يُجيب محي الدين عمر، الأمريكي من أصول سودانية، والباحث السياسي، والمهتم بالشأن السوداني، والذي يعمل بالخارجية الأمريكية حاليًا، وبالكونغرس الأمريكي سابقًا، على جملة من الأسئلة ذات العلاقة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بجانب واقع ومستقبل العلاقات السودانية الأمريكية.
محي الدين عمر: كان هناك اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على رؤيةٍ مشتركةٍ واحدة لهذا الملف
-
أخيرًا ظهرت بُشريات قوية بصدور قرار بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن ما الذي أخّر هذه العملية كل هذا الوقت؟ وهل صحيح بأنّ هذا القرار تحوّل إلى ملفٍ سياسي، أو كارت انتخابي بالنسبة للرئيس الأمريكي؟
- رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، أصبح للأسف ملفًا سياسيًا بامتياز. كان هناك اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على رؤيةٍ مشتركةٍ واحدة لهذا الملف، لكن الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب، حوّلت هذا الملف من ملفٍ محايد، إلى ملف سياسي، وتُريد من خلاله تحقيق انتصاراتٍ في ملف السياسة الأمريكية الخارجية، قبل الفترة الانتخابية.
اقرأ/ي أيضًا: بنسودا في ختام زيارتها للسودان: الضحايا انتظروا وقتا طويلا للحصول على العدالة
عليه، فإنّ المثال الواضح حول هذه القضية هو محاولة الضغط على السودان لإجباره على التطبيع. وهذا النقطة ليست من البنود والشروط الأساسية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب من قِبل الإدارة الأمريكية، لذا تحوّل ملف السودان في الولايات المتحدة وإزالته من قائمة الإرهاب إلى ملف سياسي. والسبب في ذلك هو إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
-
هناك عدد مقدّر من الأمريكيين من أصول سودانية بالولايات المتحدة؛ ما هي أدوراهم في سبيل تحسين العلاقات بين البلدين؟
- الأمريكيون من أصول سودانية بالولايات المتحدة الامريكية، يُفترض أنْ يكون لديهم دور كبير جدًا للضغط على الحكومة في سبيل تحسين العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، لكن الطرق الثلاثة التي يتم عبرها الضغط على الحكومة الأمريكية هي: إما عبر الانتخابات، وللأسف الشديد فإن عدد السودانيين المهتمين بالانتخابات ليس كبيرًا، بالقدر الذي يوازي حجمهم.
-
وما هي الطريقة الثانية والثالثة؟
- الطريقة الثانية، العمل داخل الحزبين الكبيرين بالولايات المتحدة الأمريكية: الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي. وللأسف أيضًا ليس هناك سودانيون يُشار إليهم بالبنان في هذين الحزبين. أما الطريقة هي البزنس والتبرع للحملات الانتخابية. صحيح هناك سودانيون لديهم بزنس هنا بالولايات المتحدة، لكن لا أدري ما هي علاقتهم بدعم الحملات الانتخابية من عدمها.
على كل حال، بصورة متواضعة، يُمكن للسودانيين المقيمين بالولايات المتحدة الأمريكية الضغط في سبيل تحسين العلاقات بين البلدين.
-
تأخر صدور القرار أعطى ما يُمكن تسميته بالانطباع السالب بالنسبة للسودانيين عن أن هناك مؤسسات تُعرقله. هل ذلك صحيح؟
- طريقة صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية معقدة جدًا، وتتوقّف على نوع الملف الذي يُنتظر أنْ يصدر فيه قرار. مثلًا الملفات التي لديها علاقة مباشرة بالإرهاب، فإن الجهة التي تتولى هذا الملف هي: وزارة الخارجية، لكنها تعتمد في صناعة القرار في هذا الملف على مؤسسات وجهات أخرى، مثل: وكالة المستخبارات المركزية بصورةٍ مباشرة، والتي لديها باع طويل في هذا الملف باعتبار ارتباطه بالإرهاب، وهو ما له علاقة بمسألة القومي الأمريكي أو الدولي. هناك مؤسسات تُساهم بشكلٍ أو بآخر في صناعة القرار، منها وزارة الأمن القومي، ووزراة العدل باعتبار الصفة القانونية لهذا الملف، وكذا وزارة المالية.
- وأين دور البيت الأبيض؟
- البيت الأبيض هو منسق في هذه العملية، حيث تصله المعلومات، وبناءً عليها يتم اتخاذ القرار. أما الكونغرس الأمريكي يأتي دوره في حال الترتيب لعقوبات معينة، وفي هذه الحال يجب أنْ تمر بالكونغرس الأمريكي، فيُصادق عليها بالموافقة، أو يرفضها.
-
بشكلٍ مباشر، ما هي المؤسسة التي لديها القول الأخير في إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب؟
- المشرف على الملف من ناحية مهنية هي الدبلوماسية الخارجية، بالتعاون مع بعض الجهات المسؤولة، مثل: وزارة العدل والمالية ووكالة الاستخبارات الأمريكية، بجانب وزارة الأمن القومي. لكن حسب العوامل والمعطيات السياسية، مع الترجيح بأن دونالد ترامب لن يفوز في هذه الانتخابات القادمة، لأن سياسته الخارجية فشلتْ أكثر من كونها حققت نجاحًا. فليس لديه نتائج يُقدّمها للشعب الأمريكي في السياسة الخارجية، لتشفع له في الانتخابات، ما عدا محاولة الضغط على الدول العربية في حالة: البحرين والأمارات، للتطبيع مع إسرائيل. هذه واحدة من النجاحات التي حققها الرئيس الأمريكي ترامب في السياسة الامريكية الخارجية، وهذه ليست كافية، وعليه يضغط على السودان ليُصبح دولة ثالثة في قائمة الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل.
اقرأ/ي أيضًا: الثورات السودانية والفشل المتلاحق للنخب السياسية
-
وأين الكونغرس الأمريكي من قضية ربط الملفين مع بعضهما البعض: ملف إزالة السودان من الدول الراعية للإرهاب، وملف تطبيع السودان مع إسرائيل. هل كان مؤيدًا أم معارضًا؟
- ما أود قوله هنا أنّ الكونغرس الأمريكي ضد هذه المسألة، وضد خلط هذه القضايا والأوراق، والخارجية الأمريكية أيضًا ضد ذلك، لكن البيت الأبيض، وتحديدًا جاريد كوشنر، مسؤول السياسية الخارجية للرئيس دونالد ترامب، هو من يضغط في سبيل أن تقوم الحكومة الأمريكية بالضغط على السودان باتجاه التطبيع مع إسرائيل. بل وباعتباره شرطًا لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وللأسف الشديد أصبح السودان ملفًا سياسيًا، بدلًا من أن يكون ملفًا قانونيًا على سبيل المثال.
محي الدين عمر: جو بايدن صرّح بأنّه لن يفرض على السودان عقوبات أخرى
-
لكن ما الذي يختلف في المسألة السودانية، حال فوز جو بايدن، المرشح للرئاسة الأمريكية في مواجهة دونالد ترامب الرئيس الحالي؟
- جو بايدن صرّح بأنّه لن يفرض على السودان عقوبات أخرى، بالإضافة إلى أنّه غير موافق على اشتراط التطبيع مع إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعليه في حال فوزه، فهو ملتزم بذلك، ومؤكد بأنّ ذلك سيكون في صالح السودان، وصالح الفترة الانتقالية ودعمها والعمل على نجاحها.
اقرأ/ي أيضًا
احتجاجات "21 أكتوبر".. هل ستضعف الحكومة الانتقالية؟
وفد سوداني إلى "إسرائيل" الشهر المقبل.. ومحامون: الزيارة غير قانونية