30-يونيو-2021

أرشيفية(Getty)

ربما استفادت الحكومة الانتقالية من وصول السودان إلى "نقطة القرار" في برنامج إعفاء الديون وفق ما أعلن صندوق النقد الدولي رسميًا مساء الثلاثاء، ما ساهم في تخفيف حالة السخط الشعبي قبل ساعات من مواكب الثلاثين من حزيران/يونيو.

تعد ذكرى 30 يونيو مناسبة للمطالبة بالعدالة لمئات المدنيين الذين ارتكبت بحقهم مجازر قرب القيادة العامة للجيش

وتعد ذكرى الثلاثين من حزيران/يونيو مناسبة بالنسبة لقوى الثورة لأنها اللحظة التي استعاد فيها الشارع زمام المبادرة عقب فض اعتصام القيادة في الثالث من حزيران/يونيو 2019، حينما فرض معادلته على العسكريين في الثلاثين من حزيران/يونيو 2019 بتدفق مئات الآلاف من السودانيين في الشوارع.

اقرأ/ي أيضًا: "سيدات السودان" يعبرن عن دعمهن لمبادرة حمدوك

وبدت شوارع السوق العربي خالية من المارة و حركة السيارات في وقت مبكر من الصباح، وعلى ما يبدو أن القرار الذي  جاء من حكومة ولاية الخرطوم في وقت متأخر من مساء الثلاثاء للعاملين بعدم مزاولة العمل اليوم الأربعاء، لعب دورًا في تخفيف الزحام وسيطر  الهدوء على الشوارع في قلب العاصمة.

العامل الأكثر أهمية الذي أدى الى تقليل الضغط على الحكومة الانتقالية إعلان مجموعات سياسية تتبع للنظام البائد الخروج للإطاحة بحكومة حمدوك، حيث أعلن محتجون فاعلون في لجان مقاومة الخرطوم أنهم لن يتظاهروا ضد الحكومة الانتقالية لمنع استغلال عناصر النظام البائد للاحتجاجات.

ويقول محمد قديم في تصريح لـ"الترا سودان"، وهو ناشط فاعل في لجان مقاومة الخرطوم جنوب، إنه لم يلبِ دعوات التظاهر اليوم الأربعاء لأنه يدعم المدنيين في السلطة الانتقالية، قائلًا إن رئيس الوزراء حقق تقدمًا كبيرًا فيما يتعلق بإعفاء ديون البلاد البالغة (58.8) مليار دولار.

وتابع: "لا أرى سببًا مقنعًا للخروج ضد الحكومة الانتقالية التي تحتاج إلى المساندة السياسية لأنها تفتقر للحاضنة السياسية، ورغم ذلك حمدوك بدى أكثر حركة وحصل على إعفاء ديون السودان بمقدار (23) مليار دولار في المرحلة الأولى".

لكن بالنسبة للجماعات التي تتبنى خط الإطاحة بالسلطة الانتقالية فإن هذه المبررات غير كافية لأن الحكومة في نظرهم فاقمت من الوضع المعيشي ورفعت أسعار الغذاء وحرمت الملايين من العلاج والتعليم وضاعفت سعر الصرف عما كان عليه عند استلامها السلطة في أيلول/سبتمبر 2019 من (70) جنيهًا للدولار الأمريكي إلى (475) جنيهًا في السوق الموازية.

ويقول المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين وليد علي أحمد لـ"الترا سودان"، إن الاحتجاجات وسيلة للإطاحة بالسلطة الانتقالية بشقيها العسكري والمدني لأنهم رهنوا البلاد للقوى الخارجية وأضعفوا قدراتها الداخلية.

ومع تقدم المواكب نحو منطقة وسط العاصمة والتي تضم مقار القصر الرئاسي ومجلس الوزراء ووزارة الدفاع، شيدت الشرطة حواجز أمنية في الشوارع التي تؤدي الى هذه المقار ولم تتوان عن إطلاق الغاز المسيل للدموع مع موكب يرجح أنه كان يضم عناصر للنظام البائد تحرك من محطة شروني للحافلات متجهًا نحو القصر الرئاسي، وهو أول موكب تعرض لإطلاق كثيف لعبوات الغاز حتى تفرق بين أزقة السوق العربي.

اقرأ/ي أيضًا: عضو لجنة قانون الأمن الداخلي: ملاحظات العسكريين ركزت على التبعية والصلاحيات

ولعبت نداءات أطلقتها منصات تتبع للنظام البائد بحسب لجنة إزالة التمكين في إضعاف انضمام لجان المقاومة إلى احتجاجات الثلاثين من حزيران/يونيو، والتي اتهمت مجموعات تابعة إلى النظام البائد بتسليح العصابات في غرب أم درمان لإثارة الهلع.

لجنة إزالة التمكين: خلايا تتبع للنظام البائد خططت لإثارة الفوضى في الخرطوم في عدة نقاط 

وذكر عضو اللجنة وجدي صالح في مؤتمر صحفي بالتزامن مع انطلاقة الاحتجاجات بالخرطوم اليوم، أن: "خلايا تتبع للنظام البائد خططت لإثارة الفوضى في الخرطوم في عدة نقاط تشمل نفق عفراء وشارع المطار والسوق العربي، لكن القوات الأمنية ألقت القبض عليهم وأجرت تمشيطًا واسعًا في المناطق التي تسللت إليها بعض العناصر".

ولم يمنع الموكب الذي ضم عناصر النظام البائد في وسط العاصمة لجان المقاومة من تنظيمها مواكبها نحو القصر الرئاسي ومجلس الوزراء، ففي مدينة أم درمان شق موكب سلمي الأحياء نحو جسر النيل الأبيض ليصطدم بجدار الشرطة التي أطلقت عبوات الغاز المسيل للدموع ومنعت المحتجين من عبور الجسر نحو الخرطوم.

وتقول سماح مصطفى وهي فاعلة في لجان مقاومة أحياء أم درمان لـ"الترا سودان"، إن التظاهر حق مكفول ولا يمكن منع حرية التعبير بحجة أن النظام البائد يخطط لإثارة الفوضى لأن "الثوار الحقيقيين" كما تقول سماح، دعاة للسلمية.

حينما استنفد موكب أم درمان قبالة البرلمان الحلول لعبور جسر النيل الأبيض بسبب الغاز المسيل للدموع والترسانة الأمنية؛ حاول المحتجون السلميون تغيير المسار إلى جسر الحلفايا لكن ضيق الوقت وطول المسافة شكلا عائقًا أمام إتمام المهمة.

أما في الخرطوم تعرض الموكب الذي تحرك من حي الصحافة محطة (7) غربًا نحو شارع القصر والذي انضمت إليه مواكب من حي الديوم والامتداد والسجانة والعمارات -تعرض لقمع مفرط في محطة شروني للحافلات عندما حاول المتظاهرون الوصول إلى شارع القصر جوار كلية الطب جامعة الخرطوم.

وأطلقت الشرطة وابلًا من الغاز تجاه المحتجين السلميين لمنع التقدم نحو القصر الرئاسي الذي احتمى بترسانة أمنية محكمة منذ وقت مبكر من الصباح بسبب دعوات عناصر النظام البائد التي وضعت لجنة التفكيك في قلب إدارة الأزمة.

وتقول نبراس عبدالرحمن وهي فاعلة في مقاومة الخرطوم جنوب لـ"الترا سودان"، إنها ركضت مسافة طويلة حتى حي الخرطوم ثلاثة من محطة شروني للاحتماء من الشرطة وعبوات الغاز.

وتحذر نبراس من استغلال قمع العناصر الموالية للنظام البائد لقمع "الشارع الثائر"، لأن هذا المنحى خطير على حد تعبيرها، وقد يحدث انقسامًا في صفوف المقاومة المسؤولة عن إنجاز التحول الديمقراطي.

أما المهدي حسن وهو شاب ليبرالي التوجه امتنع عن التظاهر اليوم الأربعاء ويعتقد أن تلبية دعوات التظاهر غير مقبولة لأنه يعد أحد الداعمين لحكومة حمدوك ضد النظام البائد، فهو يرى أن تلبية دعوات الاحتجاج قد تجعلك أداة للاطاحة بالشق المدني في الحكومة والعودة إلى عهد الاستبداد العسكري.

اقرأ/ي أيضًا: فولكر بيرتس: قرار صندوق النقد الدولي خطوة مهمة تقود لتخفيف ديون السودان

ويستند رافضو التظاهر ضد الحكومة الانتقالية على وجود نقاط ايجابية تحسب لصالحها منها انخراط السودان في برنامج إعفاء الديون الخارجية وتحقيق إصلاحات على الاقتصاد ببيع السلع الأساسية مثل الوقود والقمح والكهرباء دون الحاجة الى الدعم الحكومي.

متحدث المهنيين: سنقاوم السياسات الاقتصادية حتى إفشالها 

لكن في المعسكر المناوئ للحكومة الانتقالية تسجل جميع هذه النقاط ضدها لأنها أشعلت الأسعار ومنعت ملايين السودانيين من الحصول على ضروريات الحياة بشكل ميسر ورهنت البلاد لقوى خارجية وتسببت في سحق الطبقات الدنيا.

ويقول المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين وليد علي أحمد : "الاقتصاد الحر نهب لثروات بلادنا لأن الحكومة عجزت عن استغلال الموارد المتاحة ووضعت العبء على المواطن. هذه ليست سياسات اقتصادية حرة بل هي طفيلية وسنعمل على إفشالها بالوسائل السلمية".

اقرأ/ي أيضًا

السودان يصل لـ"نقطة القرار" في مبادرة "هيبك" بصندوق النقد الدولي

"سيدات السودان" يعبرن عن دعمهن لمبادرة حمدوك