساء والعمال، وبالطبع الإدارة الأهلية ورجال الدين، بجانب القوات النظامية وغيرها من الفئات والشرائح الاجتماعية في الضعين.
وفي منافسة "خمسة فرلنغ" بالديربي، حققت الفرس "الأميرة" لصاحبها يوسف إبراهيم بخيت المركز الأول، فيما حل في المركز الثاني الحصان "ملك الجمال" لصاحبه هاشم فضل النبي.
وفي تنافس "ستة فرلنغ"، حقق الحصان "البسام" المركز الأول، وحل الحصان "الريان" لصاحبه محمد جمعة ساكن في المركز الثاني.
جائزة حاكم الإقليم
وفي الحدث الرئيسي والشوط الحاسم "عشرة فرلنغ"، استطاع الحصان "جو بايدن" لصاحبه العقيد محمد ناجي عبيد والجوكي عيسى شايبو -استطاع انتزاع الصدارة وتُوج بجائزة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الذي زار المدينة قبل أيام، وهي عبارة عن سيارة ماركة "أفانتي"، فيما أحرز الحصان "أسد الضعين" للجوكي ود الشريف المركز الثاني، وحلت الفرس "غزال جرار" في المركز الثالث.
أضاف تبرع حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بالجائزة زخمًا إعلاميًا للسباق، حيث شهد ملعب الديربي حضورًا كبيرًا صعب على لجنة السباق تنظيم الكرنفال مع تجول سيارة الأفانتي على جنبات الملعب مع الجمهور. كان الحماس الجماهيري سيد الموقف وسط روح تنافسية وتفاعلية عالية بين الجوكية داخل "المدوك" وعند نقطة الانطلاق.
الفروسية كمدخل للتعايش السلمي
وقال رئيس اتحاد الفروسية بشرق دارفور محمد حامد العمدة، إن الفروسية تعتبر مدخلًا للتعايش بين أفراد المجتمع وتبعدهم عن القبلية وتؤدي إلى ترقية القيم من تجانس ومحبة وتعزز من الثقة التي تقود للسلام، مشيدًا بدور حاكم إقليم دارفور في دعم المضمار، وكذلك القوات النظامية على رعايتها للمهرجان عبر جوائز المنافسات.
ويؤكد العمدة في حديثه، أن أكثر ما يقلق الاتحاد هو الارتقاء بالمضمار الرياضي للفروسية، وبنائه مع سياج خارجي حتي يتوافق مع المعايير العالمية.
ويقول الصحفي مهند بلال، إن منشط ورياضة الفروسية في ولاية شرق دارفور، لا يقل عن السباقات العالمية بحسب مشاهدته للمباريات، والجمهور حريص على متابعة هذه الرياضة، وتمثل لهم فرصة للانصهار مع بعضهم وإزالة الفوارق، إن السباق هو بمثابة عرس اجتماعي، على حد قوله.
الاهتمام بالمضمار
وفي جولته في المضمار، لاحظ مراسل "الترا سودان"، أن هذه الفعالية الجماهيرية في الضعين، تنقصها بعض المقومات، فعلى الرغم من كل هذا الزخم الجماهيري والروح التنافسية العالية؛ المضمار السباق يفتقر للمواصفات العالمية، ويمكن للولاية أن تكون هي الأولى على مستوى السودان في هذه الرياضة إذا أصلح المضمار، ويمكن أن تقام عليه مباريات عالمية وإقليمية إذا ما تم تهيئة المنطقة.
هذا المنشط المهم يجب أن يجد دعمًا من قبل الحكومة الاتحادية وحاكم إقليم دارفور والولاية. إن هذه الخيول كانت في السابق تعتبر من أدوات الحرب التي دارت في دارفور، ويمكن لهذه الخيول أيضا أن تكون من أدوات السلام. كما تعرف رياضية الخيول أيضًا بأنها أداة لتسوية النزاعات بين المجتمعات، حيث ترتبط تاريخيًا بمناطق شرق دارفور، حيث يعتبر الفرس مصدرًا للفخر ورمزًا يمثل المكانة الاجتماعية للفرد وسط أفراد القبيلة.