26-سبتمبر-2021

(Corinthia)

يُعد انقلاب الرئيس المخلوع "عُمر البشير"، هو المحاولة الانقلابية التاسعة من نوعها في تاريخ السودان منذ فجر استقلاله منتصف خمسينات القرن الماضي، غير أن حاضر الدولة السودانية يشهد منذ سقوط نظام المؤتمر الوطني، مساعٍ لقطع طريق الإنتقال، من لون مُختلف.

لم تلاحظ تحركات عسكرية تشير للانقلابات على أرض الواقع بينما يتوعد المكون العسكري مُدبريها بتقديمهم لمحاكمة عادلة

ومنذ سقوط نظام البشير في 11 نيسان/أبريل 2019، أعلنت القوات الأمنية وقوع عدة محاولات انقلابية فاشلة بينما تداولت وسائل الأنباء محاولات أخرى، أنكرتها القوات الأمنية في ذات التوقيت. غير أن ما يُثير دهشة السودانيين اليوم، هو ظاهرة الانقلابات الباردة؛ أربعة محاولات انقلاب لم يُلاحظ تحركات عسكرية في إطارها على أرض الواقع، بينما يتوعد المكون العسكري كُل مرة مُدبريها بتقديمهم لمحاكمة عادلة.

اقرأ/ي أيضًا: "المحاولة الانقلابية".. تمظهرات أزمات الشراكة وتفكك قوى الحرية والتغيير

حكومة الانتقال بدورها مُنذ تشكيلها لم تكشف عن مصير مُدبري الانقلابات، وهوية مُعظمهم حتى اليوم، الأمر الذي وصفه "مراقبون" بأنه مدخل لتنامي الظاهرة وانتشارها بفعل غياب حُكم القانون، واستسهال الإفلات من العقاب. فما هي طبيعة هذه الانقلابات؟ متى حدثت؟ وما هي أبرز تفاصيلها المُعلنة؟ هذا ما نتعرض له في هذا الإطار. 

أيار/مايو 2019

في أثناء تعطُل المفاوضات بين المجلس العسكري والحاضنة السياسية لحكومة الانتقال "قوى إعلان الحرية والتغيير"، كشفت وسائل أنباء سودانية عن إحباط محاولة انقلابية، أشارت السُلطات إلى أنها دُبرت بواسطة ضباط من الجيش والشُرطة تمت إحالتهم للتقاعد. 

المحاولة الانقلابية وقعت بعد أيام من إعلان الفريق عبد الفتاح البرهان، في 18 أيار/مايو 2019 رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، في بيان بثّه التلفزيون الرسمي، تعليق المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير لمدة (72) ساعة، وذلك في أعقاب إطلاق نار في محيط منطقة اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم.

يوليو/تموز 2019

وفي توقيت مُقارب لموعد توقيع الاتفاق السياسي بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، في 12 حزيران/يونيو 2019، أعلن المجلس العسكري الانتقالي، إحباط محاولة انقلاب نفذها عدد من الضباط وآخرين متقاعدين. وأضاف المجلس أن الانقلاب يهدُف لعرقلة الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.

ونقلت "رويترز"، على لسان رئيس اللجنة الأمنية بالمجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول ركن جمال إبراهيم، قوله في بيان، إن محاولة الانقلاب كانت "بواسطة مجموعة من الضباط وضباط صف بالخدمة والمعاش بالقوات المسلحة وجهاز الأمن"، مؤكدًا على أن الأجهزة باشرت التحقيق معهم وتقديمهم لمحاكمة عادلة.

اقرأ/ي أيضًا: أسر شهداء الثورة لـ"الترا سودان": الشارع لن يسمح بحدوث انقلاب

وأضافت: "تم القبض على (12) من الضباط، منهم سبعة في الخدمة وخمسة بالمعاش وتم التحفظ على أربعة من ضباط الصف، وأنه يجري القبض على الآخرين بما فيهم قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة".

المُخططون للانقلاب من منسوبي النظام البائد في القوات المُسلحة وجهاز الأمن والمخابرات ضمنهم ضباط برتب رفيعة

وبعد أسبوع من توقيع المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير للاتفاق السياسي، ذكرت وكالة السودان للأنباء، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف تفاصيل هذا المخطط والمشاركين فيه وعلى رأسهم رئيس الأركان المشتركة -حينها- الفريق هاشم عبد المطلب أحمد وعدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني برتب رفيعة، بجانب قيادات من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني البائد الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

وأفادت "بي بي سي"، وفقًآ لتقارير، أن من بين المعتقلين في الانقلاب، قائد سلاح المدرعات اللواء نصر الدين، والنائب الأول للرئيس السابق، الجنرال بكري حسن صالح، ووزير الخارجية السابق علي كرتي، ووزير المالية السابق الزبير أحمد حسن، وشخصية بارزة في انقلاب عام (1989) الذي أوصل البشير إلى السلطة. 

سبتمبر/أيلول 2021 

وفي 21 سبتمبر/أيلول 2021 أعلنت الحكومة السودانية على الإذاعة السودانية التصدي لمحاولة انقلابية أثناء تنفيذها، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية أن ثلاثة ضباط اقتحموا مقر الاذاعة القومية بأمدرمان وطالبوا موظف البث ببث بيان الانقلاب وأغانٍ ثورية، قبل أن تُعلن الحكومة رسميًا السيطرة على الوضع واستقراره. 

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قد شن هجومًا عنيفًا أثناء مخاطبته للقوات المسلحة في منطقة المرخيات، على الحكومة وقوى الحرية والتغيير التي تشارك العسكريين في السلطة الانتقالية، وقال إن الفترة الانتقالية انحرفت عن مسارها.

اقرأ/ي أيضًا: 5 أيام من المحاولة الانقلابية.. كيف يبدو المشهد؟

وقادت المحاولة الانقلابية الأخيرة، إلى انفجار الخلاف علنًا بين المكون العسكري والحاضنة السياسية للحكم الانتقالي، وسط تنديد شعبي ضد تمظهرات تقويض الحكم الديمقراطي الانتقالي.

محمد الفكي: الاتهامات التي أطلقها رئيس المجلس السيادة ونائبه في مواجهة القوى المدنية مهدد للشراكة نفسها

وأصدرت مجموعة من  لجان مقاومة وأجسام نقابية ومطلبية بالعاصمة والولايات، بيانات تُندد بمساع الانقلاب على السُلطة بينما نظم آخرون وقفات احتجاجية ومواكب رفعت شعار "الردة مُستحيلة"؛ في إشارة للتمسك الجماهيري بالمسار الانتقالي الديمقراطي. 

ووصف عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، في حوار تلفزيوني، ما أطلقه رئيس المجلس السيادي ونائبه من اتهامات للقوى المدنية المشاركة في السُلطة، أنه أخطر من محاولات الانقلاب الفاشلة نفسها. 

اقرأ/ي أيضًا

السودان.. "الانقلاب" ممنوع بأمر "الشعب" و"الديمقراطية" محروسة بإرادة الجماهير

انقلاب هاشم العطا