29-يوليو-2023
جدارية علم السودان

(Getty)

مبادرات عدة انطلقت في عدد من ولايات السودان والمهاجر لتشجيع الفنانين على إنتاج المزيد من الأعمال الفنية المتعلقة بما آلت إليه البلاد بعد الخراب والدمار الذي طال العاصمة الخرطوم وعدد من ولايات غرب السودان جراء الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وذلك لقدرتها على تقديم الرسائل الإنسانية ورفع الوعي العام وزيادة التواصل بصورة فريدة بين أفراد المجتمع بحسب خبراء. والفنون أيضًا تلعب دورًا مهمًا في توثيق الأحداث الدائرة في الحرب فيما ستغدو مستقبلًا أعمالًا تاريخية تنقل للأجيال القادمة الحكايات والعبر التي من شأنها أن تجنبهم الكثير من الطرق التي لا يجب عليهم السير فيها لأنها ستقودهم بنهاية المطاف إلى طرق مسدودة. تمامًا مثل هذه الحرب الدائر وطيسها منذ منتصف نيسان/أبريل المنصرم.

انخرط عدد من الفنانين والدراميين في ورش عمل لتقديم عروض مسرحية بمدينة ودمدني التي استقبلت ملايين النازحين

وفي حديث لـ"الترا سودان"، يقول الفنان التشكيلي عبدالرحمن أحمد إن غياب معدات الرسم حالت دون أن يجسد  آلاف المشاهد التي عايشها في الحرب، بحيث تمتلئ بعض الدفاتر القديمة التي لم يزل بها قليل من الصفحات الفارغة بـ"اسكتشات" قام برسمها بواسطة قلم الرصاص، ولكنها لا تكفي لتحمل رسائل فنية ربما قد تكون خالدة لارتباطها بواقع مرير عايشه أهل السودان.

ويضيف أحمد أنه لا بد من عمل مبادرات خاصة بالتشكيليين نسبة لصعوبة توفير المعدات الفنية، وذلك من خلال ورش عمل مشتركة تحتوي على معدات كاملة، والتنسيق بين التشكيليين في الولايات لعمل الجداريات، وذلك على غرار جدران العاصمة الخرطوم والتي امتلأت بحكايات الثورة وصور الشهداء. ومن هذا المنطلق، فلا بد أن تحمل جدران ولايات السودان الأخرى رسائل شتى عن المعاناة التي خلفتها الحرب.

عروض مسرحية

وفي مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة والتي استقبلت ملايين النازحين بمن فيهم عدد من الفنانين الدراميين والذين انخرطوا بدورهم في ورش عمل مقامة بالمدينة من أجل تقديم عروض مسرحية، والتي تمخضت عنها "متاريس" وهو عرض مسرحي قدم بقاعة أحمد خير بقصر الثقافة يوم الخميس الموافق 27 تموز/يوليو الجاري. فيما شكلت وزارة الثقافة لجنة مشاهدات لتقييم هذه العروض تضم كلًا من مدير مسرح الجزيرة ومدير التلفزيون وعدد من الفنانين والشخصيات البارزة في المجال الدرامي. والجدير بالذكر أن اللجنة قامت بإجازة العمل والمساعدة في تجواله في مختلف محليات الولاية.

ويعتبر المسرح أحد أدوات الفن المهمة ذات القيمة التاريخية العريقة، ويقول المتخصص في المسرح محمد سيد لـ"الترا سودان"، إن المسرح في سياق الحروب يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الهوية الوطنية في المجتمعات التي تعاني من صراعات، ويساعد على توحيد الناس حول قضايا مشتركة، الأمر الذي يحتاجه المجتمع السوداني في ظل النظرة العنصرية التي يعاني منها منذ عقود، فيما يعمل على نقل القصص التاريخية وتوعية الجمهور حول تداعيات الحرب بشقيها النفسي والاجتماعي.

تشجيع الإنتاج الثقافي

تحدث الأستاذ عبدالله عطا المنان المدير التنفيذي لمحلية سنار عن دور المبدعين في تشكيل الشخصية السودانية والمحافظة على التراث والقيم والمعاني السامية لدى مخاطبته رئيس وأعضاء رابطة سنار الأدبية، فيما أعلن عن رعايته للمبدعين وفرض آفاق واسعة لتشجيع الأدب والفنون والإنتاج الثقافي الإبداعي بشكل عام.

https://t.me/ultrasudan

وفي ذات السياق يقول الناقد الفني محمد ياسين لـ"الترا سودان" إن هذه المبادرات من شأنها أن تخلق أعمالًا فنية وأدبية ذات قيمة عالية، مضيفًا أن التشجيع الذي يتلقاه الأديب أو الفنان بشكل عام يكون بمثابة الدافع الذي يجعله يقدم المزيد من الأعمال، وأشار في حديثه إلى أهمية هذه الأعمال الفنية في ترويض الإنسان وجعله أكثر بعدًا عن التصرفات الوحشية والهمجية وميله إلى السلام. وشدد على ضرورة إدخال الفنون بشتى أنواعها في المناهج المدرسية للأطفال وتسليط الضوء بشكل أكبر على هذا الجانب. 

ويواصل ياسين حديثه لـ"الترا سودان" عن أهمية السينما في هذا التوقيت، مشيرًا إلى الوثائقيات والدور الذي تلعبه في نقل الأحداث الدائرة في البلاد، إضافة إلى كونها تستخدم كأدلة على الانتهاكات التي تحدث أثناء الحرب. ودعا في حديثه صناع الأفلام في السودان للاهتمام بهذا الجانب وعمل مجموعات من شأنها أن تعزز توثيق الأحداث الجارية بحسب المناطق الجغرافية.

يعاني السودان قبل أحداث منتصف نيسان/أبريل الماضي من إهمال جانب الفنون والثقافة

ويعاني السودان قبل أحداث منتصف نيسان/أبريل الماضي من إهمال جانب الفنون والثقافة بحسب ما يرى نقاد، فيما يرى البعض أن التوقيت المناسب لإنعاش هذا القطاع  قد حان، وذلك يعود إلى الدور الكبير الذي تلعبه الفنون في تخفيف وطأة الحرب على المجتمع، ووسيلة لنقل ما جرى في هذه الحقبة الزمنية للأجيال القادمة.