اقتصاد

الاقتصاد يفتح النار على الطرفين المتحاربين في السودان

20 فبراير 2024
الاقتصاد السوداني ينهار.jpg
انهيار الاقتصاد السوداني
محمد حلفاوي
محمد حلفاوي صحفي سوداني

يتوقع صندوق النقد الدولي تراجع الناتج القومي في السودان بنسبة 18% في العام 2024، بينما يصف محللون اقتصاديون توقعات "النقد الدولي" بالمتفائلة، لجهة أن الناتج القومي خسر خلال العام 2023 ما لا يقل عن (30) مليار دولار من خلال المنشآت الصناعية المدمرة التي خرجت عن الخدمة، ونهب طال آلاف الشركات في العاصمة الخرطوم مركز الثقل الصناعي والخدمي.

باحث: الحكومة مثل رجل يطلق النار على قدميه، ولا يمكن إدارة الاقتصاد والحرب

وكان صندوق النقد الدولي حسب ما نقل مكتب الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة "أوتشا" الأحد الماضي، وضع مؤشرات وصفها بالسيئة حيال الاقتصاد في السودان خلال الحرب بين الجيش والدعم السريع، ومن بين ذلك قد يكون الناتج القومي في "مهب الريح" مع فقدان الدولة القدرات التشغيلية للصناعة وقطاع الخدمات، وقدر تراجع الناتج القومي بنسبة 18% هذا العام.

عاصمة الأشباح

في العاصمة الخرطوم حيث يتكدس قطاع الخدمات والشركات والقدرات التشغيلية للصناعة وآلاف الشركات، اليوم بعد حرب تستمر منذ (10) أشهر لا يمكن مشاهدة سوى مقار صناعية وشركات منهوبة، وجنود ينتشرون في الشوارع ومنازل أغلبها خالية من السكان، حيث نزح ما لايقل عن أربعة ملايين شخص من ولاية الخرطوم.

 يقول محمد فيصل الذي كان يستثمر في مجال قطع غيار السيارات جنوب العاصمة الخرطوم، حيث فقد جميع أعماله وتعرض مقره للنهب، يقول لـ"الترا سودان" إن الآلاف من أقرانه ممن يعملون في هذا القطاع اليوم باتوا بلا عمل، لا يمكن نقل الاستثمار فى استيراد قطع الغيار إلى الولايات، لم تعد التجارة في هذا القطاع محفزة وسوق السيارات تراجع كثيرًا خلال الحرب.

الخسائر المالية التي يقدرها فيصل من خلال تعرض أعماله للنهب، وخسارة مستودع لقطع غيار السيارات يقول إنها تصل إلى (150) ألف دولار دون إضافة الخسائر المتعلقة بتلف المبنى والأثاثات ومعينات التشغيل.

 في قطاع الصناعات الغذائية والذي كان يتركز في الخرطوم بحري شمال العاصمة وجنوب الخرطوم، خرجت جميع المصانع في تلك المنطقة عن الخدمة، للحد الذي زاد نسبة الطلب إلى 100% على استيراد سلع غذائية، والتي لم تكن أولوية في الاستيراد قبل اندلاع الحرب. هذا الاتجاه الناتج عن خسائر فادحة في الصناعات الصغيرة وفقًا لمحللين اقتصاديين قد يسبب أيضًا عجزًا في الميزان التجاري هذا العام بشكل كبير، وينعكس على سعر الصرف بالتالي زيادة معاناة المواطنين عندما يحاولون شراء الغذاء والأدوية أو طلب الخدمات العامة مثل النقل.

انهيار وشيك

يقول الباحث الاقتصادي أحمد بن عمر لـ"الترا سودان" إن توقعات صندوق النقد الدولي بشأن تراجع الناتج القومي في السودان خلال هذا العام بنسبة 18% نسبة فيها قدر من التفاؤل المفرط من جانب صندوق النقد الدولي، لأن السودان خسر القدرات التشغيلية الصناعية، وخرجت نسبة كبيرة من قطاع الخدمات الذي كان متمركزًا في العاصمة الخرطوم.

 وأضاف: "نحن نتحدث عن شبه خروج لسلاسل الإمداد بين موانئ بورتسودان والعاصمة الخرطوم قبل الحرب، والتي تقدر بمليارات الدولارات سنويًا لذلك قد يكون تراجع الناتج القومي في السودان هذا العام بنسبة تتجاوز الـ 45%.

 والناتج القومي هو مجموع العمليات التجارية والأنشطة الصناعية وقطاع الخدمات التي تشمل جميع الاستثمارات في هذا الصدد، بما في ذلك القطاع الصحي والتعليمي الخاص والأسواق وجميعها اليوم متوقفة في العاصمة الخرطوم، وأربع مدن رئيسية في إقليم دارفور ومدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.

كما يشمل الناتج القومي الشركات الحكومية،عمليات التنقيب عن الذهب، الموارد المعدنية، الخدمات البحرية، الطيران، والشركات العاملة في هذا القطاع إلى جانب قطاع الزراعة وقطاع المصارف والتحويلات النقدية والكهرباء.

 ويضيف بن عمر: "قطاع الخدمات يشكل 40% من الناتج القومي، وقطاع الصناعة يشكل 21% مشيرًا إلى خروج هذين القطاعين من الخدمة، بالتالي فقد السودان الناتج القومي في هذين القطاعين".

ولايظهر بن عمر تفاؤلًا حيال الاعتماد على القطاع الزراعي لإنعاش الناتج القومي السوداني، لأن سيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء من ولاية الجزيرة عزل أكبر مشروع زراعي عن الموسم هذا العام وتوقف كليا.

باحث اقتصادي: الحكومة لن تجد مفرًا من الاعتماد على الضرائب المفروضة على السلع الواردة ورفع الدولار الجمركي وطباعة العملة، لتعويض الخسائر الناتجة عن تراجع الناتج القومي وشلل القطاعات الحيوية منذ اندلاع الحرب

الفرصة الأخيرة

تتراوح القيمة الإجمالية سنويًا للناتج القومي السوداني ما بين(30) مليار دولار وأحيانا(40) مليار دولار، وقد يكون ثلثى هذه النسبة غير موجود حاليًا جراء الحرب التي اندلعت منذ منتصف نيسان/أبريل 2023.

 ماهي البدائل المتوفرة لدى الحكومة القائمة في بورتسودان العاصمة الإدارية، طرح مراسل "الترا سودان" هذا السؤال على الباحث الاقتصادي محمد إبراهيم الذي لم يذهب بعيدا عن ما ذهب إليه بن عمر، متوقعًا حالة انكماشية غير مسبوقة للاقتصاد لدرجة التوقف نهائيًا ما لم تتوقف الحرب قبل ذلك.

 ويرى إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان" أن تراجع الناتج القومي ينعكس على تراجع الإيرادات الحكومية بنسبة لا تقل عن 60%، لأنها تعتمد على ضرائب القطاعات الصناعية والخدمية والتجارية في بناء الموازنة السنوية.

 وقال إبراهيم إن متخذي القرار الاقتصادي لا يضعون في الاعتبار هذه الأسئلة، كيف سيتم الحفاظ على الوضع الاقتصادي المعرض للانهيار، خاصة مع حجب المجتمع الدولي تمويل السودان أو إقراضه للخروج من هذا المأزق.

ويقول إبراهيم إن الحكومة لن تجد مفرًا من الاعتماد على الضرائب المفروضة على السلع الواردة ورفع الدولار الجمركي وطباعة العملة، لتعويض الخسائر الناتجة عن تراجع الناتج القومي وشلل القطاعات الحيوية منذ اندلاع الحرب.

وأضاف: "في هذه الحالة الحكومة مثل رجل يطلق النار على قدميه، إلا إذا توقفت الحرب قبل منتصف هذا العام يمكن إجراء بعض المعالجات الإسعافية".

 

الكلمات المفتاحية

سوق - اقتصاد.jpg

ارتفاع أسعار الغذاء والوقود في عدد من الولايات 

سجلت أسعار الغذاء في السودان ارتفاعًا كبيرًا خلال اليومين الماضيين، متأثرة بنقص إمدادات الوقود وزيادة تكلفة النقل بين الولايات وفق ما أفاد متعاملون في هذا القطاع.


الهجمات على بورتسودان

هجمات بورتسودان.. هل تؤثر على الخدمات الحيوية؟

لليوم الثالث على التوالي، لم تنجُ مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة للحكومة ومقر البعثات الدبلوماسية ووكالات الأمم المتحدة والموانئ الرئيسية، من هجمات يُرجَّح أنها نُفذت بواسطة مسيّرات، وفقًا للروايات المتداولة، بينما لم تُعلّق السلطات على التطورات التي وقعت اليوم الثلاثاء، السادس من أيار/مايو 2025.


نقود سودانية

السودان.. ندرة "الكاش" تمنع الخبز والطعام عن المواطنين

لو كنت في السودان قبل عامين، لما وجدت أرقام الحسابات البنكية منتشرة على الجدران أو أبواب المتاجر والمطاعم. بينما اليوم، وبعد أشهر من القيود المصرفية على العملات الورقية، اعتاد الناس على شراء الطعام والخبز وسداد أجرة المواصلات بالتعاملات الإلكترونية


Arabstoday-زراعة_القمح_0.jpg

أزمة الكهرباء تحرم حقول القمح شمال السودان من المياه 

تأثرت مشاريع القمح في الولاية الشمالية بسبب أزمة الكهرباء إثر توقف ماكينات سحب المياه إلى الحقول في أربعة مشاريع زراعية رئيسية بالمنطقة مع اقتراب موسم الحصاد، ما أدى إلى خروج 40% من المساحات عن حسابات الإنتاج.

عامان على الحرب في السودان
سياسة

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة 

على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

مجابهة الكوليرا بالولاية الشمالية.jpg
أخبار

مركز الطوارئ: 2323 إصابة بالكوليرا في السودان خلال 3 أسابيع 

كشف اجتماع مركز عمليات الطوارئ، المنعقد اليوم الثلاثاء بمدينة كسلا، عن تسجيل 2323 حالة إصابة بالكوليرا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بينها 51 وفاة، مشيرًا إلى أن 90% من الإصابات والوفيات سُجلت في ولاية الخرطوم، تحديدًا في محليتي كرري وجبل أولياء.


شيخ كهنة السودان
أخبار

كنائس تنعى شيخ كهنة السودان الأب فيلوثاوس فرج 

نعت كنيسة الشهيد العظيم الأمير تادرس الشطبي وعدد من الكنائس السودانية الأخرى، اليوم الثلاثاء، الموافق 20 أيار/مايو 2025، الأب الدكتور القمص فيلوثاوس فرج، شيخ كهنة السودان، الذي توفي في العاصمة المصرية القاهرة عن عمر يناهز الثمانين عامًا.

البرهان-4_0.jpg
أخبار

بوتين يوجه دعوة رسمية للبرهان للمشاركة في القمة الروسية العربية

تلقى رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، دعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمشاركة في القمة الروسية العربية .

الأكثر قراءة

1
سياسة

الخرطوم.. الجيش يسيطر وأحلام العودة تراود السكان


2
رأي

لأول مرة منذ 12 عامًا.. الدعم السريع خارج ولاية الخرطوم 


3
أخبار

التقاء القوات المسلحة في ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض 


4
أخبار

الجيش يعلن استعادة السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم


5
أخبار

الحارث: مخرجات جلسة مجلس الأمن الأخيرة لم تلبِّ تطلعات السودان