لم تمض ساعات على تصريح الإمارات أن توقيعها اتفاقًا للسلام مع إسرائيل يتضمن إلغاء خطة ضم دولة الكيان الصهيوني المحتل للضفة الغربية، حتى خرج مسؤولون إسرائيليون ليوكدوا أن المبرر الذي قدمته الإمارات لخطوتها التطبيعية، ما هو إلا فرية أخرى من افتراءات بن زايد العديدة. وأن خطة ضم الضفة الغربية ماضية.
تعتقد الإمارات أنها من خلال تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بالكامل ستتمكن من ضمان حماية قادتها من الملاحقة القضائية
مبرر الإمارات مصالحها الذاتية
وحده منطق البحث عن المصلحة الذاتية هو ما دفع الإمارات لإعلان التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لتلتحق بكل من مصر التي وقعت اتفاقًا للسلام مع إسرائيل في 1979، والأردن التي وقعت معاهدة سلام مع دولة الاحتلال في العام 1994.
اقرأ/ي أيضًا: اتفاق التطبيع الإماراتي.. المصالح والفرص من وجهة نظر إدارتي نتنياهو وترامب
تخليص بن زايد من ورطته
أولى المصالح التي تسعى الإمارات لتحقيقها من خطوة إعلان التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، هي تخليص ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد من الملاحقة القضائية، وهي الملاحقات التي ابتدأت بتحقيق أولي أجري في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بباريس ضد محمد بن زايد قبيل شهر مع زيارة رسمية له إلى باريس، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعد أن رفع ستة يمنيين دعوى لدى كبير قضاة التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، متهمين قوات تتبع لبن زايد بارتكاب أعمال تعذيب في مراكز احتجاز في اليمن.
وتطورت الاتهامات لمحمد بن زايد في منتصف تموز/يوليو الماضي، حينما أمر قاضٍ فرنسي بإجراء تحقيق يشمل محمد بن زايد، حول احتمال "التواطؤ في أعمال تعذيب" في حرب اليمن.
هذه الورطة التي سيعاني من تبعاتها محمد بن زايد، لا تقتصر عليه هو فقط، فقد سبقه إليها شقيقه هزاع بن زايد الذي يواجه تهديدًا بالمثول أمام القضاء السويسري بتهمة تعذيب معتقلين، في دعوى رفعها ضده اللبناني الأصل وحامل الجنسية الأمريكية بيير مودت، والذي كان معتقلًا في أبوظبي حينما كان هزاع بن زايد مسؤولًا عن أمن الدولة.
ويرى محللون أن الإمارات تعتقد أنها من خلال تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بالكامل والدخول في تحالف إستراتيجي مع دولة الاحتلال ستتمكن من ضمان حماية قادتها من الملاحقة القضائية، حاليًا ومستقبلًا، بالاعتماد على الحماية التي سيوفرها اللوبي الصهيوني في البلدان الغربية، للبلد العربي والإسلامي الوحيد التي يتمتع بعلاقات استراتيجية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
الحصول على التقنيات التجسسية
أعلن وزير الدولة بالخارجية الإماراتية أنور قرقاش صراحةً أن بلاده من خلال إقامة علاقات سياسية علنية وحميمة مع إسرائيل، تهتم بتحقيق مصالح في مجالات من أهمها الدفاع السيبراني والتكنولوجيا.
تسعى الإمارات عبر التطبيع، ليس فقط لامتلاك معدات التجسس الرقمية، وإنما حيازة هذه التكنولوجيا والقدرة على تصنيعها بالشراكة مع إسرائيل
وتطمح الإمارات من خلال إقامة علاقات دافئة وفي العلن من إسرائيل، من الولوج الكامل للاستفادة من تكنولوجيا التجسس المتطورة التي تمتلكها إسرائيل، فهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي برعت في التجسس على مواطنيها والمقيمين، مستفيدة ومستثمرة أموالًا ضخمة في مشاريع لإنتاج تقنيات تجسسية عالية الكفاءة مع شركات إسرائيلية، إلا أنها تسعى ليس فقط لامتلاك معدات التجسس الرقمية، وإنما حيازة هذه التكنولوجيا والقدرة على تصنيعها بالشراكة مع إسرائيل مستفيدة من قدرتها العالية في تمويل هذا النوع من المشاريع.
اقرأ/ي أيضًا: الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.. ما علاقة صفقات السلاح الأمريكية؟
تفادي قيود "التفوق العسكري النوعي"
تحرم ما يسمى بقيود التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، العديد من الدول العربية والإسلامية التي تشتري السلاح الأمريكي من الحصول على معدات عسكرية وأسلحة إستراتيجية، حتى لا تشكل تهديدًا أو تخل بالتوازن العسكري بينها وبين إسرائيل.
وبحسب وكالة رويترز للأنباء، يرى ديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، أن الخطوة الإماراتية تعد صداقة مع إسرائيل وبالتالي لن تعتبر الإمارات من الدول التي تشكل تهديدًا لإسرائيل، بل وستكون مقربة أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، مما يجعلها تأمل في تخطي قيود التفوق العسكري النوعي لدولة إسرائيل الذي تلتزم به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاء إسرائيل من الدول الأوروبية المصنعة للسلاح.
بجانب ذلك، وعلى الرغم من أن الإمارات لا تعاني حظرًا واسعًا في شراء الأسلحة الغربية كما يحدث مع حليفتها السعودية مؤخرًا على خلفية الحرب في اليمن، إلا أنها تستبق الأمر بخطوة التطبيع مع إسرائيل لإزالة أي عقبات محتملة مستقبلًا، في طريق امتلاكها للأسلحة المتطورة من السوق الأوروبية بالاعتماد على نفوذ حليفتها إسرائيل.
من التالي في قائمة التطبيع؟
توقع مراقبون ومحللون سياسيون أن تكون الدولة القادمة في قائمة التطبيع المعلن مع دولة الاحتلال الإسرائيلي هي البحرين، تليها سلطنة عمان والسعودية ولكن بخطىً أبطأ من الثلاث دول الخليجية المذكورة.
إلا أن دولًا أخرى قد تفاجئ العالم في الهرولة خلف الإمارات في مشروعها التطبيعي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، هنا يبرز كل من السودان وتشاد، خصوصًا بعد اللقاءات التي جرت بين قادة الدولتين ورئيس وزراء الكيان الصهيوني، في تشرين الثاني/يناير العام الماضي، حينما التقى بنيامين نتنياهو بالرئيس التشادي إدريس ديبي، واللقاء الذي جمع نتنياهو برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في شباط/فبراير من مطلع هذا العام.
وأمس الأول 13 آب/أغسطس أرسلت الإمارات مبعوثًا خاصًا لمفاوضات السلام السودانية بين الحكومة والحركات المسلحة بجوبا، حيث تعمل الإمارات من خلال الضغط على حركات الكفاح المسلح، لفرض مشروع إقامة علاقات سودانية إسرائيلية، بعد أن فرغت من ضمان تأييد الشق العسكري في الحكومة لمشروعها، حيث لا يتمسك الشق المدني في الحكومة السودانية كثيرًا برفض مشروع التطبيع مع إسرائيل، ويمكنه أن يمرر خطة التطبيع بدعاوى المصلحة الذاتية، ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
الإمارات ومصر تلعبان دور الوسيط في رسم شبكة علاقات إسرائيلية معلنة مع كل من السودان وتشاد، خصوصًا وأن إسرائيل ليس لديها سفارة في جوبا
كما لا تبدو تشاد بعيدة عن هذا المشهد، فقد أرسلت هي الأخرى مبعوثها الخاص لمفاوضات السلام السودانية بجوبا، وهو ما سيجعل الإمارات ومصر تلعبان دور الوسيط في رسم شبكة علاقات إسرائيلية معلنة مع كل من السودان وتشاد خصوصًا وأن إسرائيل ليس لديها سفارة في جوبا، وسفيرها بجنوب السودان حنان غودير يدير شؤونها من تل أبيب.
اقرأ/ي أيضًا