15-يونيو-2020

جدارية (سوشيال ميديا)

كيف يُقضّي المشتغلون في مجالات الفنون المختلفة، أيام الحجر المنزلي المفروض في السودان، بسبب تفشي فيروس كورونا؟ وكيف هي هذه الأيام بحسب رؤيتهم؟ وإلى أي مدى استفادوا منها في إنتاجٍ فني جديد؟ أو في التوعية بمخاطر كورونا؟ أسئلةُ العُزلة بسبب الحجر المنزلي، بسبب كورونا، يُجيب عليها، خمسة فنانون سودانيون.

يعكف الشاعر الغنائي عاطف شمبات على نشر وإعادة نشر قصائده التي تغنى بها فنّانون سودانيون شباب كثيرون

بالنسبة للإذاعي والشاعر الغنائي عاطف شمبات، فهو ينشطُ منذ أيام الحجر الأولى، التي فرضتها السلطات في الخرطوم، في آذار/مارس الماضي، على نشر وإعادة نشر قصائده التي تغنى بها فنّانون سودانيون شباب كثيرون، مثل: مجاهد عُمر، المغني السابق، والمؤسس لفرقة عقد الجلاد الغنائية. بجانب المغني السابق الآخر بفرقة عقد الجلاد، محمد عبد العزيز شبكة، وبقية الفنانين الشباب: محمد المجتبى، الشاب أمير، محمد فيصل الجزّار، محمد المجتبى وغيرهم.

عاطف شمبات
عاطف شمبات

اقرأ/ي أيضًا: تخليص الإبريز في تلخيص باريز.. والكورونا والأفندية

الأغنيات والقصائد التي ينشرها عاطف شمبات على صفحاته المتعددة على وسائل التواصل الاجتماعي، لقيتْ انفعالًا جيدًا من الكثيرين. ويُبرر عاطف انفعالُ الناس بها، في حديثه لـ"ألترا سودان"، إلى أنّ متابعة السودانيين لما يُنشر في السوشيال ميديا أيام الحجر أكثر من غيرها.

أما الفوائد التي يراها عاطف شمبات في أيام كورونا، يُلخّصها في مستويين: الأول أنّها أتاحت له زمنًا يُجدّد ويُراجع فيه أعماله القديمة، ويُتيح لهذه الأعمال مساحةً ثانيةً من الاستماع. أما المستوى الثاني، ففي كتابة نُصوص شعرية جديدة، تُساهم في التوعية من فيروس كورونا، وضرورة البقاء في المنازل. من ذلك ما كتبه: (ألزم دارك/ ولو بقليل من فوق للحيطة/مدّها إيدك زيد مقدارك).

وفي سياقٍ مماثلٍ، يحرص الموسيقي عماد بَبّو، وأستاذ آلة الجيتار بكلية الموسيقى والدراما، برفقة صديقيه المغنييْنِ: نزار الماحي سُليمان، وخالد عبد الرحيم، على إقامة حفلٍ غنائي عبر خاصية البث المباشر على فيسبوك. والتأم شمل الأصدقاء الثلاثة هذه الأيام، بغير تخطيطٍ مسبق. إذْ جمعتْ بينهم الظروف بالإقامة في مكان واحد بأبوظبي، واجبرتهم على المكوث هناك اضطرارًا لتوقّف حركة الطيران بسبب فيروس كورونا.

عماد ببو
عماد ببو

وتحت الوسم #حبسة_أبوظبي يواظب عماد بَبّو، وصديقيه نزار وخالد، منذ الأيام الأولى للحجر، وبشكلٍ شبه يومي على تقديم عددٍ من الأغنيات. ويحظى النقل المباشر لحفل عماد بَبّو ورفيقيه، الذي يُقدّمون عبره العديد من الأغنيات المسموعة، بتفاعلٍ كبيرٍ من السودانيين، ليس في السودان لوحده، ولكن من قبل السودانيين في بقية أقطار العالم كذلك.

يقول عماد بَبّو لـ"ألترا سودان": "بيني وصديقي المغني نزار الماحي العديد من المشاريع الفنية والموسيقية، ووجدنا فرصة الحجر بسبب تفشي فيروس كورونا، أنْ نُجوّد هذه الأعمال، ونُخرجها للناس بشكل مجوّد".

وعلى خلاف نشاط عاطف شمبات، وحرص عماد بَبّو ورفيقيه، تقول فيروز عمر، الفنانة التشكيلية والنحّاتة، لـ"ألترا سودان" بأنها لم تستفِد من فترة الحجر بسبب تفشي جائحة كورونا في السودان. وتُضيف بأنّ الزمن المتوفّر في فترة الحجر، ليس هو الأداة الوحيدة للفنان ليُنجز أعماله، وإنّما هناك استعدادات أخرى. منها ما هو إلهامي، ومنها ما هو نفسي. 

فيروز عمر
فيروز عمر

الاثنان بحسب فيروز ليسا متوفرين بالنسبة لها. وعليه فإنها لا تعمل هذه الأيام على أي فكرةٍ أو مشروع تشكيلي، لكنها لم تستبعد أنْ تُرتّب نفسها في الأيام المقبلة، لإنجازٍ شيء ما تُضيفه لمشاريعها في التفكير التي أنجزتها سابقًا في النحت والتنظير في الفنون.

وعلى نحوٍ مختلفٍ جدًا، يعملُ الكاتب المسرحي عمر الحاج هذه الأيام على عدة مشاريع، أولها فيلم قصير اختار له عنوان "المَكْحَلَة"، بدأهُ منذ فترةٍ ليستْ بالقصيرة، لكنه انشغل عنه. كما يعمل على إتمام روايته الأولى "سنوات الحنين". وبجانب ذلك، يستغل عمر الحاج زمن كورونا لإنتاج سلسلة من الحكايات السردية المسموعة. يكتبها، ثم يُسجّلها بصوته، ثم يُجري عليها عمليات المونتاج، وينشرها عبر صفحته الشخصية على فيسبوك أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي الأخرى.

عمر الحاج
عمر الحاج

اقرأ/ي أيضًا: رثاء الشاعر للشاعر.. فضيلي جماع في وداع إدوارد لينو: "دمع عتابك أخجلنا"

ويُفلسفُ عمر الحاج، أيام الحجر بسبب تفشي فيروس كورونا في السودان، فيقول بأنّ هناك كتابات كثيرة استلهمتْ من الطواعين التي ضربتْ أوروبا في زمنٍ سابق، وأدخلتها في غُربةٍ يصفها عمر بالمجيدة. من هذه الكتابات "الملك لير". ويواصل عمر الحاج لـ"ألترا سودان" : "صاحب أكبر خيالٍ لن يستطيع فعل ما فعلته كورونا بالعالم. شوارع خالية، ومدنٌ ضاجة بالحياة تحوّلت إلى مدن أشباح. والعجزُ أصاب أعتى المؤسسات الصحية والاقتصادية. كل ذلك سيُلقي بظلاله على الكتابة والمسرح والدراما وبقية الفنون".

لم يكشف الصويم عن رواية الأخيرة التي يحاول الفراغ منها في فترة كورونا، لكنه أشار إلى أنّها ستكون جديدة في موضوعها وفكرتها

الروائي منصور الصويّم، يرى أنّ فترة الحجر، بسبب تفشي فيروس كورونا في السودان، لها أكثر من جانب. فمن جانبٍ أتاحتْ له فرصة التأمُّل مع نفسه في العديد من الأفكار، والمواقف في الحياة والكتابة. وهو ما يُبدّد به حالات القلق والعُزلة. ومن جانب آخر، يعملُ الصويم على التفرغ شبه الكامل في التعاون مع عددٍ من كُتّاب الرواية الشباب، في شكل ورشةٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما يُحاول استغلال فترة الحجر في إنجاز آخر رواياته، بعد: عربة الأموات، آخر السلاطين، ذاكرة شرير، تخوم الرماد، وأشباح فرنساوي.

 منصور الصويّم
 منصور الصويّم

ولم يكشف الصويم لـ"ألترا سودان" عن عنوان الرواية الأخيرة التي يحاول الفراغ منها في فترة الحجر من كورونا، ولا موضوعها، لكنه أشار إلى أنّها ستكون جديدة في موضوعها وفكرتها، ويُعوّلُ عليها في أنْ تكون إضافةً لرواياته السابقة.

اقرأ/ي أيضًا

"فيكتور كيري واني".. ذاكرة الصحافة الوطنية في جنوب السودان وموسوعتها الحية

الخيال "كناية" عن المسؤولية في رواية "كافكا على الشاطئ"