فاز الكاتب السوداني الشاب أيمن محمد عبد السلام، الشهير بـ (أيمن بك)، بالمركز الثالث في جائزة الشارقة للإبداع العربي 2022م عن رواية "سفر الغراب".
وتُعد روايته "سفر الغراب" العمل الروائي الأول للكاتب الشاب، الذي وُلد بمدينة شندي شمال السودان في العام 1989م، ونُشرت له عدة مقالات في مجلة العربية السعودية، ومجلة القدس العربي، ومجلة أجواد الإلكترونية، والأنطولوجيا العربية.
جائزة الشارقة للإبداع العربي من الجوائز المهمة، واقتران اسم الكاتب بها يمكن أن يغير حياته إلى الأفضل
ويلقب في الوسط الشبابي بصائد الجوائز، لحصوله على عدد كبير من الجوائز منذ بداياته في العام 2012، وحتى آخر فوز له بجائزة الشارقة في مطلع شباط/ فبراير 2022، والجوائز التي حصل عليها:
المركز الأول في جائزة إلياس فركوح للقصة (الأردن) 2021م عن المجموعة القصصية (ما يكون لبقعة قهوة فعله).
حاصل على منحة الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) لبنان 2018م عن المجموعة القصصية (أين أشيائي).
حاصل على الجائزة الأولى لمسابقة محمد سعيد ناود الإقليمية في القصة القصيرة 2019م، وهي مسابقة موجهة لدول القرن الإفريقي، عن القصة القصيرة (عويل).
المركز الثالث في مسابقة قصص على الهواء 2016م، التي تذيعها مجلة العربي الكويتية على إذاعة مونت كارلو الدولية عن القصة القصيرة (رحلة ذبابة).
تقديرية الطيب صالح للشباب في القصة سنتي 2013 و 2014.
وصدر له حتى الآن:
أين أشيائي (مجموعة قصصية) دار اكتب – القاهرة 2018م.
تداعيات وفاة حضرة الصول (مجموعة قصصية) روافد للنشر – القاهرة 2020م.
ما يكون لبقعة قهوة فعله (مجموعة قصصية) دار خطوط وظلال – عَمّان 2021م.
خضنا معه حوارًا للحديث عن تجربته وأجواء الإحتفالات الأخيرة التي مر بها، فإلى مضابط الحوار:
أولا نبارك لك فوزك بجائزة الشارقة للإبداع العربي، حدثنا عن شعورك؟
الله يبارك فيك، هو شعور لا يمكن وصفه بالكلمات، فهذه الجائزة بالذات كانت ثمرة سنوات من العمل، وقد سمعت بها لأول مرة قبل عشرة أعوام، وكنت حينها أتلمس خطواتي الأولى في عالم الكتابة، وعقدت العزم على الفوز بها ذات يوم، لذلك لم تكن هذه محاولتي الأولى للفوز بها، ولو لم أفز كنت سأعيد الكرة العام المقبل.
لماذا كل هذا الإصرار؟
جائزة الشارقة للإبداع العربي من الجوائز المهمة جداً في عالمنا العربي، واقتران اسم الكاتب بها يمكن أن يغير حياته إلى الأفضل، وبالتأكيد يحتاج الأمر لمزيد من الاجتهاد، فالجوائز لا تصنع المعجزات وحدها، الأمر الآخر أن هذه الجائزة قدمت كتابًا كبارًا للقارئ العربي، مثل حامد الناظر وحجي جابر وغيرهم من الكتاب الكبار، لذلك ليس غريباً أن تصبح جائزة الشارقة مع مرور السنوات هدفاً نبيلاً لكل الكتاب الشباب في جيلنا الحالي.
لماذا كان مقدرًا لرواية سفر الغراب الفوز بهذه الجائزة؟
سفر الغراب رواية كتبتها بكل صدق، لأني كنت أجبن من أن أقدم روحي فداءً في هذه الثورة، ولأني أستطيع الكتابة، كان لزامًا عليَّ أن أشارك ولو قليلًا في دعم ثورة الشباب السودانيين، لذلك كتبتها بكل سلاسة وحب، وكانت لدي رغبة ملحة في أن تصل هذه الرواية إلى القارئ العربي، فالقارئ السوداني الذي يعيش في خضم أحداث الثورة قد يراها أقل من المتوقع، ذلك لأن أحداث الثورة كثيرة ومؤلمة وعميقة، وتناولها في خضم عمل روائي واحد قد يكون صعبًا، لذلك أحسبها ستقدم ثورتنا إلى العالم بشكل جيد وسهل بلا تعقيد، ففي هذه الراوية لم أذكر أسماء بارزة أو آراء سياسية يمكن أن تشوش ذهن القارئ، ولطالما أحببت القراءات الساهلة، لذا أردت أن أكتب بسهولة.
ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء كتابة هذه الرواية؟
كتبت المسودة الأولى بسرعة جدًا لأنني كنت ممتلئًا بالمشاعر الجياشة، وعرضتها على الصديق الروائي محمد الطيب، ولم يكن سعيدًا بها، أخبرني بأنها ممتلئة بالهتافية والرأي السياسي الذي يشوش أذهان القرّاء، فهم لن يقرأوا الرواية حاليًا بغرض تكوين رأي، ولكن بغرض المتعة والتعرف، فقمت بإعادة كتابتها مرتين متتاليتين، ثم راجعتها بعد شهور لمرات عديدة، وقام الصديق محمد بابكر بمراجعتها لغويًا وتقديم الملاحظات.
كيف احتفلت بهذا الفوز؟
أولاً شكرت الله على التوفيق، قفزت عاليًا عدة مرات، ثم انشغلت باستقبال التهاني، هذه المرة الأولى التي أستقبل فيها هذا القدر الكبير من المكالمات الهاتفية ورسائل الواتساب وإشارات الفيس بوك.
اشتهرت في بداياتك بالكتابة الساخرة، ما رأيك في هذا القول؟
حتى الآن أنا أقدم نفسي ككاتب ساخر، ولا أرغب في التخلي عن هذه السخرية، مجموعتي القصصية الأولى (أين أشيائي) وجدت رواجًا كبيرًا جعلني أُصدر مجموعة (تداعيات وفاة حضرة الصول)، وكانت نتائج القراءات جيدة أيضًا، لذلك سأواصل في كتاباتي الساخرة طالما أعجبت الناس، لا يمكن للكاتب أن يكون كاتبًا لو لم ير المتعة على وجوه من يقرأون له.
كيف كان الانتقال من كتابة القصة للرواية؟
لا يختلف الأمر كثيرًا، إنه أشبه من النزول من الحافلة الحمراء والركوب في الحافلة الصفراء، فقط الأمر يحتاج للتدريب والجرأة، فلن يكتب أحد روايته الأولى وهو يضع أمام نفسه العراقيل.
هل هناك استراتيجيات معينة تتبعها؟
أنا فقط أكتب بشكل يومي، وأضع لنفسي سقفًا من الكلمات يجب أن أصله خلال اليوم، وإلا فإنني أعتبر اليوم قد فشل ويجب تعويضه في اليوم التالي، هذه هي استراتيجيتي الوحيدة، فهي تمرن يدي وتحسن مستواي، ولا أستطيع أن أنصح أحد يريد المشورة إلا بأن يكتب بشكل يومي.
تُلقب في الوسط الشبابي بصائد الجوائز، هل يزعجك هذا اللقب أم يُفرحك؟
بالتأكيد أشعر بقليل من السعادة، ذلك يعطي عني انطباعًا بأنني كاتب شجاع وواثق، غير أنني مؤمن تمامًا أن الجوائز لن تصنع مني كاتبًا، إنما هذا خير معين لصناعة الكاتب، وهي أيضًا ليست بديلًا للنشر ولكنها تقدمني بشكل جيد لدور النشر العربية والعالمية، فهي تثبت جدارتي وتساعد الدار في اتخاذ قرار صائب.
اقرأ/ي أيضًا: حوار| الروائي عاطف الحاج سعيد: أنا أستمتع بالكتابة وبعملية التخييل
ما رأيك في الأدب السوداني، ومن هو ملهمك من الكتاب السودانيين؟
بلا شك الأدب السوداني أدب مجيد، وله رواد كبار ساهموا في تطوره وكل يوم يمر نستفيد منهم أكثر.
الكتابة ليست الكلمات التي على الورق فقط، إنها عالم كبير، لذلك أستطيع أن أذكر عدة ملهمين ولكل منهم ميزة، فمثلاً بركة ساكن بوصوله إلى العالمية زاد رغبتي في تتبع أثره، وحمور زيادة وأمير تاج السر وحامد الناظر جعلوا تفكيري ككاتب سوداني في الفوز بجائزة البوكر أمرًا ممكنًا، وكتاب آخرين ألهموني فكرة الكتابة بشكل يومي، وبعضهم في مجال التسويق الأدبي كذلك، والأمر واسع.
ما نصيحتك للشباب الراغبين في دخول عالم الكتابة؟
نصيحتي الدائمة هي الكتابة بشكل يومي، قد تكون صعبة في البداية لكن الإنسان يتعود على كل شيء، وأيضًا عدم التفريق بين أجناس الأدب، الأمر فقط يحتاج إلى التدريب، ولن يحدث التدريب سوى بالتجريب وعدم التردد، والدخول مباشرة في صلب الموضوع، لا يوجد شيء اسمه لم يحن موعد كتابة روايتي بعد، هذا تضييع للزمن.
من الملاحظ أنك السوداني الوحيد ضمن قائمة الفائزين في جائزة الشارقة للإبداع العربي، وكذلك لا نرى الكثير من السودانيين ضمن قوائم الأعوام الماضية، إلى ماذا تعزو ذلك؟
الكاتب السوداني لا يعطي قيمة لما يفعل، لا ينطبق هذا الكلام على الجميع، لكن الأغلب منهم يفعل ذلك، أخبرت أحدهم من قبل أن عليه أن يشارك في الجائزة، رجع للخلف عدة خطوات وجحظت عيناه، مع أن الأمر بسيط، لا يوجد ما يخيف، إنه فقط يبخس منتوجه الذي تعب فيه.
ما هو تأثير الأدب على الحياة السياسية، وهل هناك طريقة يستطيع بها الكاتب الحديث عن السياسة دون التحيز لموقف معين؟
لا أستطيع التحديد بصورة قاطعة ما الذي يمكن أن يصنعه الأدب في الحياة السياسية، لكن عموماً الأدب هو وسيلة لتمرير الأفكار وتغييرها، وهذا ما حدث مع كثيرين قرأوا أعمالًا تتناول أحداثًا سياسية، فتغيرت طريقة تفكيرهم إلى النقيض، أنا حدث معي ذلك عدة مرات.
الكاتب السوداني لا يعطي قيمة لما يفعل، هو فقط يبخس منتوجه الذي تعب فيه
وكُتّاب الرواية يعتبرون كتابًا للتاريخ على طريقتهم الخاصة، ففي هذه الأيام ستُكتب الكثير من الروايات عن الثورة، ولا شك أن الروائي بطبعه منحاز إلى الجماهير ومواقفها، لذلك نتوقع بعد عشر سنوات أن نقرأ تاريخًا يمجد الثورة وينبذ القتلة.
اقرأ/ي أيضًا
سينما السودان تحت الأنقاض.. اصطراع الدولة والفن على المساحة الشخصية