11-سبتمبر-2022
دستور السودان

السبت قال تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الأزمة السياسية في السودان ظلت "دون حل" على الرغم من استمرار الجهود المحلية والإقليمية والدولية الرامية إلى تيسير التوصل إلى حل سياسي لاستعادة انتقال ديمقراطي "ذو مصداقية" بقيادة مدنية، في أعقاب الانقلاب العسكري الذي حدث في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

وفي محاولة لإنقاذ الانتقال الديمقراطي في السودان، طرحت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين مشروع إعلان دستوري جديد في البلاد، وأوضح الأمين العام للجنة التسييرية لنقابة المحامين الطيب العباس في تصريحات لـ"الترا سودان"، أن قطاعًا عريضًا من القوى السياسية والحركات أعلنوا دعمهم لبنود الإعلان الدستوري، وقال إن الإعلان الدستوري مستمد من مواثيق لجان المقاومة "سلطة الشعب".

أقر الإعلان الدستوري إلغاء الوثيقة الدستورية المؤسسة لحكم الفترة الانتقالية المُجهضة على يد العسكر وحلفائهم المدنيين

و بحسب العباسي فأن الإعلان الدستوري يذلل صعوبات "الحوار السوداني السوداني" عبر تسهيل البعثة الأممية، وحظي بإشادة رئيس بعثة يونيتامس وممثل الإيغاد والاتحاد الأفريقي الذين شاركوا في اجتماع تسليم الإعلان الدستوري الذي استمر لساعتين.

وتبني مشروع الدستور المقترح عقوبة الإعدام بحق مقوضي النظام الدستوري ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. وأقر إلغاء الوثيقة الدستورية المؤسسة لحكم الفترة الانتقالية المُجهضة على يد العسكر وحلفائهم المدنيين. لكنه أبقى على كافة المعاهدات والقوانين المبرمة إبان حقبة الحكومة الانتقالية المعزولة، بما في ذلك اتفاق جوبا للسلام. وشدد الإعلان الدستوري على بقاء البند المتعلق بإزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو 1989 وفقًا للقانون.

ولم تكن مبادرة نقابة المحامين هي الأولي في مسارات البحث عن ملء الفراغ في سودان ما بعد الانقلاب وقد سبقتها خطوات أخرى في ذات الطريق، وهو الأمر الذي يعيد طرح السؤال حول قدرة المشروع الدستوري الذي طرحه المحامون في إعادة "ترموميتر" الاستقرار للسودان؟

وهاجم البعض أطروحة المحامين الدستورية ووصفوها بأنها تعبير عما تريده قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، وسبق للقيادي في مركزية التغيير وزير وزارة مجلس شؤون الوزراء في الحكومة التي تم الانقلاب عليها خالد عمر يوسف أن أعلن عن تقديمهم رؤية دستورية جديدة، حيث تم الربط بين تصريحه وخروج الوثيقة، خصوصًا وأن لجنة تسيير النقابة تمت تسمية عضويتها بواسطة لجنة تفكيك التمكين المجمدة.

https://t.me/ultrasudan

فيما ترى المحامية وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني آمال الزين في الإعلان الدستوري من قبل المحامين استمرار لمشروع البحث عن التسوية، ونشرت الزين المحامية في صفحتها الرسمية بالفيسبوك متبرئة من اللجنة التسييرية للمحامين، وأردفت: "صناعة الدستور ليست من مهام التسييرية"، حد قولها.

واعتبر القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج أحد الذين صاغوا الوثيقة الدستورية في العام 2019 التي تم الانقلاب عليها - اعتبر الإعلان الدستوري الذي تقدمت به نقابة المحامين بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذ السودان من التشرذم والتفكك. وقال الحاج لـ"التراسودان"، بأنه شارك ممثلًا للحزب الناصري في كل النقاشات حول الإعلان، لكنه تعمد أن لا يكون جزءًا من الصياغة النهائية للوثيقة التي قام بها محامون على درجة من الخبرة والدراية والوطنية.

ونفى الحاج بأن يكون الإعلان الدستوري بمثابة طوق النجاة لدعاة التسوية، مؤكدًا على أن الوثيقة نصت بشكل واضح على رفض الشراكة مع المكون العسكري ودعت لمغادرته منصة الفعل السياسي في الانتقالية وفيما بعد الفترة الانتقالية.

ورهن ساطع نجاح الإعلان الدستوري بقدرته على خلق أكبر التفاف جماهيري حوله وتعبيره عن إرادة السودانيين في تحقيق تطلعات ثورتهم، ورفض ساطع أن تتم محاكمة الإعلان الدستوري الجديد بظروف توقيع الوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في عام 2019.

في وقت لم يعلق فيه المكون العسكري على الإعلان الدستوري الذي طالب بإبعاده عن السلطة ومحاكمة المتورطين في الانقلاب، ورأي آخرون في الوثيقة مجرد امتداد لرؤية الأمم المتحدة ومبعوثها في الخرطوم فولكر بيرتس في إعادة رسم الخارطة السياسية في السودان، مدللين على رؤيتهم تلك بتسليم النقابة نسخة من الإعلان للمبعوث الأممي.

وحول نجاح الوثيقة في تحقيق اختراق في المشهد السوداني لصالح الاستقرار، يقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي لـ"التراسودان"، أي تحرك في اتجاه خلق حالة من التوافق بين السودانيين في الوقت الراهن مطلوب، وبشدة كما أن الأزمة في البلاد ومنذ الاستقلال تتمثل في غياب الدستور الذي يحسم الخلافات بين الفاعلين في المشهد السياسي ويجد القبول.

محلل سياسي: في حال تم تحديد المعركة في كونها معركة بين المدنيين والعسكريين فإن حسمها يتم بضرورة التوافق بين المدنيين على رؤية موحدة للتغيير

ويضيف مصعب محمد علي: "مشاريع الدساتير تُكتب من ممثلي الشعب وتُراجع و تتم إجازتها من قبلهم. وهو الأمر الذي يضع نقابة المحامين في امتحان الإجابة على سؤال تمثيلها للشعب من عدمه".

ويختم محمد علي: "في حال تم تحديد المعركة في كونها معركة بين المدنيين والعسكريين فإن حسمها يتم بضرورة التوافق بين المدنيين على رؤية موحدة للتغيير، والتعبير عنها في إعلان يحقق أكبر قدر التوافق بين المكونات السياسية". مشيرًا إلى أنه إن حدث هذا التوافق فإن الإعلان الدستوري يمكن أن ينجح في تحقيق اختراق إيجابي، وفي حال العكس فإن مصيره إلى زوال.