منذ الساعات الأولى من صباح الأربعاء؛ عقب نشر وكالة رويترز للأنباء خبرًا عن اعتزام رئيس الوزراء عبد الله حمدوك استقالته من منصبه، بدأت التكهنات تتوالى عن أسباب هذه الاستقالة.
استقالة حمدوك تمكنه من إعادة المشهد إلى ما قبل الانقلاب بخطوات قليلة
لازال حمدوك منذ توقيع اتفاق 21 تشرين الثاني/نوفمبر يتحرك في إطار محدود بمعزل عن الاستقلالية في اتخاذ القرارات، وعلى ما يبدو أنه يواجه تعقيدات في إعادة المشهد كما كان قبل انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر، إذ أن هناك أكثر من مائة موظف في مرافق الدولة أطاح بهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعد الانقلاب، ولازال رئيس الوزراء يأمل في إعادتهم إلى المؤسسات لتسيير المهام قبل استكمال الاتفاق، والذي يعتقد حمدوك أنه يشكل طريقًا للعودة إلى هزيمة الانقلاب من داخل السلطة الانتقالية.
اقرأ/ي أيضًا: تشييع جثمان الشهيد عبدالمنعم وترتيب لموكب مفاجئ نهاية الأسبوع
ومن الأسباب التي دفعت حمدوك للتلويح بالاستقالة؛ مواجهته لصعوبة في تشكيل الحكومة، لأنه تم قطع العلاقة بينه وبين الحاضنة السياسية التي كانت تعمل معه قبل الانقلاب العسكري، ولا توجد أية اتصالات أو لقاءات.
ووجه المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير التهمة لرئيس الوزراء بتجاهل قوى الحرية والتغيير في فترة ما بعد الانقلاب.
وقد تكون هناك مكاسب حققها حمدوك في أعقاب التراجع من الاستقالة، على خلفية تدخلات من وساطات محلية طلبت منه التريث وانتظار تحركات سياسية،
وربما كانت استقالة حمدوك موجهة إلى العسكريين، فالرجل وإن صدرت تسريبات عن عدم رضاه من عدم التعاون معه من الحاضنة السياسية؛ إلّا انه لم تظهر أي تحركات في الأيام السابقة تؤكد سعيه إلى بناء علاقة مع قيادات قوى الحرية والتغيير، وهذا ما أكده تصريح صحفي لوزير مجلس الوزراء خالد عمر يوسف الذي قال إن هزيمة الانقلاب هو المطلوب وبناء جبهة مدنية واسعة.
الحيثيات التي أدت إلى صعود استقالة حمدوك إلى السطح متصلة بالتعيينات الأخيرة التي اتبعها للتمدد إلى مساحات الانقلاب.
وبالعودة إلى المشهد ماقبل تلويح الاستقالة بأيام، ظهرت مقاطع فيديو بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي توضح اقتحام مجموعة سياسية لمكتب والي الشمالية المكلف وتهديده بالاستقالة والمغادرة، إلى جانب ذلك فإن حمدوك اضطر إلى تعيين الأمناء العامين في (15) ولاية بقرار مرادف لقرار وزارة الحكم الاتحادي، لأن الولاة الذين عينهم قائد الجيش رفضوا الاعتراف بإجراءات وزيرة الحكم الاتحادي في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري.
هناك إجراءات أخرى اتخذها حمدوك قبل ساعات من تلويح الاستقالة بتعيين مدير البنك الزراعي والسعي إلى إعادة نائب محافظ بنك السودان فاروق كمبريسي والذي أقاله البرهان بعد الانقلاب بيومين.
يبدو أن الاستقالة والتراجع عنها ستدفع حمدوك إلى بوابة الاستجابة إلى اشتراطاته بتعيين جميع من أطاح بهم الانقلاب وإعادتهم إلى الواجهة، وإذا اتخذت هذه الإجراءات يعتقد حمدوك أنه أعاد جزءًا كبيرًا من الوضع إلى ماقبل 25 تشرين الأول/أكتوبر، بالتالي هزيمة الانقلاب، بل وتنفيذ إجراءات كانت عصية قبل ذلك.
مخاوف الاستقالة تقود حمدوك إلى تحقيق إجراءات إضافية كانت عصية على التنفيذ
دوليًا لا يمكن التنبؤ بسيناريو آخر يراه المجتمع الدولي بديلًا لاتفاق 21 تشرين الثاني/نوفمبر، لأن الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي أعلنوا دعمهم لهذا الاتفاق والاستمرار في تطويره ليكون اتفاقًا دستوريًا.
من هذا المنطلق يمكن أن يحصل حمدوك على دعم دولي واسع جراء التلويح بالاستقالة واعترافه علنًا أنه يواجه عراقيل من العسكريين في تنفيذ مهامه، بالتالي قد يحظى بدعم جديد من الغربيين سواء اقتصاديًا او دبلوماسيًا خاصة في فترة ما بعد التراجع عن الاستقالة.
تقود هذه الاستقالة رئيس الوزراء الذي يمر بفترة مخاض في ولادة حكومته الجديدة إلى تقارب بينه وبين قوى الحرية والتغيير ومجموعة المجلس المركزي، وبالنسبة إلى إبعاد وزراء من الحكومة السابقة يرى أنهم غير معنيين بالاستمرار معهم في حكومة أخرى، خاصة الوزارات ذات الصلة بالاقتصاد.
اقرأ/ي أيضًا: ارتفاع ضحايا أحداث غرب دارفور إلى 148 قتيلًا
ومن المكاسب التي حققها أيضًا تحجيم دور العسكريين في تشكيل الحكومة الجديدة، وفرض شروطه الداعية إلى إبعاد بعض الشخصيات، وهي شروط يمكن الاستجابة لها إذا ما وُضعت بين خياري الاستقالة أو التنفيذ.
اقرأ/ي أيضًا:
المرأة السودانية في 2021.. رصيد ثوري كبير ومحطات مهمة
دال تقترب من شراء "زين السودان".. صفقة أسبابها الأزمة الاقتصادية