نظمت الجمعية السودانية للتراث الإنساني وبالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في المجلس القومي للتراث، ورشة عمل بعنوان "التراث غير المادي في السودان.. المفاهيم الأساسية والقوانين والتحديات" السبت الماضي 17 نيسان/أبريل الجاري بحضور أعضاء الجمعية ومهتمين وخبراء في الشأن.
واحتوت الورشة على ورقتين، كانت الأولى بعنوان "الجهود الوطنية المبذولة في مجال صون التراث الثقافي غير المادي والتحديات"، والثانية بعنوان "التراث غير المادي في السودان، وكيفية التعامل معه على ضوء القوانين المحلية والدولية".
تعزيز التعايش السلمي
وابتدر الأمين العام للجمعية السودانية للتراث الإنساني وائل محجوب، النقاش بالورشة مرحبًا بالحضور، وقال إن هذه الفعالية تمثل ضربة البداية لتدشين نشاط الجمعية السودانية للتراث الإنساني.
خالد فتحي: تأسيس الجمعية السودانية للتراث الإنساني جاء في إطار ترسيخ شعارات الثورة السودانية
وأكد محجوب عزم الجمعية على مواصلة فعاليات أخرى مشابهة لهذه الورشة في إطار تعزيز ورفع قدرات عضويتها في مجالات عملها المختلفة.
اقرأ/ي أيضًا: تسليم المرافعات النهائية في قضية الشهيد "حنفي عبدالشكور"
واقترح كتابة مذكرة تفاهم بين الجمعية ومعهد الدراسات الإفريقية والآسيوية، للتعاون المشترك في كافة المجالات، والعمل على توقيع اتفاقية رباعية بين الجهات الأربع "المجلس القومي للتراث، معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية، الجمعية السودانية للتراث الإنساني، بيت التراث".
ترسيخ شعارات الثورة
إلا أن رئيس الجمعية خالد فتحي، قال إن تأسيس الجمعية جاء في إطار ترسيخ شعارات الثورة السودانية الداعية للحرية والسلام والعدالة، وأن جهدها سينصب في تعزيز المشتركات وعكس تراث مختلف مكونات السودان، بما يسهم في دعم التعايش السلمي وقبول الآخر، ويمثل ترياقًا مضادًا لدعوات التشرذم، ومواجهة ثقافة الإقصاء.
التراث متوارث
والتراث غير المادي "هو الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف، وما يرتبط بها من أنشطة وأماكن ممارسة الأنشطة متوارثًا جيلًا عن جيل، ويمكن إعادة إنتاجه والتفاعلات مع الطبيعة بما يعزز الاحترام والقدرة الإبداعية بين البشر، ولا يتعارض مع حقوق الإنسان". بهذه المقدمة الأكاديمية عن التراث اللامادي عرف التراث الخبير المعتمد لدى اليونسكو في مجال التراث ومدير بيت التراث دكتور إسماعيل علي الفحيل، خلال تقديمه لورقه تحت عنوان "التراث غير المادي في السودان وكيفية التعامل معه على ضوء القوانين المحلية والدولية"، ونبه الفحيل إلى أن التراث مهدد بسبب الحرب والنزوح والهجرة والعولمة وكبر السن.
جهات تعطل
وأوضح الخبير المعتمد لدى اليونسكو، أن هناك مجالات للتراث غير المادي متمثلة في العادات والتقاليد "التعبير الشفهي"، والفنون والتقاليد بجانب الممارسات والطقوس والمعارف المتعلقة بالطبيعة والكون والمهارات المرتبطة بالفنون التقليدية.
اقرأ/ي أيضًا: حمدوك يؤكد التزام حكومته بتمويل مشاريع الدفوفة وأمري والحماداب
وقال الفحيل: "هناك سبع اتفاقيات دولية متعلقة بالتراث، السودان غير موقع على ثلاث منها وهي اتفاقية حماية وتعزيز وتنوع التعبير الثقافي، اتفاقية حماية التراث غير المادي، واتفاقية حماية التراث الطبيعي العالمي"، وأضاف بأن هناك جهات تعطل صدور قانون، يمنع تهريب الآثار، رغم وجود اتفاقيات دولية تحمي هذا الحق، لذا كدولة لا نستطيع استرداد آثارنا المنهوبة، لكن بالتوقيع على الاتفاقيات، والتي تهدف إلى صون واحترام التراث والتوعية والتقدير المتبادل، بجانب التعاون والمساعدة الدولية.
الترويج والتوعية
رئيس المجلس القومي للتراث دكتور أسعد عبدالرحمن، استعرض ورقة بعنوان "الجهود الوطنية المبذولة في مجال صون التراث الثقافي غير المادي والتحديات"، وشملت الورقة عددًا من المحاور تمثلت في "الهيئات المختصة بصون التراث الثقافي غير المادي والتطورات التي حدثت فيها، القدرات والإجراءات القانونية والتقنية والإدارية والمالية المتاحة، قوائم الحصر الموجودة بشأن التراث الثقافي غير المادي، بناء القدرات في مجال تنفيذ اتفاقية (2003)، وآليات تطبيقها، الترويج والتوعية وغير ذلك من التدابير، وأخيرًا التعاون الثنائي ودون الإقليمي والإقليمي والدولي".
قوائم حصر
وعن المجهودات التى بذلت خلال الفترة من 2008 إلى 2016، أوضح أسعد أن السودان وقع على اتفاقية لصون التراث الثقافي غير المادي في العام 2008، وبناءً على ذلك شكلت وزارة الثقافة والإعلام، لجنة وطنية لحصر التراث الثقافي غير المادي، وقد عملت اللجنة منذ العام 2014، على حصر التراث الثقافي غير المادي، بجانب إشرافها على عدد من مشروعات المساعدة الدولية، والتى هدفت لتقديم الدعم والمساندة المالية والفنية، لحصر وتسجيل وتوثيق التراث، بدءًا بعمل خارطة ثقافية وعمل قوائم حصر بجانب عمل دورات تدريبية ومقابلات ميدانية.
رئيس المجلس القومي للتراث: السودان نفذ مشروع الحفظ الرقمي للفلكلور وأرشيف للموسيقى التقليدية وجمع وتوثيق ألعاب الأطفال التقليدية
وفي العام (2012) بدأ السودان تنفيذ مشروع الحفظ الرقمي للفلكلور، وأرشيف للموسيقى التقليدية، بجانب جمع وتوثيق ألعاب الأطفال التقليدية، وأضاف قائلًا: "في العام 2017 صدر مرسوم جمهوري بالرقم (35)، الخاص بإنشاء المجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات، وتواصل عمل اللجنة بحصر التراث الثقافي في كل من كردفان والنيل الأزرق، وتم تحديد هذه المناطق باعتبارها مناطق نزاعات، وقد تأثر فيها التراث الثقافي غير المادي، فضلًا عن بناء القدرات وإعداد الكوادر وحصر التراث".
وضع خطة
وأشار رئيس المجلس القومي للتراث، إلى أن الورشة هي نقطة انطلاقة الجمعية السودانية للتراث الإنساني، وأوصى بعمل تنسيق بين الجهات ذات الصلة، ووضع خطة للقضايا المهمة بجانب وضع ميزانيات لإكمال القائمة وعمل قاعدة بيانات.
رؤية نقدية
في مداخلته قال رئيس وحدة الفلكلور جامعة الخرطوم، دكتور محمد المهدي بشرى، إن على المجلس القومي للتراث وترقية اللغات تقديم رؤية نقدية لمعوقات عمل المجلس وتصنيف الجهات الشعبية والرسمية لفهم الإمكانيات.
اقرأ/ي ايضًا: الخارجية الأمريكية تسمي مبعوثًا خاصًا للقرن الإفريقي
وأضاف د. بشرى قائلًا: "وزراء النظام السابق اشتغلوا على التراث أكثر من وزراء النظام الانتقالي، كما أن الوزارة لم تكن حريصة على التراث، فضلًا عن أن المساهمات غير موجودة في النظام الديمقراطي لمعرفة العقبات"، وتساءل عن الجهات التى لا تريد التوقيع على الاتفاقيات الدولية لحماية الآثار، مقترحًا عقد ندوة شهرية بقاعة الشارقة تناقش قضية التراث.
قوانين غير فاعلة
بينما قال القانوني الطيب مركز، إنه لا بد من الاعتراف بوجود قصور من الدولة على مر الحقب، بجانب النظرة الدونية للتراث المادي وغير المادي، مشيرًا إلى أن النصوص القانونية فضفاضة وغير محددة، أما عن قوانين الملكية الفكرية لتسويق التراث، فقال إنها قوانين غير فاعلة، وإن وجدت لا توجد آليات لتطبيقها، فضلًا عن التعامل الموسمي للتراث، حيث يتم استغلال التراث في المناسبات.
محمد جلال هاشم: القرصنة الإسرائيلية على التراث الفلسطيني مثال على الصراع والحرب على التراث
ولفت مركز لوجود اتفاقيات مهمة مثل اتفاقية التنوع الحيوي لحماية الموارد في السودان، وشدد على ضرورة وجود إرادة سياسية ديمقراطية تعمل على حماية التراث.
حرب التراث
فيما قال المفكر والسياسي دكتور محمد جلال هاشم، إن هناك صراع وحرب على التراث، وبرهن لذلك بالقرصنة الإسرائيلية على التراث الفلسطيني، لذلك يجب النظر للفلكلور بزاوية علمية، مشيرًا إلى تعرض الفلكلور لتنميط خادع على مر السنين باستلاف الأغاني والرقصات وإعادة تقديمها مع إقصاء أصحابها من المشهد، منوهًا للتعديلات التي ستضيفها اتفاقية السلام عبر إعلان المبادئ الموقع في جوبا بين الحكومة والحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، والتي نصت للمرة الأولى على التزام السودان بالمواثيق الدولية لحفظ التراث وصون ثقافات الأقليات وحمايتها.
اقرأ/ي أيضًا
مؤسسة الشباك الثقافية تدشن نشاطاتها بمدينة أم روابة
بسبب شغفه بالسياحة.. شاب سوداني يحظى بضيافة عمدة مدينة تركية