نداءات كثيرة أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي لإنقاذ حيوانات متحف التاريخ الطبيعي من النفوق ولا سامع لها؛ إنها حرب نيسان/أبريل والتي اندلعت بداية في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتصبح أكبر مهدد لمعالم السودان التاريخية بحسب خبراء، والجدير بالذكر أن عددًا من الجامعات السودانية تعرضت للنهب بينما أشعل مسلحون في مكتباتها النيران لتلتهم بذلك مجموعات من المخطوطات النادرة في محاولة لطمس الهوية السودانية كما وصفها مسؤولون.
مواطن: متخوف من زيارة المنشآت التاريخية بعد انتهاء الحرب
وعلى نفس السياق تعرض القصر الجمهوري وهو قطعة معمارية ذات أهمية تاريخية كونه يعتبر أقدم المباني التي صممت لتكون قصرًا رئاسيًا في أفريقيا - تعرض لعدد من الهجمات حيث كان ساحة للقتال بين القوى المتحاربة، بينما كانت ألسنة الدخان تتصاعد منه مثيرة قلق الشعب السوداني على تاريخه العريق.
أجيال بلا تاريخ
"متخوف من زيارة المنشآت التاريخية بعد انتهاء الحرب"، هكذا قال المواطن محمد الفاتح لـ"الترا سودان" وهو من المولعين بالمنشآت التاريخية ودائم التردد عليها بشكل مستمر كما أفاد، حيث ذكر أن التفريط في حمايتها قد يعرض الشعب السوداني إلى خسارة تاريخه العظيم برمته، مما يهدد بوجود أجيال جديدة لا تعرف شيئًا عن تاريخها في المستقبل.
وأكد الفاتح أن ما تعرض له متحف التاريخ الطبيعي أمر يدعو إلى الحزن، متحدثًا عن ذكرياته في ذلك المكان وتعلق صغاره به. وقال لـ"الترا سودان" إن معظم السودانيين لديهم ذكريات في هذا المكان الذي يحتوي على حيوانات نادرة. وفيما يختص بحماية هذه المنشآت أكد على ضرورة التفات القوات المسلحة للحفاظ عليها، مشددًا على ضرورة تكاتف الجهود الشعبية من أجل المحافظة على المنشآت التاريخية والتراثية والخروج من هذه الحرب بأقل الخسائر.
تأثيرات متعددة
تقول علياء كمال الدين وهي متخصصة في مجال علوم الآثار، لـ"الترا سودان"، إن التأثيرات التي يمكن أن تواجهها المعالم التاريخية في السودان جراء الحرب يمكن أن تكون متعددة، ويكون ذلك على هيئة التدمير المباشر لهذه المؤسسات أو المواقع التاريخية، أو تعرض هذه المنشآت لعمليات نهب وتخريب.
وتضيف علياء أن نزوح السكان وانهيار الأمن الاجتماعي والاقتصادي له تأثير غير مباشر على المنشآت التاريخية، موضحة أن ذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى ترك المواقع التاريخية دون رعاية أو حماية كما حدث في متحف التاريخ الطبيعي، والذي أطلق بعض الأفراد العاملين به مناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي لإطعام الحيوانات الحية بداخله أو إطلاق سراحها، وذلك نتيجة لاحتدام الاشتباك بين طرفي الصراع في أيامه الأولى، والذي أدى في نهاية المطاف إلى نفوق هذه الحيوانات بحسب تصريحات سابقة لمديرة المتحف.
وأضافت علياء أن الحوادث التي تعرضت لها بعض الجامعات السودانية كجامعة أم درمان الأهلية وجامعة الأحفاد تبعث على القلق، مشددة على ضرورة تدخل السلطات من أجل حماية هذه المنشآت التي لا تقدر بثمن.
وفيما يختص بجانب السياحة أكدت المتخصصة في مجال علوم الآثار أن قطاع السياحة في السودان كان يعاني من عدد من المشكلات أولها وآخرها كانت الحرب وويلاتها، حيث أن الصراعات القبلية في السودان حالت دون أن يتعافى جسد هذا القطاع، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى ضعف قدرة البلاد على استقطاب السياح.
عقوبات صارمة
يقول عادل النور المتخصص في التراث الثقافي إنه لا بد من تشريع قوانين احترازية بشكل مبدئي خوفًا على المنشآت التاريخية، ووضع عقوبات صارمة على كل من يتعدى على هذه المنشآت. فيما أكد على ضرورة استخدام التقنيات الحديثة مثل أنظمة الرصد عن بعد والتصوير الجوي الذي من شأنه أن يكشف عن حالة المنشآت التاريخية وتحديد إذا ما كانت قد تعرضت لضرر فعلي أم لا؟ إضافة إلى حجم الضرر والوقوف عليه.
وقال النور لـ"الترا سودان" إنه من الضروري إدخال بند المحافظة على المنشآت التاريخية في جميع مبادرات الوساطة بين طرفي الصراع التي تهدف لوقف النزاع، وذلك لأهمية هذه المنشآت بالنسبة للسودان. وأكد على ضرورة إجلاء بعض القطاعات الحساسة إن لزم الأمر.
متخصص في التراث الثقافي: لا بد من عمل حملات توعوية من أجل التثقيف بأهمية المنشآت التاريخية للجمهور المحلي
وأضاف أنه لا بد من عمل حملات توعوية من أجل التثقيف بأهمية المنشآت التاريخية للجمهور المحلي، مشددًا على دور المنظمات الدولية في تنظيم مثل هذه الفعاليات، إذ أن الجمهور المحلي يمكن أن يقوم بدور الحماية في ظل الانفلات الأمني وانتشار العصابات المسلحة.
وتتعرض بعض المنشآت التاريخية والمكتبات في الخرطوم وولايات غرب السودان إلى إتلاف ممنهج منذ اندلاع الحرب، حيث أصبحت هذه الحرب مهددًا كبيرًا يمكنه أن يعصف بتاريخ السودان.
