تعد مدينة أم روابة في ولاية شمال كردفان موضوعًا لحكايات تاريخية عريقة وتحديات إنسانية معاصرة. في ظل التاريخ المضطرب للمنطقة، خاضت أم روابة تحدّيات شتى، لكن حرب 15 أبريل لم تكن مجرد تحدٍّ عابر، بل عصفت بأركان حياة السكان والبنية التحتية بدرجة غير مسبوقة.
بعد أن كانت أم روابة مركزًا للنشاط التجاري والحياة الاجتماعية، شهدت تدهورًا كبيرًا نتيجة الحرب المدمرة التي اجتاحت المنطقة
بعد أن كانت أم روابة مركزًا للنشاط التجاري والحياة الاجتماعية، شهدت تدهورًا كبيرًا نتيجة الحرب المدمرة التي اجتاحت المنطقة. تعرضت المدينة لدمار هائل وفقد سكانها موارد حيوية، من البنية التحتية إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية.
تأثيرات حرب 15 أبريل على البنية التحتية والمرافق الأساسية
منذ 15 أبريل 2023، شهدت مدينة أم روابة دمارًا هائلًا في بنيتها التحتية، وتضررت الطرق والمدارس والمستشفيات تضررًا كبيرًا. لم يتمكن السكان من الوصول بسهولة إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المدينة.
منذ بداية الحرب، غابت تمامًا كل مظاهر الدولة ومؤسساتها في أم روابة، حيث لم تعد هناك محاكم أو نيابات أو بنوك. وتقع المدينة حاليًا بالكامل تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ يوليو 2023 حسب مصادر محلية، كما تأثرت الجهات الخدمية بدرجة كبيرة، مما أدى إلى انعدام الخدمات الحكومية الأساسية.
وأكد مواطنون أن "الوضع الإنساني صعب للغاية"، وأن "السكان يعانون منذ فترة طويلة". وتعد مشكلة انقطاع التيار الكهربائي نتيجة حريق في محطة كهرباء أم روابة منذ 11 مايو الذي تعاني منه المدينة مشكلة هائلة، وأدى ذلك إلى نزوح بعض الأسر بحثًا عن ظروف أفضل، وفق إفادات مواطنين.
مصادر موثوقة أكدت أن "بعض المساعدات الإنسانية تقدم بجهود ذاتية من أبناء المنطقة، ولكن لا توجد أي منظمة محلية أو دولية قدمت يد العون اللازمة للمساعدة في تخفيف معاناة السكان".
محطة كهرباء أم روابة
تعرضت محطة التحويل الكهربائية في مدينة أم روابة لحريق مدمر في 11 مايو 2024، وفق ما أفاد مرتضى الإمام، عضو مبادرة طيبة الطيبة، موضحًا أن الحريق خلف "أضرارًا جسيمة في المحطة، فيما تلف جهاز البسبار بقدرة 33KV، وتلفت كوابل الكنترول، مع تلف جزئي في كويل المحول بقدرة 220KVA".
ويعمل فريق الصيانة حاليًا على إصلاح الأضرار واستعادة الكهرباء بالمدينة. ومع ذلك، يبقى غير واضح توقيت استعادة الكهرباء بالكامل، نظرًا إلى صعوبة الحصول على الأجهزة والمعدات البديلة المطلوبة، خاصة مع تحديات الإمدادات في ظل الظروف الحالية، وفقًا لمصادر محلية.
أزمة المياه في أم روابة
يقول مرتضى الإمام، عضو مبادرة طيبة الطيبة، إن مدينة أم روابة تعتمد اعتمادًا أساسيًا على الآبار الجوفية، ويشير إلى أن الآبار المرتبطة بالكهرباء توقفت جراء الحريق الذي أصاب محطة الكهرباء. ويوضح أنه "لعدم توفر المولدات في بعض الآبار، هنالك نحو سبع آبار فقط في كل المدينة بها مولدات، وتغذي بعض أحياء المدينة، لافتًا إلى وجود آبار تجارية تستخدم لتلبية احتياجات السكان.
وفيما يتعلق بطرق الحصول على المياه، يقسم السكان إلى ثلاث فئات، ويوضح الإمام أن "الفئة الأولى تستفيد من توصيل المياه عبر الأنابيب، في حين تعتمد الفئة الثانية على الشاحنات عبر تبرعات الخيرين لتوفير المياه. أما الفئة الثالثة فتضم الذين يسكنون في أطراف المدينة، ويضطرون إلى الذهاب إلى الآبار التجارية بالسيارات، وفي بعض الحالات، ينقل النساء الماء بالأواني على رؤوسهن".
مبادرات محلية
مرتضى الإمام، عضو مبادرة "طيبة الطيبة"، يوضح أن المبادرة تعد مبادرة مجتمعية خاصة بحي طيبة، وشباب حي طيبة هم "عمودها الفقري"، وفق تعبيره. واطلقت المبادرة في العام 2019 وعملت لفترة، ولكن توقفت لظروف. وفي الوقت الحالي، "استؤنفت المبادرة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المدينة، بهدف تقديم حلول أفضل لمشكلة نقص المياه" – يردف الإمام.
وعن الجهود الحالية، يقول الإمام: "نحن حاليًا نعمل بخطة لتوفير المياه، وبدأنا بجمع التبرعات التي نأمل من خلالها توفير الوقود اللازم لتشغيل المولدات." ويشير إلى تطلع المبادرة إلى تحقيق "حلول مستدامة"، قائلاً: "نسعى إلى تقديم حلول أفضل لهذه المشكلة من خلال توفير منظومة طاقة شمسية".
عضو بمبادرة "طيبة الطيبة": نطمح إلى أن نكون قادرين على إنجاز شيء ملموس في الحي، وأن نكون جزءًا من تحسين الوضع في المدينة
وأعرب الإمام عن أمله في قدرة المبادرة على إحداث تأثير إيجابي في حي طيبة وفي مدينة أم روابة عمومًا، مضيفًا: "نطمح إلى أن نكون قادرين على إنجاز شيء ملموس في الحي، وأن نكون جزءًا من تحسين الوضع في المدينة".
ومع التحديات الكبيرة التي تواجهها المدينة، إلا أن الإرادة القوية للشباب والمبادرات المجتمعية تمثل نقطة أمل لتحسين الأوضاع المعيشية وتحقيق التنمية. ويُنتظر من السلطات المعنية دعم هذه الجهود وتقديم الدعم اللازم لتحقيق التقدم والاستقرار في المدينة.