29-أكتوبر-2023
أسلحة على الأرض

ربما من السابق لأوانه تحديد موعد لعودة المدنيين إلى منازلهم حال توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع في منبر جدة، وذلك على خلفية المفاوضات التي انطلقت اليوم بشكل موسع في دائرة الإجراءات المباشرة بين الجانبين برعاية الميسيرين الأمريكيين والسعوديين.

وستركز المفاوضات في جدة على وقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية وإيصال المساعدات إلى المناطق الساخنة في العاصمة الخرطوم ومدن الجنينة والأبيض، وأجزاء من شمال كردفان وزالنجي ونيالا والفاشر.

من المتوقع إنهاء جولة المفاوضات الجارية في جدة في غضون أيام قليلة باتفاق قد ينهي القتال ولو بشكل مؤقت والتطوير لاحقًا إلى وقف إطلاق نار دائم في السودان

كما شدد الميسرون الأمريكيون والسعوديون في بيان صدر اليوم الأحد، على أن المفاوضات لن تتطرق إلى "النقاشات السياسية" وستركز على العمليات المتعلقة بوقف النار للأعمال الإنسانية، وهذا التصريح ربما يعني وجود جولة أخرى من المفاوضات بين المدنيين والعسكريين برعاية الاتحاد الأفريقي كما تمضي الأمور، فإذا عدنا إلى الاجتماع التحضيري في أديس أبابا للقوى المدنية الحزبية ولجان المقاومة والحركات المسلحة والنقابات وممثلي التجمعات العمالية، سنلاحظ تركيز البيان الختامي الذي صدر الأربعاء الماضي على إحداث التحول الديمقراطي "عبر العمل التفاوضي".

تحدث "الترا سودان" مع عضو في المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" وهو ضمن المشاركين في الاجتماع التحضيري في أديس أبابا الأسبوع الماضي، حيث علق على الجزئية المرتبطة بعدم اشتمال مفاوضات جدة على المواضيع السياسية لأن طبيعة الصراع عسكرية، لكن أسبابه سياسية. ويرى عضو المكتب التنفيذي أن المفاوضات حتمًا ستتطرق إلى الوضع السياسي لأن الطرفين هناك يتعين عليهما إصدار التزامات سياسية لإيقاف الحرب والمسؤولية في ضمان فترة انتقالية يقودها مدنيون.

وأضاف مشترطًا حجب اسمه: "في حقيقة الأمر ربما ستتكشف لنا الأمور لاحقًا، لكن ربما المجتمع الدولي يحاول تيسير الأزمة ووضع الحل لدى السودانيين أنفسهم ليفعلوا ما يرونه مناسبًا".

ومن المتوقع إنهاء جولة المفاوضات الجارية في جدة في غضون أيام قليلة باتفاق قد ينهي القتال ولو بشكل مؤقت والتطوير لاحقًا إلى وقف إطلاق نار دائم في السودان بين الطرفين المتحاربين وفقًا لمرحلة إجراءات الثقة التي تود الوساطة الأمريكية السعودية القيام بها بين الطرفين.

ويقول الباحث السياسي محمد عبدالمطلب لـ"الترا سودان" إن المفاوضات لا تعني نهاية الحرب، مستبعدًا عودة الحياة المدنية في المناطق الساخنة في شهور قليلة. وقال إن الطرفين ذهبا إلى جدة مضطرين تحت ضغوط دولية ولا يرغبان في وقف القتال، وإذا وقعا على وقف إطلاق النار من المؤكد أنهما قد يتبادلان التوترات خلال فترات ما بعد مرحلة وقف إطلاق النار.

بانر الترا سودان

وأردف: "نحن نتحدث عن عدم وجود إرادة حقيقية للسلام وأن كل طرف يريد سحق الآخر تمامًا رغم أن الحرب تدور فوق رؤوس المدنيين. إنهما لا يكترثان لذلك ربما الضغوط الدولية نفسها جاءت متأخرة".

وتابع: "المجتمع الدولي أو رعاة المفاوضات حاولا انتظار نصف عام حتى يضعف الطرفان من الناحية الفنية لكن من الناحية السياسية لا تزال هناك أطراف ترى في الحرب حلًا للوصول إلى السلطة".

ويرى عبد المطلب أن العملية السياسية حال إطلاقها من الاتحاد الأفريقي كما هو مؤمل قد تستغرق ستة أشهر أو أكثر، وخلال هذه الفترة لن تكون مناطق الحرب جاهزة لعودة المدنيين، ولا يمكن ضمان وجود حماية حقيقية.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان منتصف نيسان/أبريل الماضي نزح أكثر من خمسة ملايين شخص داخل البلاد وعبر مليون لاجئ الحدود وقتل نحو تسعة آلاف من المدنيين ودمرت المرافق المدنية.

وفي حرب وصفها مراقبون بالـ"فوضوية" لم تتمكن سيارات الإسعاف من العمل في شوارع العاصمة الخرطوم أو مدينة أخرى من المناطق الساخنة لانعدام الممرات الآمنة عدا بعض السيارات الخاصة بمنظمة أطباء بلا حدود التي تعمل في ظروف بالغة التعقيد كما وصفت مؤخرًا.

وتواصل "الترا سودان" مع عامل في مجال الإغاثة زار العاصمة الخرطوم خلال فترات الحرب لنقل مواد إغاثة، والذي علق على الأوضاع قائلًا إن الأمور ربما لن تكون معقدة إذا أراد المواطنون البقاء في مناطق بلا كهرباء ومياه في غالبية الأحياء خاصة العاصمة.

عامل في مجال الإغاثة: يمكن إحصاء (35) منطقة في العاصمة الخرطوم لا يمكن البقاء فيها دون ترتيبات أمنية صارمة وتأمين الكهرباء والمياه

وأضاف: "ينبغي أن نعلم جيدًا أن عودة المدنيين لن تكون ميسرة لأن الوضع مرتبط بمدى التزام الطرفين بتنفيذ الاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار والخروج من الأحياء والمنازل.

وأردف: "يمكن إحصاء (35) منطقة في العاصمة الخرطوم لا يمكن البقاء فيها دون ترتيبات أمنية صارمة وتأمين الكهرباء والمياه في وضع السودان الذي يحتاج فيه إلى مساعدات مالية ضخمة لضخ الحياة إلى المناطق التي عانت من الحرب".