كان رهان الانقلابيين على الزمن أكثر من أي شيء آخر، وعندما نفذوا انقلابهم لم يكن لديهم أي برنامج وتركوا كل شيء للصدفة، وتمسكوا بالقبضة الأمنية في انتظار استسلام الشارع، حتى تستقر السلطة في أيديهم ليفعلوا ما يشاؤون دون رقيب أو حسيب.
خاب الرهان وتكسرت كل مخططاتهم الأمنية والزمانية أمام تصميم و إرادة الشعب الجسور
خاب الرهان وتكسرت كل مخططاتهم الأمنية والزمانية أمام تصميم و إرادة الشعب الجسور، والذي ظل يقدم الشهيد تلو الشهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين دون تراجع أو فتور.
سياسة النفس الطويل هُزمت منذ الأشهر الأولى حينما بدأت تتغير لهجة الانقلابيين تجاه الثوار، حيث بدأت أكثر حدة ولكنها سرعان ما تغيرت للغة رومانسية مغازلة للشارع والقوى السياسية، وتعدت ذلك للمطالبة بالجلوس للتفاوض، وبلغت مداها عندما بدأت إشاراتهم بعدم ممانعتهم عودة العسكر للثكنات.
في الشطر الآخر من رهان العسكر المتمثل في القبضة الأمنية، والتي بدأت قوية واستمرت لفترة حتى أصابها الوهن، لتبدأ مرحلة الانهزام التدريجي نتيجة لعدم مقدرة القوات الأمنية الاستمرار لوقت أطول في "حالة استعداد" طويلة المدى في ظل الظروف الاقتصادية المتردية؛ ومع كل ذلك سعى الانقلابيون للعب على الوتر الإعلامي لتسريب الإحباط بإطلاق الشائعات وتدبيج التهم.
عندما فشلت هذه الخطة وهُزمت لم يكن من بد سوى الاستسلام بالتراجع عن حالة الطوارئ. وفي تقديري لم يكن ذلك في سبيل تهيئة المناخ للعملية التفاوضية؛ لكن عدم فاعلية حالة الطوارئ وعدم تأثيرها على المشهد في ظل محاصرة الوقت للحكومة الانقلابية قبيل موعد إعفاء الديون وفق مبادرة الدول المثقلة بالديون المعروفة بـ"هيبك"، والتي لم يتبقى منها سوى أيام معدودة، في ظل ضغط دولي لفرض عقوبات على قادة الانقلاب ليضطروا بالدفع بهذا الكرت الغير مؤثر على المشهد في الوقت الراهن.
من المعلوم أن الدول التي تقف جنبًا إلى جنب مع الانقلاب ومناصرته بدأت هي الأخرى تشكل ضغط على الحكومة، مثلًا روسيا الاتحادية استخدمت حق النقض ضد مشروع عقوبات على السودان، وبررت رفضها بحجة أن هناك عملية سياسية تجري في البلاد ستؤثر العقوبات على مجرياتها، ولا بد من منح المزيد من الوقت للفعل السياسي.
هناك دول أخرى لديها مشاريع عقوبات على قادة الانقلاب تم إرجاؤها إلى حين
في نفس الوقت، هناك دول أخرى لديها مشاريع عقوبات على قادة الانقلاب تم إرجاؤها إلى حين ليتم إقرارها حال فشل العملية السياسية، ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ما ينبئ بأن الضغط على الانقلاب ما يزال مستمرًا.
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"