09-يونيو-2024
رحلات التهريب إلى مصر

رحلات التهريب إلى مصر

لم تدع الحرب التي اندلعت في البلاد قبل أكثر من عام  لدى الكثير من السودانيين خيارًا سوى الاتجاه إلى مصر شمالًا عبر الصحراء، بعد أن فرضت السلطات المصرية قيودًا على الحصول على التأشيرة منذ أيار/مايو من العام الماضي، بعد مرور ما يزيد عن الشهر على الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في حرب وصفها قادتها بالعبثية.

لقي العشرات من السودانيين حتفهم جراء الحوادث التي يتعرضون لها في الطريق إلى مصر أو داخلها

وخلال هذه الرحلات التي لم تخل من المخاطر، لقي العشرات من السودانيين حتفهم جراء الحوادث التي يتعرضون لها في الطريق إلى مصر أو داخلها، وحذرت القنصلية السودانية بمدينة أسوان الحدودية مع البلاد من تسلل مواطنيها إلى مصر خشية من الحوادث والمخاطر التي قد يتعرضون إليها، والمثمثلة في وقوعهم تحت أيدي العصابات أو تعرضهم للاحتجاز من السلطات المصرية أو التوهان في الصحراء.

ومع ارتفاع درجات الحرارة وتسجيلها ارتفاع قياسي هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، ازدادت حالات الوفيات وسط المواطنين الذين يسلكون الطرق غير الشرعية في الدخول إلى مصر، خاصة في صفوف الأطفال ذوي الأمراض المزمنة وكبار السن، بحسب ما أفادت تقارير.

تكدس المستشفيات

استقبلت مستشفيات مدينة أسوان بمصر العديد من الحالات جراء الحوادث المرورية التي تحدث في رحلات التهريب على مدار العام، وتشير شهادات لناجين  انتشار الجثث في الصحراء لأسباب تتعلق بوقوع الحوادث أو تعطل المركبات أو العطش، وذلك في ظل تزايد نشاط المهربين في فصل الصيف ونتيجة لارتفاع درجات الحرارة .

 وتشهد مدينة أسوان بشكل يومي استقبال أكثر من حالة وفاة عقب دخولهم المناطق الآمنة بسبب تعرضهم خلال الرحلة إلى هواء مصحوب بالحر وضربات الشمس.

وقال طبيب امتياز مناوب لـ"وكالة سونا للأنباء" يعمل في مستشفى بمدينة أسوان أن مايقارب (8) حالات وفاة  استقبلتها  طوارئ المستشفى ضمن وردية واحدة، أغلبيتهم من كبار السن والأطفال  جراء ضربات الشمس والجفاف  لأشخاص قادمين عبر الصحراء بطرق غير شرعية، وناشد الطبيب بعدم الإقدام على رحلات التهريب هذه الأيام.

وحتى مساء الأمس  بلغ عدد الوفيات (24) حالة، وسط أنباء عن حالات أخرى  في الطريق إلى مستشفيات أسوان، وتكدست مشارح كل من مستشفى أسوان والصداقة بالوفيات في غضون يومي الخميس والجمعة الماضيين.

حوادث مأساوية

وتداولت وسائل إعلام خبر وفاة المهندس هالة جيلاني الموظفة بإدارة هندسة الحدائق بالإدارة العامة للشؤون الهندسية وزوجها وليد وبناتها نهي ونهال، وهم في طريقهم إلى مصر عبر التهريب، بحيث تاهوا في الصحراء وانقطع عنهم الماء والأكل.

فيما تتكرر الحوادث الناجمة من الرحلات غير الشرعية، وأعلنت مديرية الصحة في محافظة المنيا الواقعة جنوبي العاصمة المصرية القاهرة، في وقت سابق عن حادثة انقلاب عربة نقل للركاب تقل سودانيين، راح ضحيتها  شاب عشريني وأصيب (10) آخرين، بينهم (4) أطفال  بطريق الصعيد الصحراوي الشرقي الجديد بجنوب المنيا.

وأشارت المعاينات الأولية للحادث إلى اختلال عجلة القيادة بسبب السرعة الزائدة التي كانت تسير بها العربة.

وفي حادثة أخرى توفي (11) سودانيًا وأصيب (6) آخرين، بسبب انقلاب سيارة ربع نقل بطريق العلاقي في محافظة أسوان جنوبي مصر.

وكانت التحقيقات الأولية أظهرت أن الحادث وقع أثناء محاولة مجموعة من السودانيين الفرار بسيارة ربع نقل نظرًا لدخولهم إلى مصر بطريقة غير مشروعة، وكشفت التحقيقات أن السرعة الجنونية أدت إلى انقلاب سيارة ربع نقل بطريق العلاقي واشتعال النار بها.

وكانت قنصلية السودان بأسوان أشارت في بيان لها إلى وقوع (5) حوادث مرورية، تسببت في وفاة العديد من الأشخاص بخلاف العشرات من المصابين والجرحى، نتيجة لعمليات العبور غير القانونية.

تستغرق الرحلة من مصر إلى السودان من يوم إلى يومين في غالب الأحيان

وتستغرق الرحلة من مصر إلى السودان من يوم إلى يومين في غالب الأحيان. وبالرغم من أنها رحلة برية إلا أنها باهظة الثمن، وتكلف الرحلة من (200) إلى (400) ألف جنيه سوداني، بأسعار تقارب لأسعار تذاكر الطيران بالرغم من المخاطر الكبيرة التي يتكبدها الأشخاص الذين يسلكون هذا الطريق.

وتتزايد بشكل يومي أعداد العابرين من السودان إلى مصر بطرق غير شرعية، مع استمرار الحرب في السودان وتردي الوضع المعيشي وانعدام الأمن، وسط تحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة، بجانب الحوادث المرورية والتوهان في الصحراء الذي يعرضهم إلى خطر الموت جوعًا وعطشًا.